وُلد فثيون في قرية تدعى دوين من أعمال ديناهور من عائلة شريفة. وكان جده مهريار
وجيهًا في علماء المجوس. وخلف ابنين وهما دَدكوشناسب ويزدين، فألهم الله يزدين أن
يقتبل المعموذية. فاعتمذ ودخل ديرًا وصار ينمو في الفضيلة. ثم سعى بهداية أخيه
ددكوشناسب فعُمذ هو أيضًا ودعي في العماذ داديشوع وهو أبو مار فثيون. وكان فثيون
محبًا للفضيلة مائلا إليها فأخذه يزدين إلى صومعته. وثقفه في حقائق الإيمان
والفضيلة حتى تمهّر فيها. فدعاه الله إلى المناداة بالإنجيل في بلاد فارس فقصد أرض
بلشافر هو وعمّه يزدين فأفلحا ثمه وكرّمهما الله باجتراح العجائب. وهدايا كثيرًا من
المجوس إلى الإيمان. ولبث فثيون برفقة عمه يزدين إلى أن توفي. ومن بعد وفاته رُسم
فثيون كاهنًا فواصل سعيه في نشر الإيمان. وقصد ميشان وأرض مسبذان وبلاد مادي ونادى
فيها بالإنجيل فانضم إلى الإيمان جمّ غفير وبنى لهم كنائس كثيرة.
وكان في مقدمة من اهتدوا على يد مار فثيون آدورهرمزد عامل بلشافر وابنته آناهيد،
وذلك أن آناهيد كان قد اعتراها الروح النجس فشفاها مار فثيون بصلواته. وحرّضها على
اقتبال الإيمان والمعموذية فآمنت فتطاول آدورهرمزد أبوها على مار فثيون فضربه الله
ضربة أليمة. فانتبه آدورهرمزد إلى جريرته. فأرشده مار فثيون وعمّذه وشفاه من علته.
فلما بلغ مسامع آدورفرزجرد والي الكورة خبر تنصر آدورهرمزد أمر بقتله في 25 نيسان
سنة 449، أما آناهيد ابنته فترهبت على يد مار فثيون فشعر بها آدورفرزجرد فسعى
بصدّها عن الإيمان المسيحي. فلم يتزعزع إيمانها وتكللت هي أيضًا على يده في اليوم
الثامن عشر من حزيران تلك السنة.
هذا وإذ سمع آدورفرزجرد بخبر الأعمال الجليلة التي كان يبديها مار فثيون لنجاح
الديانة وتقهقر المجوسية أمر بإحضاره في الحال وصار يعده ويتوعده فلم يستفد من وعده
ولا من وعيده شيئا إلا التعب. فأمر بان تقطع أعضاؤه في أيام معدودات فقطعت في يوم
أذناه وفي يوم يداه وفي آخر ذراعاه وفي غيره ساقاه ثم فخذاه وسائر أعضائه. وقطع في
اليوم السادس رأسه. وكان ذلك في بلشافر يوم الأربعاء في الـ 25 من تشرين الأول من
السنة الـ 447م. وهو اليوم الذي فيه تحتفل الكنيسة السريانية تذكاره شرقا وغربًا.
وبُني على اسمه كنائس كثيرة ومنها كنيسته في الموصل وآمد. |