سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

انتم نور العالم (متى 5: 14)

 

الأب أسعد حنونا

   

 

كلمات رائعة انطلقت من فم يسوع نحو سامعيه والجالسين من حوله والمتعطشين لسماع كلام الله والاصغاء اليه والعمل به للوصول للقمة، وعظ مقدم بأسلوب شيق ورائع يختلف عن الاسلوب الذي  سمعوه هولاء الناس وتعودوا ان يسمعوه من معلميهم وكهنتهم وبطريقة مختلفة  تدعو للتفاؤل والامل والرجاء والثقة بالله والتقرب منه، صادرة من انسان دعي فيما بعد ابنا الله وابنا للانسان وعرف كيف يغزو قلوب الناس ويأسرهم؟ وقدر ان يسيطر عليهم ويشرق شمسه في عقولهم وقلوبهم بأسلوبه التعليمي البسيط والممتع في عظته وكرازته وتفسيره المنطقي والشافي لكلام ابيه وبطريقة سلسلة وسهلة للسامع ولمن يريد القبول بهذه البشارة الجديدة التي تدعو الى المحبة والتخلي عن كل شيء وتقديم الذات عربونا للاخرين (مامن حب اعظم من هذا ان يعطي الانسان نفسه فداء عن احبائه) وحاول يسوع دعم اقواله وكرازاته بالامثال والاعاجيب ليستوعب الانسان فكرة مايريد ان يقوله الله له  ويفهمه اياه.

ان الانسان بطبيعته البشرية كمسيحي وكمؤمن نسبي وناقص ويميل دائما للبحث عن المطلق والكامل ليحاول تكيمل نواقصه ان كان نقصا ايمانيا او انسانيا او ادبيا او اخلاقيا او روحيا وسد فراغاته وعدم الانحدار نحو هاوية الضياع والموت والفشل والانجرار خلف الخطأ بل يسعى بكل قوته للتشبث بالحياة للوصول الى القمة في هذه الحياة والحياة الاتية الابدية. فيسأل نفسه اسئلة كثيرة ليرتقى من خلالها سلم معرفة الحق والحقيقة وليصل الى مفهوم مقنع ومبدأ يرتكز عليه في حياته الانسانية والايمانية. لماذا خلقه على هذه الشاكلة ولم يجعله كاملا؟ ولماذا رضي ان يخطأ الانسان الاول اذا كان من الاساس في حالة البرارة والنعمة والخلو من الشر والخطيئة والرذيلة؟ ان الانسان يحاول دائما وعلى قدر المستطاع البحث عن اجوبة صائبة وشافية لاسئلته الكثيرة والمحيرة بخصوص الهه وعلاقته به وبأبنه يسوع الذي ارسله، وفي بعض الاحيان قد يصل الى الشك بكل شيء لابل قد يأثر الابتعاد والانزواء في زاوية لانه يرى ان الله لم يعد قادرا على التدخل لايجاد حل لمأسي عالمه اقله في الوقت الحاضر ويرى مدى الشر الذي يرتكبه الانسان اتجاه عالمه  وكيف يدمره بشتى الوسائل القذرة المتاحة امامه وعدم اعترافه بقدرة بالله.

ان الرب يسوع المسيح في موعظته على الجبل قال لاتباعه وللجموع (فليضيء نوركم قدام الناس، ليروا اعمالكم الصالحة وليمجدوا اباكم الله الذي في السماوات) مجد الله هو في كل انسان حي ومنير بنور الله (انتم نور العالم)... وقيل في انجيل يوحنا (النور يشرق في الظلمة) ليبصروا كثيرون، النور يقضي على الظلمة والمسيح هو النور الاتي الى العالم ليزيل الظلمة وليزيل غشاوة القلوب ليعبدوا الله بالروح والحق. فكيف يمكن للمسيحي ان يكون نورا في عالمه وماهي الخطوات التي يجب ان يتبعها او يلتزم بها ليكون نورا وطريقا منيرا للاخرين ليصلوا الى الله. بداية عليه التخلي عن ذاته والشعور بالاخر وحاجته واكتشافه لله في الاخ والقريب والصديق والعدو أو اي انسان اخر وان حياته هذه ليست ملكا له بل هي موضوعة للاخر ولا يفكر في نفسه ومجده وما يجره نحو الانا والانانية والتفكير بالذات (ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه) بل ان كل ما نفعله هو لخلاص الناس ولمجد الله وبالمقابل الاخر هو اخ لنا في الايمان والعلاقات الانسانية السليمة هي التي تخلق الانسان (احبب الله والقريب، من هو قريبي؟). اذا يجب ان يكون لنا تأثير ايجابي وعميق وبصمة في العالم الذي نسكن ونحيا فيه  بهذا نكون رسلا وخدام ونورا وملحا في العالم.

يجب على الانسان ان يبحث ليصل الى خلق علاقة صحيحة وسليمة مع الناس علاقة مملؤة من الوداعة والعدالة والصلاح والسلام والحق وبذل الذات، ان نعيش في النور ونشهد للنور ونكون نحن النور ليس سهلا وصعوبته تكمن بأن لانصمت بوجه الظلم والصعوبات والاضطهادات والعنف والطغيان ومن يريد القضاء على كنيسة الله وعلى ايماننا بل نشهد ونشهد ونكرز ونعترف ونصرخ حتى النهاية (كل من يعترف بي قدام الناس اعترف به قدام ابي الذي في السماوات) لانهرب امام الشر بل نحاربه بشتى الوسائل ونواجهه ونفضح مكايده ونبشر ونبشر دون ان نستسلم ونكون بوقا للحق يزمر بأسم الله في العالم كله حتى نوصل اصواتنا الى الضمائر النتنة والميتة والمتعفنة بالباطل والاباطيل وليكن اسم الله فوق كل الاسماء (اعملوا كل شيء لمجد الله). يقول مار بولس (والويل لي ان لم ابشر) الويل لي ان لم استفد من حياتي لخدمة ونشر كلمة الله ولاكون مسيحا اخر وثاني في هذا العالم  المقرف (البشرى التي نبشركم بها ان الله نور وليس فيه ظلمة البته) (من يحب اخاه فهو ثابت في النور وليس فيه عثرة) (من رسالة يوحنا الاولى). اذا من واجبنا نحن المسيحيين الذين نعيش في عالم كثر فيه الالحاد والجحود ونكران الله والهرطقات والبدع ان نكون متيقضين وواعين واعضاء احياء وفعالين في مجتمعنا وايجابيين وناقلي البشرى بأمانة وان الحياة لاتتوقف عند الظلمة بل انها تزحف نحو النور وعلى الانسان ان يفتش ويبحث ويصول ويجول ليكتشف هذا النور فالحياة لا تتوقف بل تستمر وعلاقته مع الله يجب ان تأخذ بعدا اخر للوحدة وترجع وتستمر وتدوم رغم كل الظروف والاحوال ولايجعل الهوة تزداد بل يقرب المسافات بهذا يكون اختياره لله اختيارا جذريا فتنقلب وتتحول حياته من الحزن الى الفرح ومن اليأس الى الامل والرجاء  والحياة الجديدة المفعمة بالمحبة.

من كل هذا اقول يجب على الانسان المسيحي ان تكون له حياة نور مجبولة بالنعمة والمحبة والقداسة والشعور بكرامة الانسان الاخر وحقوقه وحريته وهذا يعكس رغبته في تحقيق ذاته وتوقه الى تحقيق ونشر العدل والسلام. تغيروثورة وانقلاب وصراع (المسيح كان في صراع مع ذاته للوصول الى الانسان الكامل) الحاجة والرغبة والارادة هي ما نحتاجه للوصول الى هدفنا (نحن مسؤولين عن اخوتنا) (اين اخوك يا قائين). اذا غاية حياة يسوع المسيح كانت ان يدخلنا في وحدة تامة وشاملة وكاملة مع الله وان نكون واحدا مع بعضنا البعض لنكون نورا في العالم (من رأني فقد رأى الاب، انا والاب واحد) اذا كنا واحدا في هذا العالم ونقبل بعضنا البعض ونرفع الحواجز التي بيننا عندئذ سوف نشهد للنور ونكون نورا في عالمنا رغم ضعف ايماننا.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English