سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

«إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هٰكَذَا عَلِّمْنَا» (مزمور 90: 12)

 

منى يوسف

   

 

بانتهاء عام طوي الزمان فصلا من قصة حياتنا ليبدأ فصلا آخر. وهذه المناسبة من شأنها أن تعود بنا بالفكر إلى الأيام الخوالي التي انصرمت من عمرنا والتي بالنسبة لدعوة الله لنا ذهب الكثير منها سدىً. إنها أيام التهمها اللاشيء ولا يمكن أن تعود لتصير ميداناً لنشاطنا. لقد استهلكناها بحسب مشيئة الجسد بلا زرع ولا حصاد.

ولكن شكرا لله لأجل النعمة المخلصة التي ظهرت «مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ . مُنْتَظِرِينَ ٱلرَّجَاءَ ٱلْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ» (تيطس 2: 12-14). وبهذا الرجاء المبارك نستطيع بنعمة الرب أن نفتدي فصاعدا الوقت. مصلين بكل طلبة وقائلين: يا رب «إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ» (مزمور 90: 12). حتى بالحكمة التي من فوق نصرف ما تبقى لنا من أيام في عمل ما يرضي أمامك بيسوع المسيح ربنا. ولنذكر انه مقابل الأيام التي أكلها اللاشيء يقف يوم الفداء العظيم، ومهما كانت خسارتنا كبيرة فيوم الفداء العظيم يرجح كفتنا.

لأنه اليوم العظيم الذي صنعه الرب لأجلنا، اليوم الذي ترتاح النفس من أتعابها وتجد سلامها عند رئيس السلام وتتمتع بمجدها عند رب المجد. انه يوم فرح الله وملائكته بخاطئ واحد من أبناء البشرية يتوب ويرجع إلى الله.

نتعلم من أحد أمثال المسيح إن ساعة واحدة في يوم النعمة المتفضلة كانت كافية للعامل الذي جاء في الساعة الأخيرة من النهار لكي ينال أجرة النهار كله. ونتعلم من فداء يسوع إن دقيقة واحدة في حساب النعمة كانت كافية للص الذي صلب معه لكي ينال برا كاملا، ويرتفع على جناح الإيمان إلى فردوس الله. في يوم النعمة لم يترك الأب ابنه الضال يطرق باب التوسل. بل إذ رآه آتٍ من بعيد تحنن، وركض ووقع على عنقه وقبله ودعا الأهل والأصدقاء إلى وليمة فرح ذبح فيها العجل المسمن. وقال للجميع افرحوا معي «لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ» (لوقا 15: 24).

فليكن لنا إيمان بالله ولنجعل عامنا الجديد عام رجاء عالمين إن الرجاء لا يخزي، ولا يمكن أن يخزي لأن المسيح فينا رجاء المجد. لأن رجاؤنا قد بدا لما مات المسيح عنّا وتثبت حين قام، وتحقق حين صعد إلى السماء وسيتم حين يأتي ثانية لكي يأخذنا إليه. ولنجعل عامنا عام ثقة في الله. لان المسيح قال: ثقوا أنا غلبت العالم.

قال أحد الأتقياء وهو على فراش الموت: أنا مملوء من الثقة. وهذه هي ثقتي انه يوجد رجاء موضوع أمامي وقد هربت وما زلت هاربا إلى ملجأ هذا الرجاء، ففيه ثقتي، وفيه تعزيتي لأنه رجاء حي بقيامة يسوع من الأموات لميراث لا يفنى ولا يضمحل ولا يتدنس. أمين هو الذي دعينا إلى شركة ابنه يسوع المسيح، قال الرسول يوحنا.. انه أمين ولن يرفض شعبه، بل سيعود إلى الرضا، لأنه غني في الرحمة وعنده فدىً كثير. معونتي من عند الرب صانع السموات والأرض، قال داود الملك. فلنتمثل بهذا الرجل العظيم الذي جعل الرب متكله في كل حين. وحين نقف للكفاح ضد ظروف هذا الدهر لنتذكر قول الرب: لا تخف أنا هو القدوس الحق مخلصك... «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»(متّى 28: 20). وبالفعل انه كان معنا في السنين الماضية وقد باركنا بكل بركة روحية في السماويات.

وبحسب وعده وهو سيكون معنا في السنة الجديدة، التي لا بد أن تحمل لنا في غضونها مشاكل وضيقات. وربما يتعذر علينا أن نقرر أي الطرق أجدى لتذليل الصعاب وبلوغ الهدف. ففي هذه الحال ينبغي إن نطلب من الله الحكمة كما هو مكتوب: «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَه» (يعقوب 1: 5).

ويقل كل واحداُ مناُ: سأركع أمام الرب كلما أرى أن حكمتي لا تكفي لمطلب واجبات اليوم.  ولنبسط ضعفانا أمام الله بانكسار قلب، لأنه قريب هو الرب من المنكسرين القلوب ويخلص المنسحقي الروح. ولنطالب الله بوعده القائل: لا أهملك ولا أتركك عيني عليك. «أَمَّا رَحْمَتِي فَلاَ أَنْزِعُهَا عَنْهُ، وَلاَ أَكْذِبُ مِنْ جِهَةِ أَمَانَتِي لاَ أَنْقُضُ عَهْدِي» (مزمور 89. 33 و34). جربوني انتظروني أنا هو الرب لا يخزي منتظروه.

الرب  يقول لكل منا: لا تخف مما هو عتيد أن تتألم به. ولا يضطرب قلبك حين تحيق بك التجارب وتشب عليك البلوى المحرقة، لأن هذه بسماح مني. لأنك بدون التجارب والمحن لن تختبر قوتي، وبغير الامتحان والتأديب لن تكون لك فرصة لتتهذب على يدي. ولكن تأكد أن كل ما يهددك من أخطار سيصطدم بحمايتي. أنا أسمح أن تجتاز ظروفا صعبة لكي أبلدك وأعلمك بأنني سيد الظروف وان قوتي بالضعف تكمل. لقد سمحت أن يمسك الضر، لأنني شئت أن تشارك يسوع رجل الأوجاع ومختبر الحزن لكي أسكب من تعزيتي في قلبك.

قال يسوع: روح الرب عليّ لأنه أرسلني لأعزي كل النائحين، لأعطيهم جمالا عوضا عن الرماد، ودهن فرح عوضا عن النوح، ورداء تسبيح عوضا عن الروح البائسة. فيدعون أشجار غرس الرب للتمجيد. قد نكون فشلنا بمخططاتنا للمستقبل فهذا أيضا بسماح من الله. وهو يقول لنا: لقد شئت أن أوبخكم لأنكم وضعتم الخطط في معزل عني. من ثم طلبتم مني أن أباركها وأنجحها، وقد كان الأحرى أن تسألوني أولا. لأن أمور المستقبل تتجاوز إمكانياتكم ولا تستطيعون أن تنجحوا من دوني. اتركوني فصاعدا أن أخطط لكم، لأني أنا هو سيد المستقبل وأستطيع أن أجعل كل الأشياء تعمل معا للخير لأجل الذين يحبون الله. أجل عندما تتعلمون أن تروني في كل ظروف وفي كل مكان تجدون رحمة وتجدون نعمة وعونا في حينه. لهذا وجوه أفكاركم اليوم إلى كلمتي وقلبكم إلى وعودي الأمينة. إن رسالتي لكم في هذا العام هي: «تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ» (رؤيا 3: 11).

 إن أمانة الله تستلزمنا أن نكون أمناء له في كل شيء. فهو يطالبنا بذلك بقوله: «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10). إن الأمين على القليل سأقيمه على الكثير وأدخله إلى فرحي.

لنكن أمناء، وليكن شعارنا للعام القادم القول الإلهي «اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مزمور 37: 3 و4) وتلذذ بالرب فيعطيك سؤال قلبك». ولنثق في الله، ولنعتصم بحبله صابرين في الضيق وفقا للوصية القائلة «فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ» (عبرانيين 10: 35 و36) . ولنسهر على قداسة حياتنا، لان الله لم يجعلنا للغضب بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح. ولنتمسك بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية. أمين لرب الدهور.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English