ويبدأ حوار
بين الكاهن والجماعة: نعمة ربنا يسوع ومحبّة الاب وشركة الروح القدس... ارفعوا
قلوبكم... يجيب الشعب: عقولنا موجهة اليك ايها الرب اله إبراهيم... وينتهي هذا
الحوار: انه لحق وواجب ان نقدم هذا القربان عن كل الخلائق. في هذا الوقت يصمت
الكهنة والشمامسة، ويبقى هادئاً ساكتا.
ويصور الواعظ
المضمون اللاهوتيّ لمقدّمة صلاة التقديس. فالكاهن هو لسان الكنيسة: يتكلم مع الله،
يقول مجد ذلك الكائن الذي لا يُدرك ولا يُسبر. عرفنا وجوده بواسطة موسى، وثالوثه
بواسطة يسوع ربنا. وعرفت الكتيسة الاقانيم الثلاثة مع صفاتها من ابوة وبنوة
وانبثاق.. ويزيد الكاهن: كل الارواح تظلّ في المخافة.
ثم تأتي صلاة
قدوس. قدوس هو الاب قدوس هو الابن قدّوس هو الروح. هذا ما تعلن الجماعة، ثم تعود
الى الصمت. ويتلو الكاهن صلوات سرية قبل التقديس. ويشكر رحمة الله وحنانه اللتين
أعطيتا لنا بالابن الذي ظهر في الجسد بطبيعته وشخصه الواحد البشري والإلهيّ معّا.
ويورد نرساي
نشيدًا يميز في اعمال يسوع ما هو للإنسان وما هو للإله: وُضع في مذود ولفّ بالقماط
كانسان، مجده الملائكة بمزامير كاله. قدم ذبائح حسب الشريعة كانسان، وتلقى السجود
من القرس كاله..
ونتساءل:
لماذا اسس الرب يسوع الافخارستيا؟ اراد ان يذهب الى مكان بعيد فقوّانا بجسده ودمه
عبر الخبز والخمر. ثم ترد كلمات التقديس: "اخذ خبزاً وبارك وكسر. هذا هو جسدي
بالحقيقة. هذا هو دمي الحقيقيّ الذي من اجلكم.
ويقدم لنا
صلاة الشكر التي رفعها يسوع حسب ما اوردها تيودورس المصيصي المعلّم الكبير والمفسر:
"ان طبيعتك الالهية يا رب تستحق كل اعتراف ومديح... بما اني كنت بلا عيب واتممت كل
بر، وانتقلت الخطيئة من البشرية اكراما لي. كما يقدم لنا اقوال يسوع المختصة
بالافخارستيا، هذا هو جسدي الذي اعطيته لخلاص العالم، هذا هو دمي الذي سفكته من اجل
الذنوب. اعملوا هذا لذكري داخل جماعاتكم". نجعل من الخبز الجسد من الخمر الدم بفعل
الروح القدس.
نلاحظ في طقس
التقديس النفحة الثالوثية. فالثالوث حاضر في حياة يسوع منذ ولادته ولا سيما عند
تأسيس الافخارستيا. ونلاحظ اهمية دعوة الروح القدس. ونلاحظ ثالثاً التشديد على
الطبيعتين حتى حين التحدث عن تحول الخبز والخمر الى جسد يسوع ودمه. فالجسد الذي على
المذبح هو ذلك الذي في المجد. وكما اتحد الله بباكورة جنسنا، هكذا اتحد المسيح
بالجسد والدم اللذين على المذبح. ويوافق الشعب هاتفاً: امين. فيدعوه المنادي: صلّوا
في فكركم وفي روحكم، فتحقيق الاسرار يمنحكم سلامًا عظيمًا.
هنا يذكر
الكاهن الكنيسة: فانت الجماعة المسيحية التي لاجلها تقدم الكنيسة الاسرار المسجود
لها: الكهنة، البرادطة (جمع برديوط او زائر)، والشمامسة ليكونوا انقياء. يذكر
الشهداء والمعترفون والمعلمين والملوك والقضاة... ويذكر الموتى ثم الطقس وغلاث
السنة. ويذكر بلاده وكل العالم والذين هم في السجون.
وبعد ان يقول:
"نتذكر موتك يا رب، يدعو الروح لكي ينزل على القرابين. ينزل الروح دون ان يبدل
مكانة، ويجعل قوّة الله الخبز والخمر فيتّم سرّ قيامة ربنا من بين الأموات. وينزل
الروح على القرابين بناء على طلب الكاهن. وهذا الحلول لا يرتبط بقداسة الكاهن، بل
بما انه وسيط، لا ينزل الروح بسبب استحقاق الكاهن، بل من اجل السرّ الموضوع على
المذبح. ولكن يبقى دور الكاهن في الاحتفال بكل سرّ أمراً ضروريا، لان الروح يعمل
بيد الكاهن، وبدون الكاهن لا تمارس الاسرار. يكرّس الكاهن "أحشاء" مياه المعمودية
والروح يجعل من المعمدين ابناء التبنّي. حضور الكاهن في دفن الموتى ومباركة الماء
لتكريس البيوت... الروح يتمّ كلّ هذا بيد الكاهن. فعلى الكاهن ان يعرف كرامة
الدرجة. ويصوّر نرساي طقس حلول الروح. يسجد الكاهن. يدعو الشماس الجميع الى السكوت،
ويبارك الكاهن الاسرار ليدلّ على انها تمت. هو ينحني ثلاث مرات فيدلّ في الانحناءة
الأولى على انه يمجد الله ، وفي الثاني على انه يشكره، والثالثة يطلب من الروح ان
يبقى حالاً على التقدمة. وبقي ربنا ثلاث ايام في القبر، ولكنه قام في اليوم الثالث.
وهكذا يدل الانحناءان على اقامة يسوع في القبر والأخيرة على قيامته.
هنا يأتي وقت
الرسم والكسر. يمزج الدم بالجسد والجسد بالدم. وبعد بركة الكاهن يحرّض الشماس
المؤمنين على الاستعداد للتناول: نقترب بحبّ صادق وايمان لنتقبل كنز الحياة
الروحية. فتجيب الجماعة: اغفر خطايا عبيدك... ولتعطنا هذه الأسرار الدالة...
بعد هذا، يدعو الكاهن الشعب الى ثلاوة الصلاة الربانية. ثم: السلام معكم. ويعطيهم
الكاهن السلام ليثبتهم في الحب والرجاء والايمان. ويعلن الكاهن: الأقداس للقديسين.
فيجب الشعب: "واحد هو الاب القدوس الازلي الذي لا بداية له ولا نهاية..."، يتناول
الاكليروس ثم المؤمنين، يتم التطواف بالافخارستيا من اجل المناولة. والذي يقترب لكي
يتقبل الجسد ويمد يديه. يرفع اليمنى ويجعلها فوق الاخرى. ويضمّ المتناول يديه بشكل
صليب بحيث يتناول جسد ربنا بفرح وابتهاج: يا ربنا يسوع ، الملك الذي تسجد له كل
الخلائق، ابعد عنا الشرور بقوة اسرارك...
وبعد صلاة
الشكر، تُتلى صلاة الابانا مرة اخيرة، ويعطي الكاهن البركة.
خاتمة: هذه
هي الاسرار المجيدة التي تحتفل بها الكنيسة المقدسة، وهذه هي طقوسها كما يمارسها
الكاهن. الملائكة يفرحون لان ابناء الكنيسة صاروا أهلاً لان يقبلوا جسد ربنا يسوع
ودمه. فماذا يبقى عليك انت ان تفعل؟ اقترب بقلب طاهر. لا يرذل الكهنة الخاطئ الذي
يتوب. صلّ بمحبة مع الكاهن ليقبلك معطي الحياة ويغفر خطاياك.
وصلت سفينتنا
الى المرفأ وامتلأت شبكتنا. فلنسكت الآن. |