سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

تقبيل يدّ الكهنة

 

الأب يوخنا ياقو

   

 

عادات كثيرة يراها المرء في مجتمعه ومحيطه، وتختلف الواحدة عن الأخرى في مدى أصالتها ومعناها والفائدة التي يجتنيها المرء من حفظها. البعض يصفها إيجابيًا وآخرون يقومون بذمها. الحكم في حفظ كل عادة او تقليد يعود في النهاية إلى اسس التربية التي ترعرع عليها الإنسان.

أما ذو الفهم فيقيّم كل سلوك يقوم به، يدرس كل تصرف يظهر منه، غير مستهين بل بحكمة وعلم يرى اعماله بالتصرف الحسن. وعند مصادفته لسلبية تصرف يسعى بجرأة وإصرار ومهما كانت النتائج إلى تغيير ذلك السلوك "مقدما نفسه في كل شيء قدوة للاعمال الحسنة ومقدما في التعليم نقاوة ووقارا وإخلاصا" (تي2: 7).

إحدى تلك العادات التي نحن في صدد مناقشتها وبهدوء هنا، تلك التي يرثها المرء في حياته الكنسية من مجتمعنا الشرقي وهي تقليد تقبيل يد الكهنة أو الأساقفة. وليس في أدنى قصدنا أن نقلل من شأن الكهنة أو الكهنوت (حاشا) بل بالعكس وضعه في مرتبته العظيمة التي تستحقها كهنوته ويكون بعيدًا ويتجنب كل المظاهر التي تخالف روح الخدمة والتعليم المسيحي الذي كرس لأجله حياته .

إن الكهنوت في تعريف بسيط له هو خدمة الوساطة بين الله والبشر بما يغفر الخطايا ويوفر الخيرات ويزيل الغضب، واساسه هو في قول الرب لبطرس في ناحية قيصرية فيلبس: "لك اعطي مفاتيح ملكوت السماوات وكل ما تربط على الأرض يكون مربوطا في السماء وما تحله على الأرض يكون محلولا في السماء، أما بنيانه في قوله: "ارع لي خرافي وارع لي كباشي وارع لي نعاجي". ويسير الكهنوت حسب التقليد الرسولي وبوضع اليد الكنسي، ويُعطى لاولئك الذين هم جديرون باقتباله بعد امتحان نوعي ونظري لكي يخدموا بلا لوم. أما عن القوانين المتبعة لفحص الراغب في الكهنوت عن جدارة ليسمع إلى مار بولس لسان الروح: "صادقة هي الكلمة ان ابتغى احد الاسقفية (الكهنوت) فيشتهي عملا صالحا. فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امرأة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم. غير مدمن الخمر ولا ضرّاب ولا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم ولا محب للمال. يدبر بيته حسنا له اولاد في الخضوع بكل وقار. وانما ان كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله. غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس. ويجب ايضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس" (1تي 3: 1-7).

وما أعظم كتابات الآباء التي تجلل تكريس الكهنوت لأجل خدمة الكنيسة وتعطيه مرتبة أعظم من مرتبة الملائكة، ففي إحدى القصائد التي تتلى أثناء التناول القربان المقدس في كنيسة المشرق تصف دور الكاهن أثناء سر القربان المقدس بأنه أعلى شأن من الملائكة لابسي النور، فهم لا يستطيعوا أن يروا مجد الله بوجوه مكشوفة بينما الكاهن الذي أصله تراب يمسك جسد المسيح ابن الله بين يديه. مع كل هذا التجليل والرفعة لهذه الخدمة والتشبه بشخص المسيح على الكاهن أن يصون أفعاله وأعماله لتكون على مثال الرب في كل شيء، ليروا أعماله ويمجدوا أباه في السماء. ومرجعنا الأول والأخير للأستدلال إن كان هناك ما يشير إلى أن أحدًا ما قبّل يد السيد المسيح أو أحد تلاميذه هو كلمة الله، الكتاب المقدس:

1. لا يوجد في أي نص في الإنجيل ما يذكر حادثة أن أحدًا قبّل يد المسيح.

2. بل بالعكس المسيح بتواضعه وليصف مدى التواضع الذي علينا أن نتحلى به وطئ إلى أرجل تلاميذه وغسلها ليعلن لهم بأن من أراد أن يكون عظيمًا في ملكوت الله عليه أن يكون خادمًا متواضعًا لأخوته ولم يعلمهم مطلقا أو يسلمهم هذا التقليد بتقبيل أيديهم.

3. يظن البعض أو يتحجج بأن هذا التقليد هو لأجل نيل البركة من الكاهن، لذا نرد على هذه الشبهات بان وسيلة المباركة في المسيحية هي وضع اليد: "الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله. فاحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم" (مر 10: 15-16)، وكذلك: "واخرجهم خارجا الى بيت عنيا. ورفع يديه وباركهم" (لو 24: 50). وبما أن ليس التلميذ افضل من المعلم ولا العبد افضل من سيده يكون هذا التصرف لا يتشبه تماما بما قاله الرب وأراده لأخوته.

4. البعض الآخر يفتي بأنه لا يصح تقبيل يد الأسقف إنما خاتمه فقط، لكن ما هو السرّ في هذا الخاتم؟! أخوتي في الرب اقتناء الخلاص لا يكون بتقبيل يد كاهن أو اسقف بل بصليب الرب يسوع الذي رفع خطيئة العالم مرة واحدة دافعا أجرة الخطيئة والتي هي الموت.

5. بعض الأخوة يقدموا مقترحا آخر وهو أنه يجوز تقبيل يد الكاهن فقط أثناء القربان المقدس، حيث يكون الكاهن في مرتبة وشبه المسيح (على حسب قولهم) كمن يقبّل يدّ المسيح. وأنا أجيبهم بأن عليهم إذن أن يقبّلوا يد الشمامسة ايضًا لأن كل الرتب الكنسيّة خدمها الرب بأقنوم ناسوته بأفعاله وأيضًا بأوامره لرسله وما لخدمة الشمامسة، أو الكهنة، او الأساقفة إلا صورة واضحة لخدمة الرب يسوع المسيح على الأرض.

6. تقديم الاحترام أو الإجلال للكهنة لا يكون بتقبيل أيديهم، بل بتحلي الكاهن نفسه بالتواضع والطهارة واللياقة والإرادة الحسنة والملائمة لخدمته الممتلئة عفة والتي ترذل الأمور التي لا فائدة منها.

كفى من تمريغ اسم الرب ورسالته بأراء وتقاليد عفا عنها الزمن والإيمان الصادق، فلك يا أخي يا من تقبّل يد الكاهن: إن كنت تكن لذلك الكاهن بالاحترام والتجليل، عوضًا عن تقبيل يديه، أطعه بما يكرز به، افعل كما يأمرك الرب بكلامه الذي وضعه في فم كهنته، ولتكن خدمة الكاهن لك في الكنيسة سراج ينير دربك في حياتك مع الرب، واصنع من نفسك كاهن آخر ينشر ويبشر بكلمة الحياة لنكون للرب ملكوت وكهنة وشعب مقدس.

أما كهنتنا الاجلاء، حتى وإن كان البعض يمقتون هذه العادة لكنهم يذعنون لإرادة الشعب ولا يستطيعوا منعهم من عادة نشأوا عليها منذ صغرهم، حاولوا أن تمنعوهم بقلب فهيم، وإسماعهم كلام المعرفة والحكمة التي من الله، ولبس صورة تواضع المسيح في حياتكم لأن "لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود" (ملا 2: 7).

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English