(1)
من الآن، أنا نفسي في مواجهة نفسي. وأنا، أنا قائم في حرب على نفسي، كما يظن
الحكماء، غير الفهماء للحق. إذ إني أريد أن أتكلم أيضًا بما لم يسمعوا ولم يفهموا.
يا لسان العالم الجديد ساعدني لكي أتكلم على عالمك، وأتحدث عنه قدر ما يُقال. الروح
القدس هو لسان العالم الجديد، وبه الكل يتكلم في عالم الحياة.
(2)
يا رأس العالم الجديد. إجعلني عضوًا في جسدك فأقسم من حضنك الحياة للمحتاجين. يا أب
العالم العتيد أنت تكلم فيّ عليك وعلى أسرارك التي تليق بقدسك المقدس الكل. أنت هو
رأس الناطقين ومنك تجري الحياة لهم. أنت هو أبو المتكلمين روحانيًا وجسدانيًا. ومنك
يولدون ثانية نحوك ليقوموا فيك. يا بلد كل البلدان، أنت لهم عالم جديد، إذ بميلادهم
منك يصيرون شبه مجدك، وأبناء الله يظهرون في شبه يشبه بهاء مجدك الذي لا شبه له.
(3)
أنت هو لهم ما يسمى بالعالم الجديد وما يكنى بالعالم العتيد. فمجدك الذي بواسطته
تحل أنت لهم هو أرفع من كل شهرة ومن كل لقب. ذلك هو الميراث الذي يرثونه معك. تكون
لهم بأزليتك الوحدانية التي فيك، مثل الأعضاء بالجسد، وذلك يكون، بالنعمة، بمجدك
ولا يكون بطبيعة مجد أزليتك. ويعتبر الاتحاد بمجدك لتنعمهم، ولا يعتبر اتحادًا
بالجوهرز
(4)
لا يكون الناطقون الجسدانيون هم العطاش فقط إلى هذا الميلاد العجيب. فالسر لا يفسر،
بل حتى الطبائع الروحانية تحتاج خلقتهم وأيضًا ما لهم إلى هذا الميلاد الجديد.
ويفوقون أضعافاً مضاعفة ما هم عليه الآن، إذ إن هؤلاء وأولئك يلتحفون شبه خالقهم في
انبساط واحد لا يميزه شيء بيننا وبينهم، باستثناء نشاط إرادتهم. فلا طبيعة لهؤلاء،
بل إدراكاً. فأنت يا رب شمس الناطقين حتى هنا، ومنك يستضيئون من دون انقطاع، بل هم
مبتهجون بالمزمعات لنا ولهم كل حين، فيرجونها بوجه دائم، إذ يتوقون أن يصبحوا شبه
عظمتك بتبدلهم إلى مجدك.
(5)
إلى هذا يدعو الخالق الطبع الناطق، فيصبح ذهنهم شبه العظمة وتنبع خُفية فيه أمواج
النور من الجوهر من دون انقطاع. يقصر المداد والقلم عن الانبساط مع انبساط الأسرار.
لكن طوبى لمن سُر به المسيح ونعمّه بالاستعلان عليه من ها هنا. وإذا كانت هذه عربون
تنعم فرحة الذي لا ينطق بها، فبأي صمت يلتجم اللسان إذا أراد أن يتحدث عن تلك التي
ستتحقق بالتمام في عالمها. فلنمجده ولنسكت. ومن له هذا الشعور فليصمت. الله لن
يُنطق به وأيضًا الأبناء المزمع أن يولدهم لا يُنطق بهم على شبه. ذلك هو منتهى كل
شيء. من يرفض هذه الأمور، فليتعارك مع صانعها، إن كان يستطيع وإلا فليرتحل.
(6)
يضيء النور فيفرح. يشرق الصباح فيُنعم. يتكلم المحبوب فيُلهب. يُحرض الصالح ويُثمر.
ويظهر له بالفرح مع الذي هو له. السُحُب والغمام والضباب هي نور. أفهم أن العقل
الضعيف لا يستطيع أن يبتحر فيه. واحدة حضرت أمامي، إذ أن الكثرة المتعددة لا تدركها.
أخي كن مشاركاً معي لعلي أجدها بفضل صلواتك عليّ أنا الذليل. طوبى لمن اقتناها. بكل
الوسائل تدبرت كي تساعدني روح الاستعلانات لآتي بخفاياها إلى الظهور. وعندما ازددت
حكمة وُجدت جاهلا لا أدرك شيئاً. فلأخز من الآن بضعفي وأسكت.
(7)
أعطيتني يا أخي قليلا من الأرض للزراعة، فيا أيها الحارث الصالح ارم حبوبًا حية
فيها بدون قوة، فتختزن في أهراء العقل بالحكمة وتصنع قيامة للموتى في بلده،
فيتطيبون بالمأكل الحيّ الواهب الحياة للأبد بلا انتهاء، وتنتصب الثمار الروحانية
من كرم الحارث في البلد المنبسط. ولك يا أخي ترسل عناقيد سمينة في قرطل صغير، على
ما يُظن. ولكن المسرة تعطى الشاربين بلا انقطاع من العصير المعصور بمهارة. الرب
يكون لك مسكنا وتكون له مسكناً وراحة وبيتاً. وهو يكون شمسك المضيئة المُفرحة الآن
وإلى أبد الآبدين، آمين وآمين. |