سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

هل أنت مؤمن ام متدين؟

 

الأب يوخنا ياقو

   

 

سؤال غالبًا ما يطرحه البعض على أنفسهم في خضم كل تحول أو تغيير يطرأ على حياتهم أو في موقف أو قضية ما تتناول جانب مهم في حياتهم كمسيحيين. والإجابة قد تكشف الكثير من الحقائق التي تكون غائبة عن ذهن البعض أحيانا أو يكتشفوها للوهلة الأولى، ممن تتغلب على فكرهم واسلوب معيشتهم ونمط حياتهم  التقاليد والعادات والموروثات. لذا ارتأينا في موضوعنا هذا أن نسهب قليلا في تعريف بعض المفردات التي ترن على مسامعنا كثيرًا إن كنا في الكنيسة او في البيت أو في المقهى.

 

المسيحية:

في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (1:15 – 4) يقول: "علي أني أذكركم، أيها الأخوة بالأنجيل الذي بشرتكم به، وقبلتموه ومازلتم قائمين فيه، وبه أيضا أنتم مخلصون، ان كنتم تتمسكون بالكلمة التي بشرتكم بها، الا اذا كنتم قد آمنتم عبثا. فالواقع أني سلمتكم، في أول الأمر، ما كنت قد تسلمته، وهو أن المسيح مات من أجل خطايانا وفقا لما في الكتاب".

باختصار هذا هي المسيحية، وما يميز المسيحية عن جميع الأديان الأخرى هو أنها تعتمد على العلاقة مع الله وليس علي مجرد ممارسة طقوس معينة للعبادة. وبدلا من اتباع ما هو محلل وما هو محرم فأنها تركز علي بناء وتوطيد علاقة حقيقية مع الله الآب. وهذه العلاقة ممكنة بسبب عمل يسوع المسيح، وبسبب تواجد الروح القدس في حياة المسيحي المؤمن.

المسيحية تؤمن أن الكتاب المقدس موحى به من الله، وأنه كلمة الله التي بلا عيب، وأن تعاليم الكتاب المقدس هي السلطة العليا لحياة المسيحي "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تيموثاوس 16:3)، "عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لانه لم تأت نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 20:1- 21). وايضا يؤمن المسيحيون بأن الله واحد ويظهر لنا شخصه من خلال الثالوث الأقدس: الآب، والأبن (يسوع المسيح)، والروح القدس.

كما تؤمن بأن الأنسان قد خلق ليتمتع بعلاقة مع الله، ولكن الخطيئة تفصل كل البشر عن الله "من اجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع" (رومية 12:5)، "اذ الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله" (رومية 23:3). وتعلم المسيحية أن يسوع المسيح عاش علي الأرض بكامل ألوهيته ولكن في صورة انسان (فيليبي 6:2 -11)، ومات علي الصليب، وأن المسيح دفن، ولكنه قام من بين الأموات، والأن يعيش علي يمين الآب، كشفيع للبشر الي الأبد "فمن ثم يقدر ان يخلّص ايضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم" (عبرانيين25:7). وتعلن المسيحية أن موت المسيح على الصليب كان كافيا لدفع ثمن الخطيئة والدين الواجب علي البشر بصورة كاملة وأن بموته تم مصالحة الله مع الانسان واعادة علاقته معه (عبرانيين 11:9 -14، وعبرانيين 10:10، ورومية 23:6، ورومية 8:5).

لذا وبناءً على ما ذكرنا أعلاه نرى أن المسيحية هي نهج حياة أكثر من تكون ديانة تحرم هذا الأمر وتحلل ذاك الآخر، إنها سلم يرتقي به الإنسان ليتسلق به لمعرفة محبة الله وخطته الأزلية لخلاص الإنسان ونيله الكرامة والمجد والقداسة التي تجعله يُدين حتى الملائكة. إنها نهر حياة يجري ويروي كل شجرة مغروسة على طرفيه، إنها ذلك الخبز الحيّ الذي يشبع من يأكل منه.

 

ما معنى أن تكون متدين:

كثيرا ما نرى أشخاصا يلتزمون بدقة باتباع شعائر دينية والتمسك بمظاهر هي أغلفة ليس إلا، لتنطبق عليهم كلمات الرب يسوع بأنهم مرائيين يهتمون بما هو في الظاهر "ومن السوق ان لم يغتسلوا لا يأكلون. واشياء اخرى كثيرة تسلموها للتمسك بها من غسل كؤوس واباريق وآنية نحاس واسرّة" (مر 7: 4). لذا نجدهم في الكثير من الأحيان بعيدون في معاملاتهم اليومية عن أخلاقيات ما هم معتنقون من عقيدة أو الأصح تعبيرًا (في ديانتهم).

فلا يندر أن تجد شخصا يكثر من الصلاة والصيام والعبادة، ولكنه مع ذلك لا يجد غضاضة في أن يدفع رشوة ليسير أموره أو أن يظلم الضعيف أو أن يقصر في عمله حتى لو كان ذلك على حساب الناس، فيكون عرضة للتركيز على المظاهر في دعوته وسهولة تغاضيه او تجاهله عندما تضيق عليه الظروف عن روحه الدعوة الحقيقية في معقتده.

وما أكثر هؤلاء الأشخاص في مجتمعاتنا خاصة الشرقية منها، ممن تراهم يمارسون شعائرهم الدينية، ينادون بالقيم والأخلاق والمبادئ التي اكتسبوها وهم بعيدون كل البعد عن ما هو جوهري وأساسي في حياتهم المسيحية. تجدهم يصلون رافعين أيديهم إلى السماء بينما يجهلون كل الجهل لمَ ولمن يصلون، يتلون الصلوات وهم خرس لا يسمعون، أعينهم مفتوحة ولكن الظلام يسود في داخلهم. تراهم ينادون بالصدق في مجالسهم ويستسهلون الكذب إن قضت الحاجة، ينمقون كلماتهم بالعفة والشرف بينما سبيل العفة والشرف يحيد تمامًا عن قلوبهم وفكرهم وسيرتهم. فيبات الأمر بان كل ما تعلموه ليس إلا عادات وتقاليد وموروثات البعض منها كان في الأصل قيم ومبادئ وأخلاقيات عظيمة وجدت في تقاليدنا العشائرية ونظم العيش القبلي التي استمدت منه مجتمعاتنا المدنية وحتى الكنسية نمطها ونهجها حتى في ممارسة أبسط طقوسها الروحية.

إن ظاهرة التدين منشرة كثيرًا والنماذج أيضًا لهذا النوع من الناس الذين يمارسون المسيحية في شعائرها فقط ويغفلون مبادئها وأخلاقياتها وقيمها وما تحمله من عطايا يهبها الله لكل من يؤمن بالخلاص بيسوع المسيح.

وقد يصل الأمر أحيانا باستهزاء وسخر حتى من تقبلوا الكهنوت بأسئلة البعض الروحية او تذكيرهم أحيانا بما يطلبه الكتاب المقدس، بينما هم في كرازتهم في كل أحد في الكنيسة يبشرون به وبضروريته في حياتنا اليومية ووجوب التزامنا بكل معانيه.

 

المؤمن الحقيقي:

إن الشخص المؤمن هو ذلك الشخص التي تقبل الرب يسوع المسيح في حياته، وآمن بصليبه بان الطريق الوحيد لنيل غفران الخطايا والحياة الأبدية، فأعطاه الرب سلطانًا أن يصير ابنا لله. ويتبع ذلك أن كل من يؤمن ويطلب في صلاته يناله، وكل شيء مستطاع عنده، "فالحق اقول لكم لو كان لكم ايمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا الى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم." (متى 17: 20)، "وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة" (مر 16: 17)

فتراه يمثل الرب في حياته وتصرفاته وعمله، يقول ويطبق ما قاله، هو مركز ثقة الجميع، صدقه ومحبته مع الأعداء قبل الأحباء، يقول الإنجيل عنه إنه في المسيح وهو خليقة جديدة… وبما أن المؤمن بالمسيح هو خليقة جديدة لذا تنطبع صفات المسيح في حياته وتغير من نمط عيشه لحياته السابقة. هو الشخص الذي تقبل وعد المسيح بان الروح سيقوده "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 13:16). والروح يقوده كي يتعلم أشياء من الله ويطبقها في حياته، وعندما يقوم بتطبيقها يختار المؤمن أن يقوم الروح القدس بقيادته فيها. فهو يسمح للروح القدس أن يقوده وأن يتحكم ويرشده إلى اختيار مشيئة الله في تفاصيل حياته.

ويقول الرسول بولس للمؤمنين أن "يمتلئوا" بالروح القدس. "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح" (أفسس 18:5). والضمير المستخدم هنا يشير إلى الاستمرار ولذا فهو يعني "استمروا في الامتلاء بالروح القدس". فالامتلاء بالروح القدس هو السماح للروح بالتحكم بالمؤمن بدلاً من رغبات طبيعته الجسدية. فإن الإنسان المؤمن المولود ثانية يظهر صفات تحكم الروح القدس في تصرفاته ويمكن أن نجد تلك الصفات في غلاطية 5: 22-23 والتي تدعى "ثمار الروح" فترى ثمار الروح الساكن فيه هي محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان وداعة تعفف. ولا يمكن لشخص أن يتوصل إلى تلك الصفات بجهوده الشخصية، فالذي يتحكم به الروح القدس سيتحدث بالحق، وسيسير بما يرضي الله وسيتخذ قرارات بناءً على كلمة الله.

وبناء على هذا، فان حياة المؤمن الروحية هي اختيار تعلم ونمو في علاقته اليومية مع الرب يسوع المسيح من خلال الخضوع لعمل الروح القدس في حياته. وهذا يعني أنه كمؤمن يختار أن يستمر في تواصله مع الله من خلال الاعتراف بخطاياه.

إن من لبس ثوب الإيمان على جسده، وكرم الله بشفتيه فقط بينما قلبه كان بعيدًا عن محبته الحقيقية يستطيع أن يظهر بيننا بلباس الحملان حتى إن كانت لدينا الصعوبة في تمييزه كذئب خاطف (علمًا أن الرب يشير دائمًا إلى التمييز في كل عمل بما تعطيه الشجرة من ثمر)، فلا يظن مثل هذا الشخص بأن يستطيع أن ينجو من دينونة الله بعمله الظاهر بين البشر. لذلك يذكر الرسول بولس في رسالته إلى اهل كورنثوس الأولى بضرورة الفحص الدائم والنظر في كل ما نبنيه. فأساس كل ما نعمله هو فداء الرب لنا وخطة الخلاص التي جسدها الرب على الصليب. وقد يكون بان لكل واحد منا بنيان خاص به، لكننا لا نستطيع أن نضع أساسًا آخر غير الذي وضعه الرب يسوع المسيح "ولكن ان كان احد يبني على هذا الاساس ذهبا فضة حجارة كريمة خشبا عشبا قشا. فعمل كل واحد سيصير ظاهرا لان اليوم سيبيّنه. لانه بنار يستعلن وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. ان بقي عمل احد قد بناه عليه فسيأخذ اجرة. ان احترق عمل احد فسيخسر واما هو فسيخلص ولكن كما بنار (1 كور3: 12-15).

وفي النهاية نختم وصفنا لميزات المؤمن بسرد ما يقوله الرسول بطرس في رسالته الأولى (3: 8-12):

"والنهاية كونوا جميعا متحدي الرأي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء. غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة. لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر. ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجدّ في اثره. لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم. ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر".

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English