(1) صلاة. يا نورًا من نور، منير العالمين كلها، الذي اعتلن من أجل خلاصنا، ليعلن أسرارًا خفيته للعوالم، ارفع غشاء الأهواء عن وجوه أذهاننا. وقلوبنا تصير نبع أسرارك إذ نسلك في سُبُل نورك بلا عثرة، حتى نصل إليك. يا من يسهل له أن يجعل الخرس مبشرين له، فلينطق روحك بخفاياك في عقول المجانين، ليهتدي بواسطتهم الذين يرغبون في رؤيتك. آمين.

(2) من يرغب في إيجاد الله، فأنا أيضًا أكون في عونه. ومثل دليل ومرشد للطريق، أنصح المشتاق إلى الحياة الثبات في القلاية مع الانقطاع عن اللقاءات والمؤانسات: من دون الحفاظ على ذلك، تكون ممارسات المتوحّد باطلة. لأني أصور أولا أمام عينيه الصعوبات والضيقات والآلام المريرة التي تعرض له أثناء الهدوء، وكذلك حدّة الحروب، وايضًا العطايا التي تأتي من النعمة في أثناء عذابه لإسناد قلبه. وأيضًا أكشف أمامه التطوبيات التي لا توصف، والتي هو مزمع أن يصل إليها، إذا بقي ثابتا ولم يعد إلى التشتت، على قدر ما تستطيع الكلمة الضعيفة أن تعبر عن أمر هو أعلى من عالمها. ولأني أنصح أيضًا بحفظ ما هو ضروري، متى وُجد في علل عارضة خارج باب القلاية.

(3) وعندما تثبت يا أخي داخل الباب مفضلا الموت على ترك القلاية، حينئذ يحرك الروح القدس كل ما تريده الرتبة الوحدانية داخل نفسك. والملائكة تقودك إلى الميناء الهادي في كلّ ما هو خاص بتدبير الهدوء، وهو التالي: الصوم المنظم الذي يفترض عدم الشبع، والطعام الحقير، والسهر المضيء، الذي يرذل النواميس المختصرة ويرجو الموهبة التي تأتي من الرب، والقراءة الحارة التي تليق بمنزلتك وبهذيذ أفكارك وعمل قلبك، واتضاع القلب، والدموع المتوجّعة، والصلوات والسجدات الطويلة والتمرغ على الأرض. وتستطيع متى تريد أن تصل إلى الكمال في هذه الممارسات وأن تحققها براحة، أعني بواسطة النعمة التي تفعل فعلها في أفكارك وتشد أعضاءك. وأيضًا تظلم أفكارك وتضعف أعضاءك بسبب التجربة التي تدبر لك، وتقطع كل فضائلك وتبطلها.