سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

الرسالة الثانية عشرة - عن الصلاة

 

 

الشيخ الروحاني يوحنا الدالياتي (يوحنا سابا)

   

 

1) وهكذا، تحت درجة الكمال، يبقى المتوحد الذي لم يزل يصلي لله بواسطة الحركات. إلا أنك تقول: "لا تجدف يا أخي! إن آباءنا يعظمون هذه الصلاة فوق الأعمال كلها". وأنا أيضًا من مادحيها، وأسأل إلهي أن أكمل بها بقية حياتي. وأعترف بأنها عظيمة وجليلة أيضًا، لا بل أجل الأعمال. فهي تريح التعبين، رغم أنها شاقة. وإذا ما استراحوا، فإنهم لن يتعبوا بعد ذلك.

2) افهم يا أخي. قال ربنا لسمعان، هامة الرسل: "لك أعطي مفاتيح ملكوت السموات" لكي تغلق وتفتح بوجه من تريد. ولم يمنح هذا السلطان له وحده فقط، بل أيضًا لكل محبي الحق. فالصلاة هي قرع باب المعطي، لكن كيف يقرع الباب، ذاك الذي دخل الملكوت ومنح السلطان على خزائنه؟ بل ماذا؟ يتنعم بالخيرات. يندهش ويتعجب بحُسن الصالح. وإنه لمن المضحك أن يقال إنه يصلي صلاة ذاك الذي سكر إلى هذا الحد بحسن الختن الأبهى من كل شيء.

3) قيل: "الصلاة هي طهارة العقل، تلك التي لا تنقطع حركاتها إلا بإشراق نور الثالوث القدوس على العقل". قيل إذاً: إن الصلاة تنقطع بواسطة التعجب الذي يثيره النور. وهكذا، فالكمال هو التعجب الذي يثيره الله كما قلنا، وليس دوام حركات الصلاة. فالذي دخل إلى بلد الأسرار، يُقيم في العجب الذي يكمن فيها. وهذه هي الصلاة الحقيقية التي تفتح باب خزائن الله ليُعطي الملتمسون ملء حاجاتهم. "مجاناً أخذتم، فمجاناً أعطوا أنتم أيضًا" لكل من تريدون. وعن الذي أعطي لهم السلطان على الثروة، يعطون منها لمن يريد، كأنها لهم، كيف يجرؤ امرؤ أن يقول إنهم يقرعون الباب كمتسولين ويطلبون الصدقات لكفاف حاجاتهم؟ بالحقيقة، لا. بل يوزعون الحياة، ويُقيمون الموتى، ويحملون الرجاء، ويهبون النور للعميان. لقد قال: "أنتم نور العالم"، "لك أعطي المفاتيح". إذن، لن تكون مُلتمسًا بعد اليوم لأن في يدك السُلطان لتربط وتحل، كالمالك في هذا الدهر وإلى دهر الداهرين. فكيف يتذلل هذا من بعد على الباب ليستعطي مثل متشرد، في وقت وضعت في يده مفاتيح بيت المال ليأخذ ويعطي، ليحيا ويُحيي؟

4) لكنك تقول: لماذا صعد سمعان إلى السطح ليصلي، ولماذا قال بولس، ذلك العظيم: "صلّ دائمًا"؟ هؤلاء، إخوتي، استعملوا معنا الأشياء بقدر ما نعرفها وكما تليق بنا، واعطوا لنا بها، لا لهم على الإطلاق، مثالا لتلك المتعالية. أوما سمعت بأن الذهول وقع عليه لما صعد إلى السطح؟ وكيف يصلي المُنذهل والمتعجب صلاة؟ "الروح بنفسه يصلي عنا" يقول القديس بولس. وهذا حقاً فعل الروح نفسه، لا حركات الصلاة على حد قوله أيضًا: "أشرق الله في قلوبنا"، وروحه يفحص أعماقه، ويكشف لنا أسراره". وإن أردنا أن نقوم بهذه الصلاة، فروح يسوع لن يأذن لنا لأننا نملك فكر المسيح لنرى أسرار بيت الآب.

5) لقد دخلوا إذاً إلى بلد العجب، واقتنوا السلطان في عالم الرؤى. وحدهم الروح بحسن العجب، ولن يتعبوا من بعد في الصلاة. لن يبكوا من بعد على الباب، ولن يصرخوا أبدًا عن بُعد: "أرنا حُسنك". ولن يستجدوا كالمتسولين: "وزع علينا ثروتك". يُعطون لأنهم أخذوا. يُوزعون لأنهم اغتنوا. يُريحون لأنهم استراحوا في ميناء الحياة. يُفرحون ويَفرحون لأنهم سكروا من محبة الحسن. "أنهار مياه حيّة تجري حقاً من جوف من آمن بي". ولم تجري، يا ربنا؟ علمنيه. إنها تحيي الآخرين وتروي العطاش.

6) وكيف يصلي صلاة ذاك الذي صار واحدًا مع المسيح، وكأنه لم يعرف رب البيت؟ ولمن يصلي وقد أصبح ابن الله؟ حقاً، "إن أباكم الذي في السماوات يعرف ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه". ولماذا قال: "صلوا ولا تملوا". لأنه ما دام هو عبدًا، فإنه يصلي صلاة. وعندما يُولد بالروح، في عالم الصلاة، يصير ابن الله ويعطي السلطان على الثروة كوارث، لا كسائل يستجدي.

7) حقاً إن الصلاة هي أعظم من الأعمال كلها. فهي تفتح باب بلد العجب وتُريح من التعب وتسكت كل الحركات. ولعلك تقول لي: "أنت تتكلم عن العجب ولا أعرف أنا قوة العجب". إليك هذه الشهادة، كلمة أخ صادق في ما يقول: "عندما ترتضي بي نعمة ربي، وتجذب ذهني إلى التعجب من رؤيته، كنت أقيم يومًا كاملا دون حركات في بلد العجب". ولمّا كان يخرج من هنالك، كان يصلي ويتضرع ليشرق نور الخفي بداخله، في العالم المليء تعجبًا. ومن هنا، لم يعد هناك مجال لكلمات يستطيع أن يتقدم فيها سيل القلم بسيل المداد. هنا وُضع حد من السكوت. للعقل وحده يسمح أن يعبر ويرى مكان استراحة كل الأسرار. وهو مسلط على أن يدخل ويندهش بحسن العجب الذي هو فوق الكل، والمخفي في داخل الكل.

8) لم تصل بعد إلى الكمال، كما قلنا سابقا، كل صلاة لا تتحول إذاً، وبعد وقت، إلى إعجاب بالأسرار. ولا أيضًا تثبت صلاة الحركات بشكل دائم إن لم تذق البتة انذهال الفرح بالله. الصلاة الدائمة هي الذهول بالله. هذا مختصر كلامنا. ربما تجيب بعد هذا: لا تتفوه بهذه الأمور التي تجهلها، ولا تتكلم عمّا لم تجرب. أنا أيضًا أحني رأسي من خجلي وأصمت، وأعتصم بالرحمة. أعضدني بالصلاة.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English