أيها العابد أسأل الرب أن يمنحك المواهب اللائقة بميعادك فيعطيك ربوات ضعف ما سألت.
بغير ماء لا يبنى برج وبغير معرفة لا تقوم فضيلة، رأينا شاباً يعزي شيخاً ويلاطفه
بمعرفة فأعطينا به المجد
لله.
أيها العابد لا تمضي وراء شهواتك وأمتنع من أمانيك، إن وسعت على نفسك بما تتمناه من
الخير العالمي فقد جعلته شماتة للأعداء، من يسمن لحم جسده إنما يرى شهوات رديئة
والأفكار القبيحة لا تزول من عنده.
أضعف جسدك وعبده لئلا تصير منفياً، أعمل الخير به فتثمر للـه وأنت تتصرف مع الإخوة،
أتشاء أن تجد نياحاً أرتضِ بمائدة الإخوة العمومية فتكون شفاء لجسدك واهتماماً
لعظامك ونفسك لا تخسر.
فإن بذلت عينيك لمعاينة البرك والأقداح؛ ستنوح أخيراً ملدوغاً من حية، إن رأيت
إنساناً ورعاً ماسكاً بيده أطعمة فلا تدينه بذهنك لأنك لا تدري لمن يقدمها.
أهتم بالصنعة الباطنة ولا تزين حائطاً لا ينفع لأن زخرفة القلاية لا تمنح لك صبراً،
فلنطلب الأمور الكافية حاجتنا فإن الأشياء الزائدة والمسببة لنا تجاذب الذهن غير
نافعة، العاجز يحتج ويقول: أنا اليوم ساكن هنا وغداً أنتقل ولماذا أتعب.
ضع في عقلك مثل مطرقة وسنديان مقدم أفكار قلبك ولا تسرع في عمل المنفية منها، من
يشمت بسقطة العباد حسناً فذاك سيسقط سقوطاً مضاعفاً، ومن يسترجع إنساناً من ضلال
طريقه يخلص.
إذا أخطأ أخونا نوبخه بتلذذ وإذا أُدبنا لا نقبل التوبيخ بلذة، يا أخي لا تكن مع
المحال بل بالحري كون علية، أتخذ يا أخي الأدب منذ حداثتك فتجد في أوان الشيب فطنة
وفهماً، المستعد يحتمل بشهامة العوارض ومن بغض جزء من الحزن يحزن كثيراً، من لا
يتوقع المحنة يحزن حزناً وافراً.
تسليم المنزل من التواني والتواني شيء ردىء، أما اليقظة فتسبي السابين، ببطلان
اليدين يكف البيت وإذ لا يشاء من فيه أن يقيم يهرب منه.
العابد العاجز الذي لا يغلق باب قلايته البراني يتكسر من تحريك الرياح إياه،
والمتيقظ يكون بغير لؤم، من يلجم عينيه يستر نفسه ومن يطمح بِهما يعبي لذاته ثقلاً
لأنه زعم أن طموح الشهوة يضل عقلاً ساذجاً.
إن كنت باختلاس أطلقت عينيك إلى الضلال والغرور فأغمض نظرك سريعاً لئلا تسقط في
المجامعة القبيحة، وفي حال حرارة جسدك لا تمسه لئلا تضرم الحرارة جداً.
الطوبى لمن قد غلب كل شهوة بشرية، ردىء أن ينمو فكر خبيث في النفس يينع كالعشب في
مسكبة البقل، أيمكن لجزيرة في بحر أن تجعل الأمواج ألا تصدمها سوى كونِها تقدر أن
تناصب بِها، كذلك نحن لا يمكننا أن نقطع ورود الأفكار لكن يمكننا أن نناصبها.
ولعل يقول إنسان: فكيف تنغلب النفس وقتاً ما للأفكار؟
الجواب: لأن النفس لا تناصبها بل تركتها أن تدخل إلى باطنها، فإذا وجدت بعد ذلك
مرعى ففي طرفه تحل انتصاب النفس وتحطمها.
أربعة آلام بصعوبة تقبل الشفاء: (1) محبة الذات. (2) محبة الفضة. (3) السبح الباطل.
(4) أثرة الرئاسة. وهذه لا تقول حسبي لكن لا يصعب على
الله برء واحدة من هذه.
أقتلع الألم قبل أن يتأصل فيك، وقبل أن تغرس عروقه أسحب أصله من أسفل قعر الحفرة
وأقتلعه، فإنك إن أهملته يعرق فيك أصلاً يستأسد عليك.
المصلي بتيقظ يحرق الشياطين، ومن يصلي متنزهاً متلفتاً فهو مغلوب منهم.
من ينقاد لشهوته وللذات الأفكار سريع الانقباض، ومن يحتم ويمسك ينجُ.
عدم الأمانة تنتج رخاوة النفس، ورخاوة النفس تنتج التواني، والتواني ينتج النسيان،
والنسيان ينتج الغفلة، والغفلة تنتج اليأس، واليأس يولد الموت.
من أين تستأسد "تصير كالأسد" الآلام وتترأس علينا؟ أليس من توانينا.
لا تستعبد من أعطاك ولا تجعل أعضائك تتمرد عليك وتغتصبك، أعمل بِها الخير لا الشر
فتكون قنية مكرمة لسيدك.
علامة النفس الوانية كونَها لا تسمع الكتب بتلذذ، والنفس المتيقظة تقبل الأقوال
الإلهية كأرض ظامئة إلى المطر.
المفرش الوطيئ يربي النوم وينميه، وعدم تقوى اللـه يقويه، ألك خروف لا تحبس معه
ذئباً، والأمر الذي يحاربك به العدو لا تدخله إلى بيتك فإن أدخلته إلى بيتك فلا
تتراخى للفكر لكن ضع مخافة اللـه بازاء عينيك لئلا تقهقه عليك أعداؤك.
البيت المبني على الرمل لا يثبت؛ ونسك ممزوج باسترضاء الناس لا يثبت ولا يدوم.
من يعمل بخشية اللـه لا تخسر أخرته، لا تجلب مناجاة غريبة في وقت الصلاة.
يا أخي إن قمت لترتل للـه أفتح فمك لقول اللـه نظير القائل: أرتل لإلهي ما دمت
موجوداً. لئلا تناجيك أفكار غريبة فتزعج ذهنك وتكدره لكن رتل بالروح ورتل بالعقل.
الدموع في الصلاة موهبة عظيمة والانقياد مع الأفكار الشيطانية هو نظير الموت
ومساويه.
قلب يتكردس من المعقولات السماوية يربطه الشيطان بالأمور الأرضية ويكتفونه بِها.
إذا تَهاونت بالأمور البالية تأخذ الأشياء التي لا تبلى.
على الجثة تجتمع النسور وعلى نفس يائسة من ذاتِها تجتمع الشياطين؛ لأنه أينما تكون
الجثة هناك تجتمع النسور.
أيها الحبيب فليكن عقلنا فوقاً فإن من بعد مدة يسيرة ننصرف من هنا والأشياء التي قد
جمعناها لمن تكون.
كما يطرد الدخان النحل هكذا تطرد الرذيلة المعرفة.
لا يفرح أحد بالعدل لكن بالاحتشاد، ولا أحد يسر بأنه لم يظلم قريبه بل يسر إن أبتاع
بشىء يسير أشياء كثيرة.
أمام الرعد يبرق البرق وقدام الغيم المتكاثف يجتمع كل طائر متسارع، وبأكله طُعم
الفخ يسلم ذاته للذبح، وغيظ الإنسان يسبب له سقطة.
السبع يصطاد من أجل جوفه، والنهم البطن يتهشم من أجل لذة البطن.
الفرس الصعب الرأس يدفع صاحبه إلى يد الأشرار، والإنسان الصعب العنق يسقط في
الأسواء.
في أوان الثلج يقتفى أثر الصيد، وفي وقت التجربة يقتفي العابد الشيطان، دربة العابد
تستبين في المحن.
أجتهد أيها الحبيب أن تقتني الإفراز الذي فيه فضائل سيرة العبادة مكنوزة، فما ترجمة
الإفراز سوى أن تحفظ رفيقك بلا شك ولا اضطراب، وأن تتكلم بأقوال مهذبة مفضلة مؤدية
إلى الخلاص.
أتريد أن تكون عظيماً صر أخِر الجماعة، أتشاء أن تقتني اسماً صالحاً جهز أعمالك
بوداعة، أتقي الرب بالحقيقة ليصير حظك حسناً في أواخرك فإنه يشرف الذين يتقونه.
أيها العابد لا تخضع للجسد؛ ولا تكمن لأخيك؛ وتصنع له اسماً ذا تعيير مريداً أن
تطرده من مكانه بخزى لئلا تتكبد الأشياء التي تآمرت بِها على رفيقك، لأن من يحفر
هوة لقريبه يسقط فيها؛ ويسمع المكتوب: يسقط الخطاة في شركهم.
ويتم فيه ذلك القول: كل الذين يريدون أن يعيشوا بالمسيح بتدين حسن يطردون.
يا أخي لا تحتج قائلاً: أن الأخ فرزته الجماعة. لا تعمل بإنسان آخر سوءاً، ولا
تشارك من يعمل الشر فإن الرب يفحص القلوب والكلى.
إن خرج أخوك من الدير فلا تترفع عليه في ذهنك، ولا يكن مستحقراً في عينيك فإنك لا
تعلم ماذا ينتج اليوم المقبل، أسمع القائل: من يظن أنه واقف
فليحذر ألا يسقط. وأيضاً ليس من يبرهن عن ذاته هو المهذب بل من يبرهن اللـه عنه.
لأن كثيرين ارتأوا أن يتقلدوا ويترأسوا فصاروا أقصى بعداً من المقصين، والميئوسين
منهم أخذوا نعمة، لأن اللـه يناصب المتكبرين ويعطي المتواضعين نعمة.
إن رأيت رجلاً لا يستمع ولا يتمسك في ذاته وهو متكبراً ويعد نفسه حكيماً فاضلاً هذا
نصفه أنه مائت إذ لم يتقبل الدسومة الصائرة من مخافة اللـه، وإذا أبصرت إنساناً
هادئاً ومتواضعاً فأعلم أن أصله سيثبت لأنه مسق من دسومة مخافة اللـه.
يا إخوتي إن كانوا رؤساؤنا ليسوا حاضرين هنا لكن الراعي هو بيننا، لأن صادق هو
القائل: أينما يكون اثنين أو ثلاثة مجتمعين باسمي فأنا هناك بينهم.
فلنصغ إلى ذاتنا يا أحبائى، مستقبح للعابد أن يضع يده على إنسان، ومن يَرحم يُرحم.
إن أعطيت أخاً عملاً فعملاً جيداً تكمل إن أعطيته أجرته بمحبة اللـه لأن من الورع
أن لا تضر رفيقك.
من وجد طريق طول الأناة والحلم فقد وجد طريق الحياة.
الإنسان المسامح يعمل في اليوم المشهور ولا يتزعزع في عمله.
عصفور يستدعي عصافير إلى القفص، والخاطئ يستدعي نظيره إلى الشرور.
أيها العابد أستعفِ من أن تكون مع الذين يحبون البطالة ولا يرتضون السكون.
أهرب من المحبين مجالس الشرب القائلين: أعمل أنا اليوم وتعمل أنت غداً فإنك إن
تنازلت لهذه الأقوال فلا تقوم سيرة ذات فضيلة.
لكن ماثل الحارين بالروح السالكين في الطريقة الضيقة والمحزنة لتدرك الحياة
الخالدة، لأن الطريق العريضة الواسعة ترشد السالكين إلى الهلاك.
العابد السئوم الضجور إذا وافاه فكر ما يغلق باب قلايته ويدور هنا وهناك كمركب لا
رجل له. فأما الجالس بصبر فلا ينقاد مع الأفكار الباطلة.
من يحسد أخاه على نجاحه يفصل ذاته من الحياة الدائمة، ومن يؤازر يكون شريكه.
فإن الذين يسعون مع فاعلي الأفعال الطالحة لا يتبرءون لأن الحكم يعذب الفريقين
جميعاً، ألا يليق بالرب أكثر أن يعطي ثواباً لمن يساعد في عمل مسرته، وقد كتب:
أحزان الصديقين كثيرة ومنها كلها ينجيهم الرب، وكثيرة جلدات الخاطئ وموت الخطاة
شرير.
ليست هذه فضيلة أن تُشتَم فلا تحس، بل الأفضل أن تتفهم وتطرح المساوئ بتدين حسن
لأنه قد قال: إن العاجز إذا عُير لا يخجل.
فرأي حسن أن تقطع الغضب بالتبسم أفضل من أن تتوحش متنمراً بلا استئناس.
الإنسان الحكيم يستلذ البكاء أكثر من الضحك، من يعطي لفمي حياطة ولشفتي خاتماً لئلا
أهفو بِهما فيهلكني فمي، يا سيد حياتي لا تُهملني في رأيهما ولا تتركني أن أسقط
بِهما.
أنت يارب قلت: من أقوالك تتزكى ومن كلماتك تدان. إن كان النبي قال: إن عدلنا كله
وبرنا كخرقة امرأة معتزلة. فماذا أقول أنا المولود بالخطايا؟ فالآن يا سيدى أعلق
كافة رجائي برأفتك، فاغفر لي أنا الخاطئ، ولا تعطيني طموح عيني، وصُد عني الشهوة
الرديئة.
أيها الحبيب لا تصدق المنامات الخداعة فإن كثيرين أضلتهم وسقطوا إذ توكلوا عليها،
لأننا إلى أى مقادير بلغنا حتى نعاين مناظر الملائكة.
التواضع نجاح عظيم وشرف مجيد ولا سقطة فيه، علامة تواضع القلب أن تعمل بكلتا يديك
في كل حين حاجة الأخ وتقبله كذلك.
الذي يطلب أن يرث والديه بالجسد يقع في تغلبات تجاذب ذهنه ومن يتقي الرب ينج، لا
تقل فإن شخت فمن أين أغتذى لأننا لم نؤمر أن نَهتم من أجل الغد أفتهتم من أجل
شيخوختك، فاطلب ملك اللـه وعدله وهذه كلها تذدادها.
هو قال: قد علم أبوكم السماوى وعرف الأشياء التي تحتاجونَها قبل أن تطلبوها منه، إن
لم تطلب الأشياء أولاً فيكون أمرنا ظاهراً أننا لا نجتهد من أجلها، ألق إذاً همك
على الرب فهو يعولك.
إن كان في يدك شيء يسر الرب فأهتم به كمزمع أن تعطيه عنه حججاً وحساباً، من يرحم
المسكين يشبع من الخيرات، ومن لا يرحم يغلق أمامه الخدر السماوي.
كل من يتكل على إنسان لا يعاين الخيرات، ومن يتوكل على الرب يسلم.
لا تكن فظاً خشناً بلسانك فإن فم الصديق يقطر نعماً ومنحاً.
الأطعمة الكثيرة تكثف الذهن والمسك المعقول ينقيه.
تأمل وتوق محادثات النساء، أحذر يا حبيبي لئلا بحجة قلنسوة أو إسكيم أو بأحد أنواع
اللباس تصاد نفسك فإن مكائد المحال كثيرة، الأفضل أن تلبس عتقاً بالية وتقتني بنفسك
مخافة اللـه من أن تلبس لباساً بَهياً وتسلك سلوكاً متدنساً.
من يحفظ الوصايا يحب نفسه ومن يتهاون بِها يخسر نفسه.
الرجل السكير والغضوب يقلق نفوس الإخوة وتعيره معه دائماً.
ضع على الجرح مرهماً وعلى الشاب تورعاً لا رياء فيه.
الشاب يعود مصفراً مقفراً إذا أتبع فكره ولا يقبل وعظ المجربين.
ضلالة رديئة للشاب عدم الخضوع؛ والطاعة بالرب ستر عزيز.
الرجل المتكبر والغير مطيع يرى أياماً مرة، والمتواضع القلب والصبور يسر بالرب كل
حين.
فائدة عظيم خطرها أن يوجد إنسان صبوراً ومتواضعاً فلا يوجد شيء يوازي جماله.
لا ترادد الحق مجاوباً وأخجل من عدم التأديب.
لا تخجل أن تعترف بخطاياك ولا تقل قد أخطأت فماذا أصابني فإن الرب طويل الأناة، لا
تتباطأ أن تعود إلى الرب ولا تدافع يوماً بعد يوم اذكر أن الرجز لا يبطئ.
لا تكن يدك ممدودة إلى الأخذ ومقبوضة عن العطاء، العاقل يحصن ذاته بالمحبة والجاهل
يكنز لذاته البغض، من يترفع على أخيه تلعب به الشياطين، لا تحتقر إلى الأبد أخاً
لأنه قد كتب إن أمراء كثيرين جلسوا على الحضيض ومن لم يتوهم شيئاً لبس التاج.
كن مستبشراً بالعدل مقطباً بازاء الخطية، سقم النفس أثرة الشرف أما السبح الباطل
فهو ألم خبيث.
إذا خرجت من قلايتك في خدمة فأرصد حواسك وصنها لئلا تجمع لك الأفكار قتالات
واضطرابات، فإنه قد قيل القنية التي لا سياج لها تختطف، والإنسان الذي لا صبر له
يتنهد سريعاً مخدوعاً.
العاجز يجمع لذاته حججاً كثيرة والنؤوم يسقط في الأسواء.
المحب القنية هو نخلة غير مثمرة، والعادم القنية كالنخلة المثمرة يتسامى إلى
العلاء.
المحب الهيولي يضاهي طائراً يطير وقد أخذ في رجليه سيراً وأينما جلس يلتف عليه،
والذي لا هيولي يشابه مسافراً متشمراً.
كثيرون يظنون بذاتِهم أنِهم عقلاء ولا يستطيعون أن يفطنوا، إن الفهم الذي يظنونه
يجلب لهم خسارة النفس، لا تكون حكمة ولا توجد فطنة ولا رأي صالح في نفس تمقت مخافة
اللـه.
الحكمة بالحقيقة أن تعمل كل شيء كما يشاء اللـه.
الخلق الحلو يكثر الأصدقاء، والمحب للرب يحفظ وصاياه.
أكرم الأخ بحضرة معارفه فتكون قدام الرب مكرماً.
القهرمان الأمين يربح نفوس إخوته وعزم الحقود يشتتهم.
الخازن التقي العاقل يوزع الأنصبة بالعدل؛ والخازن الجاهل ينشئ الخصائم.
الذي لا يشبع لا يرضيه الأمر المقسط بالحق، واللبس يسبب الهيوج، والمتقي الرب يجلب
صمتاً.
القهرمان السكير يحط من شرفه؛ والماسك والوديع والمتواضع القلب ينجح في الشرف.
لا تحتج عن ذاتك بمرض وأنت معافى لأنه قد كتب: وأعطاهم شهوتَهم وبعد ذلك صرعهم.
لا ننكر يا إخوتي نعمة الرب الذي رزقنا القوة لنعمل بِها الخير لكن إذا عملناه بِها
فلنشكر الرب كل حين.
من يضحك على قريبه كمن يغتابه والاغتياب مبغض عند اللـه والناس، ومن يغظ قريبه
يستنهض غضبه والمصلح مغبوط لأنه يدعى ابناً للـه.
أكرم الشيوخ من أجل الرب؛ والشاب المعوز تألم معه؛ فتأخذ من الرب الثواب، فقد كتب
لا تعملوا للطعام الضائع بل أعملوا للطعام الباقي في الحياة الأبدية، فلتعمل يداك
الخير لتعطي المحتاج، وليكن قلبك إلى اللـه كل حين فتكون عاملاً للطعام الباقي لا
الفاني.
أيها الأخ أعمل ولا تسترح فإن البطالة قد عملت رذيلة كبيرة.
المتذمر يخسر كثيراً، والمحتمل بشهامة يجد في أواخره مسرة.
الخادم العاقل لا يتوانى في عمله، والمتقي الرب لا يشكك إخوته.
أيها الحبيب أتَهرب من الذين يرشقون الجسم؟ فالأليق أن تَهرب من الذين يرشقون
النفس.
وتَهرب من حية تلدغ الجسد؟ فالأولى بك أن تَهرب من المرأة التي تلدغ النفس.
من يتمتع بجمال امرأة؛ ينصب في نفسه اشتهاء حسنها، ومن يداوم المضي إلى أبواب
منزلها؛ يشبه من يمشي على الجليد لأن الزلق ليس بعيداً منه.
أتَهرب يا حبيبي من النار لئلا تحرق جسدك؟ فأهرب من الخطيئة لئلا تحرق جسمك مع نفسك
في النار التي لا تطفأ.
العابد الذي يحدث امرأة كمحاربين، والمتيقظ يغتم ولا يسلب.
البواب الأمين حافظ النفوس بعد اللـه، والبواب الغير آمين يضيع المؤتمن عليهم ويضيف
إلى نفسه أيضاً.
ونحن إذا جهلنا الزمان الذي سلكناه في سيرة الغباوة والتواني الذي صنعناه فيها
نتشامخ، مديح الرجل ليس بالزمان فقط بل بالنجاح والنمو؛ لا النمو في الشيب بل في
اقتناء السيرة ذات الفضيلة.
للجندي مبادئ وهي السلاح والسيف والخوذة، والعابد المبتدئ له مبادئ وهي الأمانة
والتوبة والمحبة، فالأمانة تولد الطهارة، وتواضع القلب والطاعة يولدان طول الأناة
والمسك، وأما التوبة فتنتج الدموع؛ وأما المحبة فتولد الصبر والرجاء.
من ينتقل دائماً من قلاية إلى قلاية أخرى يقتني أفكاراً جدداً، ومن يقم في موضع
واحد يسكت أكثر.
أيها الحبيب منذ حداثتك أختار التأديب فتجده في شيخوختك عقلاً وفهماً.
منذ شبابك أزرع حقلك وأهتم به لئلا ينبت فيه شوك كما ينبت في البائرة، أجعل فيه
ثمراً جيداً؛ وأعطي مجداً لمن يرزقك القوة.
المياه تُنبت الحشيش؛ والحديث مع العلمانيين ينشئ ألم استعلاء الرأي؛ والخائف من
الرب لا يترفع.
إذا أهلت لموهبة فلا تعلي ذهنك فإن ليس لك شيء جيد ما لم تأخذه من اللـه، وإن لم
تسلك برأيه ينتزع منك الشىء المختص به ويعطيه لمن هو أصلح منك، وحينئذ تشابه من
يلزم أن يكمل رسم الكتابة بلا حبر.
ديكان يجتمعان معاً كفكرين في قلب العابد؛ فأخرج ما للغرباء وتسكت نفسك.
الرجل العاقل يحفظ الوصايا؛ ومن يحفظها فقد أقتنى فردوس النعيم الخالد.
اسم صالح أفضل من غناء جزيل، والنعمة الصالحة أفضل من الذهب والفضة. أعطى النفس
السائمة كلام تعزية فيوطد الرب قلبك.
إذا تفرغ قدح النبيذ بعد الصلاة فاذهب إلى قلايتك مسرعاً؛ وأشكر الرب الذي دبر
ويدبر، لأن كثرة الكلام بعد الأغتذاء تولد زلات ونكالاً.
الرجل السكير في حين المساء يقول ما لا يجب؛ وعند السحر يندم؛ وإذا صادف خمراً
يتلطخ بتلك الأمور أيضاً.
إن جُرِّبت دفعة فتحرز فيما بعد لأنه قد كتب: المولود من اللـه يحفظ ذاته ولا يمسه
الخبيث.
لا تشرب أيها الحبيب خمراً للسكر؛ وإن تملقك الأصدقاء الحاضرون لأنه إن سكرت فقبل
الكل يسخر بك الذين أمروك، فتحرز جداً من أن يسود عليك النسيان.
يتعب البطينى ويتهشم ليملأ بطنه أطعمة، وإذا أكل يتوجع عند الهضم، والحمية تتبعها
الصحة، واليقظة المسك، والدوار لا يسلم من جرح إن لم يتيقظ، ومن يثبت في المكان
الذي دعي إليه يجد نياحاً أكثر.
من يستحقر الأمور اليسيرة يسقط بعد يسير، والعجز بعد هنيهة ينتج فقراً اضطرارياً.
لا ترفض وعظ الناس القديسين وإن كنت عالماً فإن هذا هو ثمر العلم.
هروب العابد من أن يشارك ضوضاء؛ وأخرته غم وندم.
فقد كتب "إذا مُدح الصديقون تسر الشعوب واسم المنافقين يخمد".
وأيضاً "ليمدحك الغريب ولا يمدحك فمك، والغريب ولا شفتاك".
وأيضاً "تختبر الفضة والذهب بالإحماء والتصفية؛ والإنسان يختبر بفم الذين يمدحونه".
يحفظ الشريعة الابن الفهيم؛ ومن يراع الفهم المحظور فقد شتم أباه.
أكرم الكل من أجل الرب ولا تبتغي أنت إكراماً فتجد من لدن الرب نعمة، فقد كتب "من
لا يخجل من وجوه الصديقين فليس صالحاً فمن هو هكذا بأكلة خبز يسلم إنسان". وكتب
أيضاً "طوبى لمن يتوقى كل شيء من أجل التورع والقاسي القلب يسقط في الأسواء".
الإنسان المحب للحكمة يُفرِّح أباه، ومن يراعي الزواني يضيع غناه.
الأفضل أن ترعي باهتمام أجود من أن ترعى بلا اهتمام، والأجود أن تتعلم باهتمام أفضل
من أن تعلم وتعمل أعمالاً لا يجب افتعالها.
من يؤدب ذاته يؤدب إنساناً آخر، ومن يعلم ذاته يعلم قريبه.
لا تثقل على أخيك؛ فإنك إن وضعت على بَهيمتك حملاً يفوق قوتِها تجلس في وسط الطريق.
كل شئ يثقل عليك فليكن لك به التدرب والخبرة؛ واذكر المعونة الصائرة من للـه إليك.
لا تبذل مسامعك لأقوال قبيحة لئلا يتدنس عقلك؛ لأنه كما يضر العينين الدخان؛ يضر
الكلام القبيح النفس.
إذا آذاك روح الزنا فأزجره قائلاً: "الرب يلعنك أيها المملوء نتانة؛ يا شيطان
النجاسة. لأننا قد عرفنا القائل: إن رأي البشرة عداوة للـه.
لا توجد حكمة ولا يكون عقل حيث ليس مخافة الرب، لأن رأس الحكمة مخافة الرب، فإنه قد
كتب "النور للصديقين كل حين وضوء الخطاة ينطفئ".
شجرة الحياة شهوة الصديق، ومن يبغض التوبيخات فجاهل. من أكثر في الكلام لا يفلت من
خطيئة، ومن يشفق على شفتيه يكون فقيهاً.
أفكار الصديقين حكم وتدبير، والمنافقين تدبيرهم غش.
من يقدم قريبه في الكرامة يجد إكراماً، ومن لا يتورع من وجه أخيه يؤدب بتعب.
إذا أكلت مع الإخوة فضع يدك في القصعة بترتيب، فإن اليمام والخطاطيف والعصافير
وطيور البر قد حفظت أوقات ورودها. ضع يدك ولا تستهجن من أجل من هم أصغر منك فقد
استكملت طول النهار صوماً ومن أجل لحظة ساعة تقلق.
فالبطالة لذيذة عندك لكن نَهايتها مرة، أتتعب إذا عملت لكنك أخيراً تفرح. فقد كتب
"رذالة عند الرب الشفة الكذوبة ومن يعمل الصدق ذاك مقبول عنده".
من أكثر أقواله يمقت؛ ومن يمسك فمه يُحَب.
إذا رأيت رجلاً يتوانى عن التيقظ للفضيلة فلا تتراخ أنت بفكرك بل تشجع أكثر؛ وفي
أوان المحنة جاهد جهاداً جزيلاً.
لا تغير حدود التواضع لئلا يظن أن لنا عذر فنفسد تورعنا وتستهون فيما بعد الخسارة
من أجل القائل: "أن عبد الرب ما سبيله أن يخاصم". وأيضاً "مغبوط من يرهب كل شيء من
أجل التورع".
لا تبادر أن تغضب بروحك فإن الغضب إنما يستروح في حضن الجاهل فقد كتب "الابن المكرم
يطيع أباه والابن الذي لا يطيع يكون في الهوان".
من يحفظ فمه يصن نفسه؛ والمتهجم تذهله شفاهه.
الابن الغاش لا يكون صالحاً؛ ومن يحفظ الوصايا مغبوط.
شريعة الحكيم عين حياة؛ ومن لا عقل له يموت في الفخ.
من يسلك مستوياً يتقي الرب؛ ومن يعوج طريقه يهان.
تطلب عند الأشرار حكمة فلا تجد؛ والحس موجود عند العقلاء.
أمر سهل بستان لا سياج له إذا وطئ يصير بريه؛ ومن لم يصن فمه يضيع ثمره.
من يتوكل على الغنى يسقط؛ ومن يعضد الصديقين يتلألأ لامعاً.
من يفرق ماله بجهل ويبدده يصير محتاجاً؛ ومن يبدده بأمانة الرب لا يخذل إلى الأبد؛
لأنه قد كتب "بدد وأعطى الفقراء وبره يبقى إلى أبد الدهور ورونقه يعلو في الشرف".
من يكثر يساره بالربا والربح يجمعه لمن يرحم المساكين بمقدار ما يترفع بكبرياء قلبه
ويدوس الأرض التي منها أخذ، فإلى الأرض يذهب والرب يرفع شأن المتواضعين.
الدخان يطرد النحل؛ والحقد يطرد المعرفة من القلب.
تضرع إلى الرب وأسكب دموعاً قدام خيريته؛ ولا يقطن في قلبك حقد؛ وتكون صلاتك كبخور
قدامه؛ فقد كتب "نجس عند الرب كل متعالي القلب والشرف يتقدم أمام المتواضعين"؛
وأيضاً "الإنسان يطلب حجة إذا أراد أن يفارق أصدقاءه وفي كل حين يكون معيراً".
وكذلك الذي يريد أن يفارق ديره يتعلل بالرئيس والإخوة. فقد كتب "تكون طريق مظنونة
عند الناس أنَها مستوية وأواخرها تقضي إلى قعر الجحيم.
يا أحبائي فليعزِ بعضنا بعضاً، وليخدم بعضنا بعضاً، وليعظ بعضنا بعضاً بتقوى اللـه
إلى أن ننتهي إلى ميناء الحياة.
النهم البطن يهتم بأشياء كثيرة؛ والممسك يضاهي غزالاً في غابة.
كما أن الماء للسك؛ هكذا السكوت للعابد بتواضع قلب ومحبة.
زاد العابد لطريقه الورع ومخافة اللـه.
تقوى الرب ذهن مهذب؛ ومن أقتناه لا يخزل.
ستبتدئ يا ابني الشياطين الأعداء أن يحوطوا بفكرك عند استماعك خبر والديك بالجسد
لكن الفرح يضاعف لك والعز يزداد لك في ملكوت السماوات إن صبرت تخدم إلى النهاية.
من يشاء أن يعيش في كل موضع عيشة سلامية فلا يطلبن نياحهُ بل نياحة قريبه بالرب
فيجد النياح، فأما المماحك الردىء العزم فلا يسكت في موضع أصلاً.
قبل أن يتهاون الإنسان بمخافة اللـه لا يخطئ قط في موضع.
إن شئت أن لا تخطئ فأحفظ مخافة اللـه، أشعر أن الخطيئة كالجبال العالية أو كلجة
البحر الموعبة مهاول الهيوج؛ أو مثل لهيب النار الآكل من يسقط فيه، وإن حرص العدو
أن يصغرها في عينيك إلى أن تسقط فيها.
لا تشاء أن تخطئ ولا تحتج بأبيك، الرب قد نصبك راعياً فلا تدخل إلى رعيته ذئاب
مفسدة لئلا ترد مقفراً من رعاية الغنم.
وإذا جاء رئيس الرعاة فلا يرتضي بذلك، فأطرد من الغنم كل أمر يضاددها فلا تدعى
أجيراً غاشاً بين إخوتك، المدبر مكرم والمتقين الرب مكرمين في عينيه.
قبل أن تبدأ في أمر تفطن في نَهايته فقد كتب "أن المولود من اللـه يحفظ ذاته ولا
يمسه الخبيث".
ليس بأمر صعب أن يعرض شيء رديء لكن الرديء المستصعب هو الثبوت في الشر إن عرضت
خصومة بين أخين فإذا تاب الأول يأخذ إكليل الغلبة، ويكلل الثاني إن لم يطرح التوبة
بل يصنع بنشاط أسباب المصالحة.
علامة نقص الأدب في العابد هي إذا جلس بين إخوته يكشف ساقيه، فأما المتورع فيجلس
بزي حسن.
تفكر في كثرة الكلام فإن ربوات الأقوال نَهايتها السكوت، فأسبق وخذ الفائدة وأهرب
من الخسارات.
أيها العابد أحتقر أمر الجوف فتكون لك راحة، وأطرح استعلاء القلب وأستدرج راية
التواضع.
أيها الحبيب إذا أُدخلت إلى قلايتك أحداً فأحرص أن تصرفه بزي حسن وغير مرتاب ولا
مشكك، الأمر الذي معناه ألا تعمل شيئاً خارج مخافة اللـه لئلا تصير له رسم عمل لا
بر فيه لأن الرسول يقول "كونوا بلا عثرة لليهود ولا لليونان ولا لكنيسة اللـه".
يا عابد أكرم الكل لا من أجل مكافأة بل من أجل الرب.
خلواً من نخر لا تنشأ دودة؛ وبغير اهتمام لا تباد.
بغير تواني لا ينشأ تَهاون؛ وبغير اهتمام لا يقلع.
أتقِ الرب فتجد نعمة، لا يصادفك العدو عاملاً أشياء خارج عن ميعادك فلا يذهلك
البتة، الإنسان الذي يرضي الناس يحرص أن يرضي كثيرين لكن ليس من أجل الرب، والمتقي
الرب يحفظ وصاياه.
الخائف من الرب لا يغتر لأنه يسلك في نور وصاياه.
الغضب للإنسان حفرة له؛ ومن يغلب الغضب يعبر الحفرة قفزاً.
من يؤدب شعبه يكون له صلح مع الذين خارج حوزته.
والواثق بذاته يستكثر العداوة لنفسه.
الطوبى لمن يحمل نير المسيح بوداعة إلى النهاية لأن الكبرياء رديئة.
في ألفة الإخوة يسكن الرب؛ وطرب العدو الغاش إنما هو معاداتِهم.
إلى متى تخفي الأرض البذار المزروعة فيها؟ إلى أن تأخذ نسيم الماء.
أعمل أيها الحبيب وصايا المسيح عملاً مكتوماً؛ فيعطيك في الجهر ظاهراً.
العاجز والمحب لذاته إذا رأى العمل يخبئ ذاته، وفي العشاء يحسب ذاته في الأولين.
العاقل لا يفضل ذاته على الإخوة الخاملين بل يصير رسماً للمؤمنين.
الغير رحوم لا يتوجع لمريض لأن الطوبى للرحومين فإنَهم يرحمون.
القهرمان الأمين لا يستغنم إخوته، وذو الفضيلة يعمل كل شيء كما يشاء اللـه.
لا تسئ إلى أجير باذل نفسه، ولا تتأخر في أجرة الفاعل أذكر أنه قد تعبد لك وأعطية
أجرته في وقتها فتنال ثواباً في حينه.
ومن يُوبخ ويصمت في خبث يخبئ في قلبه حقداً، ومن يجاوب بوداعة سلامية يكون غير
حقود.
من لا أدب له يتهزأ بالشيوخ والمتأَدب يحب.
من يحب الأدب يحب الحياة.
كما أن الجليد والثلج يضمران الخضرة؛ هكذا تضمر الخطيئة قلب من يعملها.
كما ينضر النبات بورود المطر؛ هكذا تتباهى نضارة القلب بالأعمال الصالحة.
الرجل الغضوب والصياح يكون كثير الحلف؛ أما الصامت فيكون فقيهاً.
ما هو الغضب؟ الغضب هو ألم لا حياة فيه ولا خجل.
الألم هو الذي يعقبه التندم والحزن سريعاً، والحزن يأكل ويفني قلب من يسقط فيه.
لا تعطي قلبك غماً لكن سلم ذاتك للرب.
عدم الأمانة ولدت رخاوة النفس، والنفس الرخوة جلبت المحك، والمحك يتبعه الضلال، ومن
قد ضل فليهتف بصوت عظيم إلى رئيس الرعاة مخلص نفوسنا كي ما إذا عاد يجمعه في صيرة
غنمه.
لا تستفحص أيها الحبيب قائلاً: كيف هذا أو ذاك بل آمن بالرب وصدقه فهو يضئ ذهنك
لأنه بمقدار الأمانة تسكن النعمة في النفس، لأن الرب صادق في كافة أقواله وبار في
جميع أفعاله.
الأصوات ضربت في عساكر بني إسرائيل في البرية، أما كرازة الرسل فوصل صوتِها إلى
كافة الأمم مثل البوق الجهير.
الإنسان المؤمن دالية المسيح، والرجل غير العامل مثل العنقود المسطح على الأرض
الغير نافع، هكذا الفكر المشتغل بالأمور الأرضية يصير غير مختبر في الفضيلة.
من يبتغي المشاغبة يوافِ هلاكه بغتة، لأنه يفرح بسائر الأشياء التي يبغضها الرب،
ومن يحب السلامة يرث السلامة.
وداعة الرجل أن يقمع الغضب ويرده.
إن عرض لك بغي وبعد ذلك ظهرت دالة ضميرك فلا تعلِّ رأيك بل أخدم بتواضع الرب الذي
فداك من بغي الناس لئلا تسقط سقطة مذهلة.
كما أن البلوط يربي الخنازير هكذا الأفكار الخبيثة تربي الشهوات الطالحة، الغضب
والحقد يشابه سم الأفاعى لأنه يغير الصورة ويخبط العقل، ويحلل الغضب، ويضعف القوة
عن العمل.
أما الوداعة والمحبة فتفني هذه كلها، ثم يُحَل الحقد بتذكار مخافة اللـه ويوم
الوفاة.
أيها الحبيب تذكر أواخرك وأكفف عن الغيظ، وإذا تذكرت الموت فلا تترفع لأنه بعد يسير
تدخل إلى القبر؛ وهذا العمل الردىء ماذا ينفعك.
والمجد للآب والابن والروح القدس
الآن وكل أوان وإلى أبد الآبدين...
آمين |