وُلد إسحق في
مقاطعة بيث قطراييّ (قطر) على الساحل الغربي من الخليج (العربي) في النصف الأول من
القرن السابع. ومنذ نعومة أظفاره دخل بيث عابي وعكف على الدرس ومطالعة الكتب
النسكية. ومن هناك دعاه الجاثليق كيوركيس في بداية بطريركيته (أي سنة 660) وأقامه
أسقفاً على نينوى في نحو سنة 663. غير أنه لم يظل على هذه الأبرشية سوى خمسة أو ستة
أشهر، ثم تركها لأسباب لا يعلمها إلا الله، وقد يكون ذلك لأجل غيرته العارمة على
حفظ القوانين التي رآها مهملة، فالتمس الانعزال من فافا مطرافوليط حدياب وانزوى في
جبل ماتوت في بيث هوزايي (الأهواز) وسكن بين النسّاك والمتوحدين هناك. ثم أتى إلى
دير الربان شابور الواقع في جبال شوشتر في مقاطعة بيث هوزايي نفسها، وهناك أنهى
حياته وقد بلغ شيخوخة جليلة وفقد بصره لكثرة أنصبابه على الدرس ومطالعة الكتب
المقدسة. ودُفن في دير ربان شابور.
إكتسب إسحق معرفة واسعة في الكتب المقدسة
ووضع مؤلفات عديدة في الحياة الروحية. وكتب عروضاً ثلاثة لم يقبلها كثيرون في كنيسة
المشرق. وفي مقدمة المقاومين كان دانيال برطوبانيثا. وينسب إليه عبديشوع الصوباوي
سبعة مجلدات في الإرشاد الروحي وفي الأسرار الإلهية والأحكام والعناية الإلهية.
ونشر كتاب الفتات (ص155-167) مقالة إسحق في العلم، ثم نشرها يعقوب منا في المروج
النزهيّة. ونشر كذلك كتاب الفتات (ص251-256) مقالة لإسحق في التوبة. وقد حُفظ بعض
هذه الكتابات وحُرف بعضها أو نُسب إلى مؤلف آخر. ولنا مثل لهذا التحريف في مقدمة
الترجمة العربية لتآليفه، إذ فيها يحاول السمعاني أن يعمل من إسحق مؤلفاً
أرثوذكسيًا (كاثوليكيًا). أما المنوفيزيون فحاولوا أن يظهروه بمظهر الموالي لهم.
فتجرأ أحدهم واستبدل اسم دير بيث عابي باسم دير مار متى، وبيث هوزايي ببرية الصعيد،
ووضع إسحق في مطلع القرن السادس. وهذه غلطة تاريخية كبيرة. ونشر الأب بولس بيجان 82
فصلا له في الحياة النسكية استقاها من مخطوطات عديدة. وقام (ونسنك) بترجمتها إلى
الإنكليزية سنة 1923 فإسحق إذن كاتب شرقي فذّ، وإن كان قد كتب العروض الثلاثة التي
تقربه من تعاليم حنانا الحديابي التي تمتزج فيها أحياناً أفكار أوريجينية.
|