1)
يبذر الصياد الطعم على فخه، وهو ينصب الشرك لصيده، وهكذا يستطيع الإيقاع به. أما
المتوحد فيصطاده المتمرد ببطنه. أنظر إلى أبيك كيف اصطاد الخائن[1]،
لتتعلم أنت كيف تحاربه. المتوحد الذي يملأ بطنه، هو راعي خنزير، وقطيعه وفير السوء.
المتوحد الذي يحفظ نظامه[2]، هو راعي
خراف المسيح، وراعي الرعاة يحبه كثيرًا.
2)
إن الأهواء متشابكة بعضها ببعض، يا أخوتي. إن خضعت لهذا الهوى، كنت بالاضطرار عبدًا
لرفيقه. لكن نبعها، بمجملها، هو الشراهة. الويل ثم الويل للمتوحد الذي يتغلب عليه
النعاس. من المعلوم أن هذا مستعبد للدبة الشرسة، أي الشراهة. لا تقل: "إني صمت
يومًا واثنين ثم انقض عليّ نعاس ثقيل". هذا ما يقوله الذين لم يقوموا بتجربة
مُحكمة. أنا أعرف جيدًا أن الأعضاء غير المروضة تنحل سريعًا. إذا تمسكت بنظام تقليل
الغذاء، ولم تغيره لأسباب غير واجبة، تطلب الراحة لجسدك ولكن دون جدوى: فعندما تهوي
والرأس مغطى، ستجد نفسك يقظاً. وبدون شك، أنت محتاج إلى ذلك النظام دائمًا. لا تملأ
بطنك كثيرًا لئلا يعذبك الزنى. لا تضعف جسدك كثيرًا لئلا يُضعفك عدوك. تمسك بالنظام
فتسلك في الطريق الملائكي ويكون سيرك بدون خوف.
3)
مثلما لو أن أغذية تتحرك من منظرها الرغبة قدمت إلى من هو في مرض الحمى القاسية
ويتعذب، فتشمئز نفسه ولا يقبلها، هذا شأن رغبة الزنى الطبيعية إن هي أضعفت من قلة
الغذاء. وإن أحضر الشياطين ذكر الوجوه والصور المحركة للأهواء، لبثنا نحن متضررين
لأن باطننا يشمئز من رغبة الزنى، ولأن الهوى الطبيعي يكون واهناً. فبالغذاء الحقير
والقليل تضعف الأهواء، وبذكر الله تنطفئ وتموت. ذاك هو السيف الذي يقتلها.
4)
يا ربنا يسوع المسيح. أمت الرغبة الشهوانية في عبيدك بالرغبة فيك أنت. أرم يا رب
نارك المقدسة على أرض أنفسنا[3]،
ولتحترق بها كل الأشواك الخانقة التي تعيق البذار المقدس الذي زُرع في حقلنا[4].
وليثمر فينا هذا البذار ثمارًا على المستويات الثلاثة[5]
التي بها تنتظم كلية الطبع الناطق الروحاني والجسداني.
5)
خلاصة القول إن الذي يملأ بطنه، وخضع لذلك الهوى هو العبد الذي أخضع نفسه لكل
الأهواء. وإذا غلب، نغلب الأخرى بسهولة. هو مصدر الزنى. المال لأجله. ومجد الناس
لأجله فتكثر التقادم. الغضب، الكلب اللامروض ينبح لأجله، إن لم ينل ما يطلب. التسكع
في القرى، ووسط رفاقنا لكي نملأ بطوننا. ختامًا، الجرائم والشرور بجملتها لكي يمتلئ
ذلك الجحيم. هذه كلها فعل الذئبة الكاسرة[6].
فلتتعذب هي لئلا تعذبنا نحن. إن ملأناها كثيرًا، كثرنا الزبل. هذه هي الثمار النتنة
التي ترى منها. وتشبه هذه، الثمار الأخرى التي تولد منها، كما سبق القول، والتي هي
كريهة بهذا المقدار، وتحرمنا عند نضوجها من الحياة الأبدية. إذ ذاك، علينا ألا نكون
حمقى يفقدون حياتهم بل نستخدم كالحكماء هذه الأمور التي تدوم يومًا واحدًا.
6)
يبكتني ضميري جدًا[7] عندما أتفرس
بالذين يستخدمونها كما يليق. ما أن أرضوا رغبتهم حتى يظهر فسادها أمام أعينهم
فيخزوا ويديروا وجوههم ولا يذكروا التجربة المنتنة التي قاموا بها وما تتركه من خزي
فيهم. تبصر يا أخي: إن كل عمل العالم إليها ينتهي. لذلك تدبر حياتك كالحكيم بما هو
منه وأنت محتاج إليه.
7)
أيها المسيح رأس حياتنا، ارفعنا فوق العمل الذي نرى هكذا نهايته. أما عملنا وهذيذنا
في هذا الزمن المحدود الذي أعطيتناه لامتحان حريتنا، فليكن بواسطة الثمار التي تظهر
شهية لك، ويفرح بها خدام قُدسك أيضًا. ولنصل إليك بمراحمك خارج هذا الزمن بدالة
وبدون حجاب. آمين.
[2] الناسك هو بحاجة إلى هذه
القاعدة، أي إلى القليل من الطعام.
[4] راجع متى 13: 7 ومر 4: 7
[5] المستويات الثلاثة هي
الجسد، النفس والذهن.
[6] الذئب هو البطن الشره.
[7] ربما أراد المؤلف القول
إن وجدانه يؤنبه لأنه يفعل ما يقوم به الذين يتكلم عنهم لاحقاً.
|