حتى متى أيها الحبيب والصديق تكمل كل حين ما يسر العدو وحتى متى تخدم الجسدانيات وتتعبد لها.
امسك بمشورتي التي تحييك وتطهر نفسك مع جسدك تقدم إلى المخلص الشافي كافة الذين يجثون إليه بتوبة حارة.
اهرب من الحية وفسادها لأنه من يصدم بالحجر مرتين فذاك أعمى ولا يبصر ما يجب أن يهرب منه. إن كان لك حرص فتزايد في التوبة مستعطفًا الخالق متواضعًا ومكتئبًا متنهدًا ومتوجعًا. مصغيًا إلى أواخر زكا العشار، ومتى اللذين تبعا المسيح.
وكذا المرأة الزانية المتنعمة عندما مسحت قدمي المخلص بشعرها انتشلت من جب المآثم العميق.
أبصر نينوى المدينة الجميلة الصاخبة بالخطايا والرذائل، فوعد أن يقلبها ولما عاين هؤلاء المتنعمين أصبحوا في المسح والرماد والصوم والنوح والدموع متقشفين مرتعدين وصاروا متغيرين متساويين في التوبة الأحرار منهم والعبيد، التجار والفقراء، الرؤساء والمرؤسين الذكور والإناث الشيوخ والأطفال. لما رآهم كلهم متذللين تراءف عليهم الرب وخلصهم، وهكذا أسرعوا إلى الإغاثة، فالرب فاتح للقارعين يعطي المحتاجين بل يفرح معهم.
إن سقطت تب، ابتهل وتضرع، وأسجد وأطلب فتأخذ، اسأل أن تخلص وإذا تقومت تقدم، إذا برئت فاثبت، إذا شفيت فابتعد عن المرض، لا تضرم اللهيب الذي أطفأته، لا تعبر بالحمأة وتقع فيها تلك التي غسلتها بالجهد، فلا تماثل الخنازير الذين يفرحون بالحمأة، ولا تشابه الكلاب التي تلحس قيئها.
فمن يضع يده على المحراث وينظر إلى خلف لن يجد الملك، ومن اغتسل لا يعود إلى الوسخ، فالمسيح واحد والإيمان واحد والصليب واحد والقيامة واحدة فلا تصر عبدًا بإرادتك للعبودية والمجد لربنا دائمًا آمين.
إلى الآن كنت تعد نفسك بالتوبة وتقول سأتوب غدًا فمن الآن ابعد عن الخطية أن تأتيك غدًا، وقل لها انطلقي اليوم .ادفع الخطية من يوم إلى يوم كما دفعت التوبة، وأطرد الخطية كما طردت التوبة بالأعذار إلى اليوم وكما كنت تؤخر عمل الصلاح كذلك افعل بالخطية حتى تجد الغلبة.
جاء في كتاب بستان الرهبان أن شيخًا حدثته أفكاره قائلة له استرح اليوم وتب غدًا فقال (لن يكون ذلك أبدًا بل عليّ أن أتوب اليوم ولتكن مشيئة الرب غدًا).
أيها الأخ اعمل في حداثتك لكي لا تندم في أواخرك لا تنافس الأشرار ولا تباري الذين يعملون الإثم فإنهم كالحشيش يجفون سريعًا وكبقل الخضرة يذبلون قريبًا. توكل على الرب واعمل صلاحًا.
تعالوا يا أحبائي، هلموا يا آبائي وإخوتي يا رعية الآب المختارة يا جند المسيح الموسومين. تعالوا اسمعوا قولا يخلص نفوسكم. هلم نتجر مادام الموسم قائمًا. تعالوا نجد الحياة الأبدية. هلم نتبع خلاصًا لنفوسنا. املأوا أعينكم دموعًا فللوقت تنفتح أعين أذهانكم. تعالوا جميعًا أغنياء وفقراء رؤساء ومرءوسين شيوخًا وشبابًا بنين وبنات كل من يريد أن ينجو من العذاب الدهري ويرث الملك الأبدي لنتضرع مع داود النبي قائلين اكشف عن عيني فأتأمل عجائب من شريعتك "أنر عيني،: لئلا أنام إلى الوفاة" (مز ١٣: 3) ولنهتف كما هتف الأعمى" يا ابن داود ارحمني" فإن منعنا قوم وانتهرونا حتى نصمت فلنصرخ نحن أكثر ولا نضجر من الصراخ إلى أن يفتح أعيننا يسوع المعطي النور تقدموا إلى المسيح اقتربوا منه واستضيئوا فلا تخزى وجوهكم.
لنتب يا إخوتي مادام لنا وقت فقد سمعتم قول المسيح "إنه يصير فرح في السماء بخاطيء واحد يتوب "أيها الخاطيء َ لم تتوانى؟ لمَ تيأس إن كان يصير فرح في السماء إذا تبت فمن تخاف؟ إن الملائكة يسرون وأنت تتوانى ! سيد الملائكة هو الكارز بالتوبة وأنت تهرب؟ الثالوث الطاهر المسجود له يستدعيك وأنت تتنهد !
طوبى لمن فكر قائلا إن العالم لا يدوم .. طوبى لمن قال ويلي انا الذي أخطأت ..
طوبى لمن فطن في علاج جراحاته ..
طوبى لمن هو على باب الملك قبل أن يغلق .. طوبى لمن فكر في كل حين في العذاب المعد للخطاة ..
طوبى لمن اهتم أن يهييء له زادًا للطريق الدائم ..
طوبى لمن اهتم أن يجعل أعماله صالحة ..
طوبى لمن أحب الله من كل قلبه ومن كل نفسه .. طوبى لمن قال في كل وقت إني ميت والميت لا يخطيء ..
طوبى لمن أبغض العالم وحفظ وصايا الله .. طوبى لمن هيأ قلبه هيكلا لله .. طوبى لمن جاع بهواه فإن له طعام الحياة ..
طوبى لمن تعرى من خطايا هذا العالم فإن الرب يلبسه لباس الملائكة ..
طوبى لمن ترك أفراح العالم فإنه يفرح بالرب...
طوبى لمن يشتري هنا حسنات قبل أن يغلق السوق.
فلنستيقظ قبل أن يدركنا الليل وينقضي النهار ..
لنستيقظ قبل انتهاء التوبة .. لنستيقظ قبل أن تنقطع الدموع ..
لنستيقظ قبل أن يدركنا البكاء الدائم ..
لنستيقظ قبل أن تدركنا ساعة الموت .. لنستيقظ قبل تلك الساعة المخيفة التي يقول فيها تباعدوا عني إلى النار التي لا تطفأ.
فالطوبى لمن ترك أمور العالم التي ستبطل فإن له ما وعد به الرب "ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (١كو ٢: 9)
إن هارون نفسه حين أخطأ تاب بينما حفني وفنحاس كانا يسيران بالتهاون فماتا، وسيمون وديماس حين قاوما الكرازة لم يُقبلا، حنانيا و سفيرا لم يعترفا فماتا. إنه الأصلح أن أتوجع تائبًا أفضل من أن أتنيح وأترفه وقتًا يسيرًا.
الذي أعطى العشار
الفضيلة، وزكا الخلاص فليرحمني أنا الغير
مستحق. |