إن الحجر ختمه
اليهود، وجسدك الطاهر حرسه الجنود، لكنك قمت في اليوم الثالث، أيها المخلص، واهباً
العالم الحياة. لذلك قوات السماوات هتفت إليك يا معطي الحياة: المجد لقيامتك أيها
المسيح. المجد لملكك. المجد لتدبيرك، يا محب البشر وحدك. إن مريم المجدلية بشرت
بقيامة المخلص من بين الأموات وبظهوره لها. ولكن التلاميذ ارتابوا، فوبخوا لقساوة
قلوبهم. ولما تقلدوا الآيات والمعجزات وأرسلوا إلى التبشير. أما أنت يا رب، فقد
صعدت إلى أبيك مصدر النور، وهم بشروا بكلمتك في كل مكان، مثبتين أياها بالعجائب.
فنحن الذين بهم استنرنا نمجد قيامتك من بين الأموات أيها الرب المحب للبشر. (مقطع
من صلاة القيامة الباكرية).
تتضمن القيامة بحسب
تعليم الكتاب المقدس قيامة الأجساد وتغيير هذه الأجساد وبقاءها إلى الأبد. فيختلف
هذا التعليم إذن عن عقيدة المصريين القدامى التي تقول بأن أل (باء) أو الشخصية
الهيولية للإنسان الميت كانت تقوم بزيارة الجسد المحنط من وقت إلى آخر. ويختلف
أيضاً هذا التعليم عن الرأي الذي قال به الفيلسوف اليوناني افلاطون أن النفس هي
الخالدة فحسب. ويختلف أيضاً عن القيامة والعودة إلى الأرضية المألوفة كما حدث في
قيامة ابن أرملة نايين (لو 7 : 11-17 ). وكما حدث أيضاً في قيامة لعازر (يو 11: 1 –
44).
أولاً: القيامة في العهد القديم: يظهر من الإيمان
بالإقامة
والجزاء الوارد في أيوب 19 : 25 – 27 بأن القيامة مفهومة ضمناً. وكذلك تذكر القيامة
ضمناً في المواضيع التي يعبر فيها عن رجاء الحياة الآتية مع الله وفي حضرته في
المزامير (مثلاً 16: 9 – 11 و 17 : 15 و 49 : 15 و 73 : 24) ويحدثنا إشعيا 26 : 19
عن قيامة المؤمنين، وكذلك يعلم دانيال 12: 2 عن قيامة البعض للحياة الأبدية وقيامة
آخرين للعار والإزدراء الأبدي ويصف حزقيال في أصحاح 37 نوعاً من القيامة يرمز إلى
نهوض شعب الله.
ثانياً: القيامة في
العهد الجديد: أخبر المسيح بقيامته من بين الأموات مرات عديدة قبل صلبه وموته ودفنه
(متي 12: 38 –40 و 16 : 21 و17 : 9 و 23 و 20 : 19 و 27 : 63 ومرقس 8 : 31 و 9 : 9
و 31 و 10 : 34 و 14 : 58 ولوقا 9 : 22 و 18 : 33 ويوحنا 2 : 19 و 21 ). لكن لم
التلاميذ هذه الأقوال تماماً إلا بعد قيامة المسيح من بين الأموات. وأصبحت قيامة
المسيح إحدى الدعائم الأساسية القويمة التي بنيت عليها مناداة الرسل فكان محور
تبشيرهم أن المسيح قد قام من بين الأموات (أعمال 2 : 32 و 1كو 15 : 4 ). وتقدم
الاناجيل وسفر اعمال الرسل ورسائل العهد الجديد براهين وحججاً للقيامة لا يمكن أن
يتطرق إليها الشك وهي:-
1. القبر الفارغ :
تحقق لنا الأناجيل الأربعة بأن القبر الذي وضع فيه جسد يسوع بعد الصلب وجد في فجر
يوم أحد القيامة فارغاً خالياً خاوياً (متي 28 : 6 ومرقس 16 : 6 ولوقا 24 : 6
ويوحنا 20 : 1 و2). وإن لفائف الكتان والأربطة التي لف بها جسد يسوع وربطت حول رأسه
وجدت موضوعة بكيفية جعلت يوحنا يوقن بأن جسد المخلص خرج من هذه اللفائف والأربطة
بطريقة معجزية من دون أن تحل اللفائف أو تفك الربط (يوحنا 20 : 5 – 8 ). وقد أوضح
الملاك حقيقة القبر الفارغ بالقول ((أنه قد قام)) ( متي 28 : 6). وقد حاول بعض قادة
اليهود ورؤسائهم أن يفسروا حقيقة القبر الفارغ بأن إدعوا أن تلاميذه سرقوا الجسد
(متي 28 : 12-15). ولكن يظهر بطلان هذه الأكذوبة في أن تلاميذ يسوع نادوا بالقيامة
محققين إياها بالرغم عما جلبت عليهم هذه المناداة من السجن والموت. وقد حقق بطرس
القيامة بشجاعة وقوة في أورشليم (أعمال 2 : 32) حيث كان القبر الذي وضع فيه جسد
يسوع قريباً وكان في استطاعة أي إنسان أن يراه فارغاً.
2. ظهور المسيح بعد
القيامة: ظهر المسيح بعد القيامة لشهود كثيرين في أماكن عديدة متفرقة يبعد أحدها عن
الآخر مسافات شاسعة، وقد ظهر أيضاً في ظروف ومناسبات متعددة ومتباينة:-
أ: فقد ظهر لمريم
المجدلية (مرقس 16:9).
ب: ولبعض النساء
التلميذات (متي 28 :9).
ج: ولبطرس (1كو
15:5).
د: وللتلميذين الذين
كانا ذاهبين إلى عماواس (لوقا 24 : 15-31).
هـ : وللرسل العشرة
وفي هذه المرة لمسوا يسوع وجسوه، وأكل أمامهم فأثبت لهم أنهم لا يرون رؤيا بل حقاً
المسيح المقام (لوقا24 : 36-43).
و: وظهر للإحدى عشر
رسولاً وتوما معهم ولم يكن توما موجوداً في المرة السابقة التي ظهر فيها المسيح
للرسل ولذلك شك ولم يؤمن إلا لما ظهر لهم يسوع وتوما معهم (يوحنا 20 : 21 – 28).
ز. ظهر لسبعة من
التلاميذ الذين كانوا يصطادون السمك في بحر الجليل (يوحنا 21:1-24).
ح. وظهر للأحد عشر
رسولاً في الجليل (متي 28: 16 و 17).
ط. وظهر لخمس مئة من
المؤمنين (1كو 15: 6 ). وربما تم هذا الظهور في نفس الوقت الذي ظهر فيه للأحد عشر
رسولاً في الجليل.
ي. ثم ظهر ليعقوب
(1كو 15 :7).
ك. وظهر للأحد عشر
رسولاً فوق جبل الزيتون عند الصعود (أعمال 1: 2-9 ).
ل. ثم ظهر لشاول
الطرسوسي وقت أن كان عدواً للمسيحيين وكان ذاهباً إلى دمشق ليضطهدهم (أعمال 9 :
1-5). وهذه السحابة من الشهود الكثيري العدد تؤيد من غير شك، حقيقة قيامة يسوع
المسيح من بين الأموات كحقيقة تاريخية ثابتة.
3. التغيير الذي حدث
في حياة التلاميذ: فقبل أن رأى التلاميذ يسوع المقام وقبل أن سمعوه كانوا في حالة
من اليأس والخوف والذعر (لوقا 24: 17 – 21 ويوحنا 20 : 19). أما عندما رأوا المسيح
المقام وعندما سمعوه، وعندما حل عليهم الروح القدس الذي أرسله إليهم حدث تغيير عجيب
معجزي في حياتهم فتحولوا من اليأس إلى الرجاء، ومن الخوف إلى الثقة والاطمئنان.
وانطلقوا ينادون بالمسيح المصلوب المقام غير هيابين ومن دون خوف أو وجل.
4. إقامة شعائر
العبادة المسيحية في اليوم الأول من الاسبوع: كان يوم السبت هو يوم العبادة عند
اليهود وفقاً للوصية الرابعة (خروج 20 : 8 –11). إلا أن المسيحيين الأولين وكان
كثيرين منهم من أصل يهودي، كانوا يجتمعون في اليوم الأول من الأسبوع للعبادة وكسر
الخبز (أعمال 20 : 7 و1كو 16 : 2). وما حدث هذا الغيير إلا إكراماً لقيامة المسيح
التي تمت في يوم الأحد.
إن قيامة المسيح
برهان قوي على أنه ابن الله (يوحنا 20: 28 وروما 1 :4). وهي التي تحقق لنا خلاصنا
من الخطيئة (1كو 15 : 17). وتبررنا (روما 4 : 25). وهي مصدر قوة الحياة المسيحية
(فيليبي 3 : 10). وهي أقوى ضمان للمؤمنين به على أنهم سيقومون من بين الأموات (1كو
15: 12 – 23).
ثالثاً: القيامة
العامة: لقد علم المسيح بوضوح بأن الموتى سيقومون. ولقد نقض حجة الصدوقيين الذين
كانوا ينكرون القيامة، من أسسها. وأوضح لنا أنه بعد القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون
وأنه لا يكون بعدها موت جسدي (متي 22: 23 – 33 ومرقس 12 : 18 –27 ولوقا 20 : 27
–30). وكثيراً ما نرى تعليم المسيح عن القيامة العامة مرتبطاً بتعليمه عن الدينونة
النهائية (متي 11 : 22 و 24 و 12 : 41 و 42 و 25 : 31 – 46 ويوحنا 5 : 28 و 29).
وقد علم الرسل أيضاً عن القيامة العامة التي فيها يقوم الأبرار والخطاة (أعمال 24 :
15) عند الدينونة الأخيرة (رؤيا 20 : 12 و 13). ويظن بعضهم أن "القيامة الأولى"
المذكورة في رؤيا 20 : 5 تشير إلى قيامة أجساد الشهداء، ويظن آخرون أن هذه العبارة
تشير إلى انتقال أرواح المؤمنين إلى السماء. ويصف الكتاب المقدس جسد المؤمنين في
القيامة بأنه يكون في "عدم فناء" وفي "مجد" وفي "قوة" ( 1كو 15 : 42 و 43). وبأنه
سيتغير إلى شبه جسد المسيح المجيد (فيليبي 3 : 21 ). ويستخدم الرسول بولس القيامة
كحافز للمؤمنين ليحفظوا أجسادهم نقية وليتجنبوا الخطايا الجسدية (1كو 6 : 13 و 14). |