غاية المقالة
هذا رد على اليهود الذين يكَّفرون الشعب المجتمع من بين الأمم، قائلين: "تعبدون
وتخدمون إنسانًا مولودًا، ابن إنسان قد صلب، وتدعون ابن البشر الله. وإذ ليس لله
ابن تقولون عن هذا المصلوب، يسوع، أنه ابن الله". ويقدمون الحجة بأن الله قال: "أنا
هو الله، وليس إله معي" (راجع تث 32: 19). وأيضًا: "لا تسجد لإله آخر" (خر 34: 14).
يقولون: إنكم تقاومون الله بدعوتكم لإنسانٍ أنه الله.
أسماء الله بالعبرية
يُعطى اسم اللاهوت للكرامة الأسمى في العالم، والذي به يُسر الله، ويطبقه على نفسه.
لكن على أي الأحوال أسماء الله كثيرة ومكرمة، وقد سلم أسماءه لموسى، قائلاً له:
"أنا إله آبائك، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب" هذا هو اسمي إلى الأبد، وهذه هي
تذكار عبر الأجيال". ودعا اسمه أهيه الذي هو أهيه Ahiyah ashar Ahiya، الشاداي
El-Shaddai، وأدوناي صباؤوت Adonai Sabaoth (تك 17: 1؛ خر 3:14؛ إر 32: 18). بهذه
الأسماء دُعي الله.
نبوات عن المسيح
يلزمنا أن نقدم برهانًا أن يسوع قد وُعد به مقدمًا بالأنبياء منذ عصور قديمة، وأنه
دُعي ابن الله.
قال داود: "أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك" (مز 2: 7). وأيضًا: "من بهاء المقدس، من
الرحم ولدتك صبيًا منذ القدم" (مز 110: 3 الترجمة السريانية بشيتا أو البسيطة).
قال إشعياء: "يُولد لنا ولد، ونُعطي ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعي اسمه
عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام. لنمو رياسته ولسلامة لا
نهاية" (إش 9: 6-7).
لذلك أخبرني يا معلم إسرائيل الحكيم من هو هذا الذي وُلد واسمه ولد، وابن عجيب
ومشير، وإله كل الأجيال القدير، ورئيس السلام، والذي لرئاسته نمو ولسلامه ليس من
نهاية؟ فإن دعونا المسيح ابن الله، فإن داود هو الذي علمنا هذا، وإن دعوناه الله
فقد سمعنا هذا من إشعياء. أما الرئاسة التي على كتفه، فلأنه حمل صليبه وخرج من
أورشليم. وأما أنه وُلد كطفل، فقد قال إشعياء أيضًا: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا،
وتدعو اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" (إش 7: 14؛ مت 1: 23).
وإن قلت أن المسيح لم يأتِ بعد، أقدم لك هذا من أجل عنادك. مكتوب أنه إذ يأتي
تتوقعه الأمم (تك 49: 10). ها أنا واحدٍ من الأمم قد سمعت أن المسيح آت. وقبل أن
يأتي آمنت به مسبقًا، وخلاله أعبد إله إسرائيل. عندما يأتي هل سيلومني لأني آمنت به
مقدمًا قبل مجيئه؟
لكن أيها الغبي، لا يتركك الأنبياء تقول المسيح لم يأتِ بعد إلي الآن.
فدانيال يوبخك قائلاً: "وبعد اثنين وستين أسبوعًا يأتي المسيا ويُقتل، وفي مجيئه
تخرب المدينة المقدسة، وتكون نهايتها الجرف، وإلي أن تتم هذه الأقوال تبقي في
دمارها (دا 9: 26-27). وأنت تنتظر وترجو أن المسيح عندما يجيء يجمع إسرائيل معًا من
كل مكانٍ، فتُبني أورشليم وتسكن مرة أخرى. لكن دانيال يشهد بأنه إذ يأتي المسيح
ويُقتل، تخرب أورشليم وتبقى على خرابها إلي الأبد، حتى تتم هذه الكلمات.
أما عن آلام المسيح فقال داود: "ثقبوا يديّ ورجليّ، فصرخت كل عظامي. وهم ينظرون
ويتفرسون فيّ. اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا القرعة" (مز 22: 17-19).
وقال إشعياء: "يعرف عبدي ويتجلى ويرفع ويندهش منه كثيرون. أما هذا الإنسان فمنظره
كان مفسدًا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم" (إش 52: 13-14). كما قال:
"يُطهر أممًا كثيرين، فيذهل منه أجله ملوك" (إش 25: 15). كما قال في هذا المقطع:
"صـعد كولدٍ أمامي، وكعرقٍ (جذعٍ) من أرض يابسة" (إش 35: 2). وفي نهاية العبارة
قال: "هو مجروح (مقتول) لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه
وبحُبره شفينا" (إش 35: 5).
بأية جراحات شُفيت البشرية؟ داود لم يُقتل، فقد مات في شيخوخة صالحة، ودُفن في بيت
لحم.
وإن قالوا أنه يتحدث عن شاول بقوله أن شاول قُتل على جبال جلبوع في معركة مع
الفلسطينيين (1 صم 31: 4). وإن قالوا ثقبوا يديه ورجليه حين علقوا جسمه على سور بيت
شأن (1 صم 31: 10)، فهذا لم يتم في شاول. عندما ثقبوا أعضاء شاول لم تشعر عظامه
بالألم لأنه كان قد مات. بعد موته علقوا جثته وجثث بنيه على سور بيت شأن. حين قال
داود: "ثقبوا يديّ ورجليّ، فصرخت عظامي"، قال بعدها العبارة التالية: "أما أنت يا
الله أسرع إلي معونتي، أنقذ من السيف نفسي" (مز 22: 19-20).
الآن المسيح خلص من السيف، وصعد من الجحيم، وقام حيًا في اليوم الثالث، وبقي الله
(الآب) في عونه، أما شاول فدعا الله ولم يستجب له. سأله خلال الأنبياء ولم يُعطَ له
جواب. تخفى وسأل العرافين عندئذ عرف أن سيُغلب من الفلسطينيين، ويقتل نفسه بسيفه،
إذ أدرك أن المعركة قد بلغت به إلي الهزيمة. أضف إلي ذلك قال داود العبارة التالية:
"أخبر باسمك إخوتي، في وسط الجماعة أسبحك" (مز 22: 2). كيف يمكن أن تتحقق هذه
الأمور في شاول؟ مرة أخرى قال داود: "لن تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز 16: 10). هذه
كلها تنطبق على المسيح.
عندما جاء إليهم لم يقبلوه، إنما حكموا عليه بطريقة شريرة بشهود زورٍ. وعُلق على
خشبة بيديه، وثقبت يداه ورجلاه بالمسامير التي ثبتوها، فصرخت عظامه. وفي ذلك اليوم
تمت أعجوبة عظيمة أن النور صار ظلامًا في وسط النهار كما تنبأ زكريا: "ويكون يوم
معروف للرب،لا نهار ولا ليل، بل يحدث أنه في وقت المساء يكون نور" (زك 14: 7). ما
هو اليوم الذي يتميز بأعجوبة، والذي ليس بنهارٍ ولا ليلٍ، وفي وسط المساء كان نور؟
حتمًا الذي فيه صلبوه، ففي وسط هذا اليوم حلت ظلمة، وفي المساء نور.
نسجد لتلك المراحم، وننحني بركبنا أمام عظمة أبيه الذي أعاد عبادتنا له. ندعوه الله
كما دُعي موسى (إله)، والبكر، والابن كما إسرائيل، ويسوع مثل يشوع بن نون، والكاهن
كهرون، والنبي العظيم ككل الأنبياء، والراعي مثل الرعاة الذين رعوا إسرائيل
وقادوه... لقد قال لنا: "أنا هو الراعي الصالح، الباب ، الطريق، الكرمة، الزارع،
العريس، اللؤلؤة، الحمل، النور، الملك، الله، المخلص والفادي"، وبأسماء كثيرة يفوق
هو الاسم. |