المزمور 121 هو أحد المزامير
الرائعة (حسب رأيي الشخصي) وكثيرا ما ارنمه، خاصة عندما اكون وحيدا او مسافرا.
وكاتب هذا المزمور ليس هو النبي داود، كما يعتقد البعض، فالكاتب لم يذكر اسمه،
ويعتقد الكثيرون انه حزقيا، والذي كان الملك الخامس عشر ليهوذا، المملكة الجنوبية،
وقد أجرى اصلاحات دينية ومدنية و كانت له علاقة شخصية متنامية مع الله.
وبالعودة الى المزمور 121 والمتكون من ثمان آيات، نرى القليل من الاختلاف في طريقة
الكتابة او الترجمة لمقدمة المزمور. ففي كتاب التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، يبدأ
المزمور بالاية الاولى، وهي مكتوبة على شكل سؤال...
وهو سؤال قد يسأله كل شخص منا: "أرفع عيني الى الجبال، من أين يأتي عوني؟". و
الجواب على هذا السؤال يأتي سريعا في الاية الثانية من المزمور "يأتي عوني من عند
الرب، صانع السماوات والأرض". ولا اعتقد أن أحدا منا يختلف على هذا الجواب، لاننا
لا نستطيع عمل الاشياء بالاعتماد على انفسنا بل إن العون والقوة تأتي من الله بعد
الاعتماد الكلي عليه.
لكن...
وعند تصفحي وقراءتي للكتاب المقدس في صفحات الانترنت * وجدت أن طريقة كتابة الاية
الاولى تختلف عما هو مكتوب اعلاه، فالاية هنا ليست مكتوبة على شكل سؤال "ارفع عيني
إلى الجبال من حيث يأتي عوني"...
وهنا نرى العون يأتي من الجبال!، وقد يفسر البعض ذلك ان الجبال بعلوها وضخامتها قد
تكون هنا رمزا لعلو الله وعظمته. وبعض الاباء يفسر لنا الأمر بأن العون يأتي من
الجبال وذلك بالرجوع للأحداث التي وقعت على الجبال والمذكورة في الكتاب المقدس.
فالرب يسوع اعطانا التعاليم والموعظة على الجبل (متى 5: 1- 12) وكذلك نراه ينتصر
على الإبليس وتجاربه على قمة جبل (متى4: 8- 11)، ويسوع ايضا تجلى امام تلاميذه بطرس
ويعقوب ويوحنا فوق جبل عال، حيث اعلن عن ألوهيته (متى 17: 1- 9)، وعلى جبل الزيتون
صلى الرب يسوع قبل الصلب (لوقا 22: 39- 46)، وعلى جبل الجلجثة تم الخلاص لنا بصلب
وموت ربنا يسوع المسيح (يوحنا 19: 17، 18)...
واخيرا وليس آخرا كان صعود يسوع الى السماء من على سفح جبل (متى 28: 16). بالإضافة
الى الكثير من الاحداث و المعجزات التي حدثت على الجبل.
وبمعنى آخر فإن العون يأتي من عند الرب يسوع،
والتأكيد على ذلك يأتي لنا من خلال الآية الثانية: "معونتي من عند الرب صانع
السموات والأرض".
أما بقية هذا المزمور الرائع فلا توجد فيها أية
اختلاف بين كتاب التفسير التطبيقي للكتاب المقدس والكتاب المقدس في شبكة الانترنت،
إنما مجرد اختلاف طفيف في الترجمة واستخدام الكلمات. ففي الاية الثالثة من المزمور:
"لا يدع قدمك تزل. لا ينعس حافظك." نرى كم أن رحمة الله الآب ومحبته كبيرة لنا نحن
الأبناء. فيسوع علمنا في الصلاة الربية بأن نصلي لكي لا ندخل في التجربة، لكن...
حتى اذا دخلنا في أية تجربة من قبل الإبليس الذي يحاول اسقاط ابناء الله في
الخطيئة، فنحن على علم بأن الله هو معنا دائما لا ينعس ولايدع قدمنا تزل، والمطلوب
منا هو ان نضع امورنا في يد الله.
الآية الرابعة من المزمور هي تأكيد وتكملة للآية
السابقة: "لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل". نعم يا اخوتي...
إن الله لا ينام ولا ينعس، بل يحافظ علينا نحن شعبه، يحافظ على كنيسته من اعمال
الابليس، فشعب الله ليس فقط هو الشعب العبراني لأن الله قادر على أن يصنع من
الحجارة اولادا لإبراهيم. فالله معنا دائما ولا ينسانا. بل نحن ننسى الله احيانا
وننسى نعمته لنا، وننعس كما فعل تلاميذ المسيح من قبل في بستان الزيتون (لوقا 22:
45- 46).
الآية
الخامسة: "الرب هو حافظك. الرب ستر لك عن يمينك". كما قلنا سابقا ان الله يحفظنا،
فهو يحفظ كل شخص منا، كأب يحفظ اولاده وكراع صالح يحفظ خرافه. الله هو ستر وظل من
على يميننا، فجهة اليمين هي رمز القوة، والمسيح يجلس عن يمين الآب يتضرع من اجلنا
(مرقس 16: 19)، (رومية 8: 34). ونرى أيضا أن اليمين هو رمز الصلاح والبركة، كما هو
مذكور في انجيل متى ( 25: 33- 34): "فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار.. ثم
يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت
المعد لكم منذ تأسيس العالم".
الآية
السادسة: "لا تضربك الشمس في النهار ولا القمر في الليل". نعم...
إن الله يحفظنا ايضا من ضربة الشمس وحرها وأعراضها في النهار، بالإضافة إلى أنه
يحمينا من ضربة القمر. وقد أكد العلم الحديث أن ضربة القمر تحدث ولا سيما في
الصحراء، وينتج عنها العمى أو الجنون، بالاضافة الى ان القمر يؤثر في المد والجذر
في البحر، ويمكن بالتالي أن يغرق الكثيرين من ركاب السفن اثناء هيجان البحر في المد
والجذر.
الآية
السابعة: "الرب يحفظك من كل شر...
يحفظ نفسك"... والآية
الثامنة: "الرب يحفظ ذهابك وإيابك من الآن وإلى الدهر". إن الآية السابعة هي تتمة
وتأكيد للآيات السابقة عن حماية الله وحفظه لنا، فالله لا يحفظ اجسادنا من ضربة
الشمس والقمر وحسب...
بل يحفظ أيضا نفسنا من الشر والشهوات...
كما يحفظ ذهابنا وإيابنا كذلك، وكما قلت سابقا: إن الله معنا دائما الآن وإلى أبد
الدهر... آمين. |