الميطروفوليط مار يعقوب دانيال
معـنى المعمودية
المعمودية هي احد الاسرار السبعة في الكنيسة الشرقية. بها يشترك الانسان في موت المسيح وقيامته، فتمنحه الحياة المسيحية وتضمه الى جسد المسيح الذي هو الكنيسة. وهذا السر يتضمن بشكل خاص غير قابل للفصل غطساً في الماء او اغتسالاً به، ترافقه شهادة ايمان المعمد بالاقانين الثلاثة. وهو بمثابة الباب الذي منه يدخل المؤمن الى الكنيسة ويصبح له الحق في الاشتراك في باقي الاسرار الكنسية الاخرى. وهو لازم للخلاص ودخول الحياة الابدية حسب قـول الـرب وتأكيده “الحق الحق اقول لك إن كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله” (يوحنا 3: 5). لذا يتوجب على كل مسيحي ان يعتمد كختم لايمانه لأنها تأتي ضمن المأمورية العظمى التي اعطاها السيد المسيح لتلاميذه حين قال “اذهبوا وتلمـذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس” (متى 28: 19).
نشأة المعمودية
يذكر متى الانجيلي ان السيد المسيح هو من أسس سر المعمودية بعماده من يوحنا في نهر الاردن، وأكد عليها بعد القيامة حينما قال لتلاميذه “اذهـبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. (متى 20: 19). ويعلمنا سفر اعمال الرسل بأن الرسل بدأوا بنتفيذ وصية معلمهم منذ اليوم الاول من اقتبالهم الروح القدس. فعندما سمع الشعب خطبة بطرس يوم العنصرة سألوه “ماذا علينا ان نصنع ايها الاخوة؟ فقال لهم بطرس “توبوا وليعتمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح لمغفرة خطاياكم” (اعمال 2: 37 ــ 38).
أساس المعمودية
ان كلمة معمودية بحد ذاتها تعني “الغسل” او “التطهير” او “الاصطباغ” او “التغطيس” حاملاً طابعاً دينياً، وان الاغتسال بقصد التطهير كانت معروفة في العهد القديم ومذكورة في الكتاب المقدس منها على سبيل المثال: قصة نعمان الارامي رئيس جيش ملك ارام حيث انه كان مصاباً بداء البرص وجاء الى النبي اليشاع ليشفيه من مرضه، فارسل اليه النبي اليشاع رسولاً يدعوه للذهاب الى نهر الاردن والاغتسال فيه سبع مرات (2 ملوك: 5) وقد ورد في مزامير داود النبي “طهرني بالزوفا فاطهر، اغسلني فأبيض اكثر من الثلج” (مزمور 51: 9).
رموز المعمودية قبل المسيح
1: رموز المعمودية في العهد القديم.
هناك عدة رموز للمعمودية في العهد القديم نتذكر منها:
أ: الطوفان. فالطوفان هو رمزاً للمعمودية كما يؤكد ذلك بطرس الرسول ويقول “اولئك الذين قد كانوا عصاةً زماناً لما انتظر امهال الله في ايام نوح. إذ كان يصنع الفـلـك الذي فيه خلـص نفر يسير اي ثمان انفس بالماء. وانتم ايضاً الان على ذك الشبه تتخلصـون بالمعـمـودية. ليـس بغـسـل الجسد من الوسخ بل استفهام النية الصالحة عن الله بقيامة يسوع المسيح”. (بطرس الاولى 3: 20 ــ 21).
ب: عبور البحر. كذلك عبور بني اسرائيل البحر هو زمـر للمعـمـودية كما يؤكـد بولـس الرسـول في رسـالته الى اهل كورنثس إذ يقول “وأحب ان تعلموا ايها الاخوة أن اباءنا كلهم كانوا تحت السـحابة وجازوا جميعاً في البحر. وانصبغوا جميعاً على يدي موسى في الغمام وفي البحر”. (10: 1 ــ 2).
ج: التطهير. هناك العديد من الفروض التطهيرية في العهد القديم والتي تلزم الاغتسال للتخلص من النجاسة والتأهل للعبادة. كما يذكر سفر العدد “وليغسل الذي جمع رماد البقرة ثيابه وليكن هذا سنّة لبني اسرائيل وللغرباء النازلين بينهم الى الدهر” (العدد 19: 10). او كما ورد في سـفر التـثـنـيـة “وليغـتسل بالماء عند المساء” (تثنية: 23: 11).
د: الانبياء. العديد من الانبياء يتحـدث عن فـيـض ماء مطهـر من الخطيئة. فهذا زكريا النبي يقول “في ذلك اليوم تكون عـيـن مفتـوحة لبيت داود ولسـكان اورشـلـيـم لغـسل الخطيئة والنجاسة” (زكريا 13: 1). وحزقيال النبي يقـول “واسكب عـليكـم ماءً طاهراً فتـنقـّون من كل نجسـكم ومن جـميـع اثامكـم اطهركم” (حزقيال 26: 25) وداود النبي يقـول “تغـسلني فأبيض افضل من الثلج” (مزمور 51: 9).
هـ. الاغتسالات الطقسية. فبل مجيء المسيح كان اليهود يعمدون المهتدين من الوثنية للانضمام الى الشعب اليهودي كما يذكر متى الرسول في حديثه الذي يوبخ الكتبة والفريسيين المرائين اذ يقول “الويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراءون. لأنكم تطوفون البحر واليابس لتصنعوا دخيلاً واحداً. فاذا صار، جعلتموه ابناً لجهنم مضاعفاً اكثر مما عليكم. (متى 23: 15).
2: معمودية يوحنا
كانت معمودية يوحنا معروضة على عامة الشعب وليس فقط على الخطاة والمهتدين وحدهم، وهي معمودية كانت تمنح في الصحراء من اجل التوبة وغفران الخطايا. كما يؤكده مرقس الانجيلي “كان يوحنا يعمد في القفر ويكرز بمعمودية التوبة لغفران الخطايا” (مرقس 1: 4). وكان تركيز يوحنا في معموديته على النقاوة الروحية حيث كان يطلب من الجموع تقسيم الطعام والثياب وعدم المقاضاة اكثر من المفروض او الوشي بالاخرين. (لوقا 3: 10 ــ 14) وكان عماده تدبيراً مؤقتاً، حيث كان عماد ماء ، استعداداً للعماد الموعود بالمسيح في الروح القدس والنار “انا اعمدكم بالماء للتوبة واما الذي يأتي بعد فهو اقوى مني. الذي لا استحق ان احمل حذاءه هو يعمدكم بالروح القدس والنار” (متى 3: 11).
معمودية المسيح من يوحنا
ان سيدنا يسوع المسيح لم يقتبل المعمودية من يوحنا كونه محتاجاً اليها كخاطيء لتغفـر خطاياه، وانما فعل ذلك ليكون حقاً خاضعاً لإرادة الاب كما يقول متى الانجيلي “دع الان فهكذا يليق بنا ان نكمل كل البر” (متى 3: 15). ويجعل ذاته بتواضع في صفوف الخطاة وحاملاً خطاياهم لأنه “حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم” (يوحنا 1: 29) وعماده في نهر الاردن هو اعداد لعماده في الموت “ولي ضبغة اصطبغها وما أشد تضايقي حتى تتم” (لوقا 12: 50) جاعلاً هكذا حياته بين معموديتين.
المعمودية في تاريخ الكنيسة
أ: المعمودية في ايام الرسل.
بعد ان حل الروح القدس على التلاميذ في العلية خرجوا يبشرون بكلمة الله ويدعون الناس الى التوبة والعماد باسم يسوع لمغفرة خطاياهم كما ورد في قول بطرس لمستمعيه يوم العنصرة “توبوا وليعتند كل واحد منكم باسم يسوع المسيح لمغفرة خطاياكم فتنالوا موهبة الروح القدس” (اعمال 2: 38). فمن خلال هذه الاية يتضح ماهو المطلوب من طالب العماد.
1: التوبة: ان على طالب العماد تقديم التوبة اولاً. دلالة على ان العماد ليس مجرد عمل اغتسال خارجي بل هو ارتداد داخلي يفرض تغييراً جذرياً في حياته، وهذا العماد بالماء يمنح مغفرة الخطايا.
2: العماد باسم يسوع المسيح: وهذا يعني ان من يعتمد يعبّر عن ايمانه بأن يسوع هو المسيح والرب والمخلص. و”ما من خلاص بأحد غيره” (اعمال 4: 12). فالكرازة التي تسبق المعمودية لا تهدف الا الى الوصول الى اعلان هذا الايمان بأن يسوع هو وحده المخلص، وباسمه يجب ان يعتمدوا. كما هو مذكور في اعمال الرسل عن تبشير فيلبس في السامرة “فلما امنوا بما كان يبشر به فيلبس عن ملكوت الله واسم يسوع المسيح اخذوا يعتمدون رجالاً ونساء” (اعمال 8: 12). وكما فعل فيلبس عند تعميده لوزير ملكة الحبشة فبعد ان بشره بيسوع وتيقن من ايمانه عمده (اعمال 8: 35 ــ 38). وكذلك بطرس الرسول فبعد ان بشر لكورنيليوس ورفاقه باسم يسوع المسيح واعماله وعجائبه وقيامته، وبعد ان رأى ان الروح القدس حل على جميع الذين سمعوا الكلمة وامنوا بالمسيح المخلص امر ان يعمدوا باسم يسوع المسيح (اعمال 10: 34 ــ 48).
3: العماد بالروح القدس. ان روح الله نزل على يسوع المسيح يوم عماده. وقد وعد تلاميذه قبل صعوده الى السماء بأنهم سيعمدون هم ايضاً بالروح القدس عندما قال لهم “ان يوخنا قد عمد بالماء اما انتم فستعمدون بالروح القدس بعد ايام قليلة” (اعمال 1: 5). وهذا ما اعلن بطرس الرسول تحقيقه يوم العنصرة مستشهداً بنبوءة يوئيل النبي ثم يضيف “فيسوع هذا قد اقامه الله ونحن جميعاً شهود بذلك، وإذ قد ارتفع بيمين الله، واخذ من الاب الروح القدس الموعـود به، أفاض ما تـنظـرون وتسمعـون” (اعمال 2: 16 ــ 33). وان عمل الروح القدس في المعتمد ليس مجرد عمل تطهيري من الخطيئة بل هو تقديس واشراك في شخص المسيح ورسالته. فكل من يؤمن بيسوع المسيح ويعتمد باسمه ينال الروح القدس كما ناله التلاميذ يوم العنصرة.
ب: المعمودية في الكنيسة الاولى
بما انه لم يكن بعد قد شيدت الكنائس كما هي الان فكان في كل بيت كبير في المدن القديمة بركة ماء وكان المسيحيون يجتمعون في احد هذه البيوت لصلاة كسر الخبز وغالباً ما يحتفلون بالمعمودية عن طريق الغطس في البركة. فالكنيسة الاولى مارست العماد بطريقة في غاية البساطة كما يوضح لنا كتاب الديداكي (تعاليم الرسل) والذي كتب حوالي سنة 215، حيث كانوا يعمدون بطريقة الغطس في جدول قريب او نبع ماء تماماً كما اعتمد يسوع ثلاثاً. وكان يتم بتلاوة العبارة “باسم الاب والابن والروح القدس” كما وردت في الانجيل. ويوصي بأن يصوم طالب العماد ومانحه يوماً او يومين قبل موعد العماد استعداداً للعماد. واثناء العماد كانت ترتل أناشيد وتعاليم توضح معنى العماد وكانت تشيد بطابع التنوير المقترن بالعماد.
ومع اتساع حقـل الاهتداءات ظهـرت ضرورة مراحل الاعداد والقوانين الخاصة للقبول في الديانة المسيحية. ففي القرن الثاني أخضع الموعوظين لقوانين دقيقة. فكانوا يسألون القادم الجديد عن الدافع الذي حدا به الى البحث عـن الايمان، وعلى الذي يأتي به ان يؤدي شهادة عنهم كي يعرفوا هل هو قادر على الاصغاء. وهل هو عبد ام حر؟ فاذا كان عبداً لرجل مؤمن ويأذن له سيده بذلك فليعط التعليم واذا لم يشهد له سيده لصالحه فكان يرد. وان كان سيده وثنياً فكانوا يعلموه ان يرضي سيده. كما كانوا يستفسرون عن حالته الزوجية. فاذا كان متزوجاً او متزوجة، فكانوا يعلموهما ان يكتفي الزوج بامرأته والمرأة بزوجها. واذا كان غير متزوج فكانوا يعلموه ان لا يقترف الزنى بل يتزوج بحسب الشريعة او يلتزم العفاف. كما كانوا يحققون عن المهن والوظائف التي يشغلها اولئك الذي يقدمون للتعليم، فكانوا يعلمون النحات والرسام بعدم صنع التماثيل والاصنام واذا رفض كانوا يطردونه كذلك كانوا يعلمون الممثل بالكف عن التمثيل. وغيرها من القوانين الاحترازية.
وعندما كان المهتدون الجدد يقبلون في عداد الموعوظين كان بوسعهم الحضور في قسم من الصلوات والتعاليم التي تلقي على المؤمنين. بيد انهم لا يختلطون بالمؤمنين ولا يتبادلون قبلة السلامة التي هي العلامة المسيحية.
وكانت فترة التعليم زماناً لللاختبار فيه تفحص حياة المهتدين الجدد عن ممارستهم الفضائل المسيحية واكرام الضعفاء ومساعدة الفقراء والارامل كبرهان عن استعدادهم للعيش بمقتضى الاخلاق المسيحية. واذ ذاك كانوا يعلمونهم تعليماً مباشراً يعدهم للعماد.
وتسبق العماد أصوام وتعزيمات لأن الامر يتوقف على الاستعداد لتجدد كلي للحياة وعلى إبعاد القوى الشريرة التي تثير التجربة في قلب الانسان. وكانت الجماعة تصوم وتصلي مع المقدمين على العماد ملتمسة من الله مغفرة خطاياهم.
وكان يتم العماد على الارجح في عيد الفصح او في عيد العنصرة وكان يمكن التعميد في اي يوم من الاسبوع. وكان المرشحون قبل كل شيء يكفرون بالشيطان وهم يتجهون الى الغرب لأن الغرب كانت ترمز قديماً الى موضع قوى الظلام. ثم ينزلون في الماء بعد ان يتعرون كلياً من ثيابهم ومن كل حلية. اما النساء فكن يقتبلن العماد على حدة تحت ارشاد نساء شماسات. وكل اقرار بالايمان يرافقه غطس في الماء. فيضع الكاهن يده على رأس المعتمد قائلاً: هل تؤمن بالله الاب القادر على كل شيء؟
ويجيب المعتمد: نعم أؤمن. ويغطس في الماء مرة اولى.
ثم يسأله الكاهن ثانية: هل تؤمن بيسوع المسيح ابن الله الذي ولد بقوة الروح القدس من مريم العذراء وقام من بين الاموات وهو جالس عن يمين الاب وسيأتي ليدين الاحياء والاموات؟
فيجيب: نعم أؤمن. ويغطس في الماء ثانية.
فيسأله الكاهن في المرة الثالثة: هل تؤمن بالروح القدس الذي هو في الكنيسة المقدسة وبقيامة الجسد؟
فيجيب: نعم اؤمن. ويغطس في الماء مرة ثالثة.
وكان المعتمدون الجدد عند صعودهم من بركة الماء يتوشحون بثياب بيضاء تشير الى ولادتهم الثانية لحياة جديدة.
معمودية واحدة لا اكثر
بما ان المعمودية هي رمزاً لموت وقيامة المسيح، وحيث ان المسيح مات وقام مرة واحدة. كما وان القديس بولس في رسالته الى افسس يقول “ولكم رب واحد وايمان واحد ومعمودية واحدة” (افسس 4: 5). لذا ومن هذا المنطلق فان كنيسة المشرق تعترف بمعمودية واحدة كباقي الكنائس الرسولية الشقيقة. حيث ورد في دستور الايمان “ونعترف بمعمودية واحدة” ولا يمكن تكرار المعمودية اذا كانت قد مورست حسب التقليد الرسولي وتعاليم الاباء اي التغطيس ثلاثاً باسم الاب والابن والروح القدس وبوسطة كاهن شرعي نال الرسامة بوضع اليد شرعاً.
أنواع المعمودية
يذكر مار عبديشوع الصوباوي في كتابه “المرجانة” اضافة الى الاغتسال في الماء لإزالة الادران العالقة بالجسم، والاغتسالات الشرعية المذكورة في شريعة موسى من اجل التخلص من النجاسة، وتقاليد الشيوخ في غسل وتنظيف الكؤوس وانية النحاس والاسرة، ومعمودية يوحنا، ومعمودية المخلص. نوعان آخران من المعمودية هما معـمـودية الدم ومعـمـودية الدموع.
ا: معمودية الدم. لقد دعا يسوع المسيح موته بالمعمودية بقوله “لي صبغة (اي معمودية)اصطبغها، وما اشد تضايقي حتى تتم” (لوقا 12: 50). لذلك كل من يؤمن بالمسيح ويموت شهيد ايمانه، وإن لم يكن قد نال العماد بالماء مسبقاً، فان استشهاده يعتبر “معمودية” وتسمى “معمودية دم”. وهذه المعمودية يعتبرها الاباء اعظم من معمودية الماء لأنها اعلان الايمان بالمسيح قولاً وفعلاً، ولأنها اتحاد بموت المسيح وقيامته ليس بالرمز فقط، بل بتقدمة الحياة وبذل الذات بالكامل.
ب: معمودية الدموع. وتدعى ايضاً “معمودية الشوق”. ان حالة التوبة وذرف الدموع والمحبة التي يموت فيها انسان كان مؤمناً بالمسيح ويرغب في اقتبال المعمودية، ومات قبل ان يتاح له تحقيق ذلك، فتلك الحالة تدعى “معمودية الدموع”. فالقديس الذهبي الفم يعتبر المحبة اعظم من الاستشهاد. ويرى بعض الاباء مثالاً على معمودية الدموع في توبة اللص الذي كان قد صلب عن يمين الرب عندما قال ليسوع “يا يسوع، اذكرني متى جئت في ملكوتك” فاجابه السيد المسيح “الحق اقول لك: انك اليوم تكون معي في الفردوس” (لوقا 23: 42 ــ 43).
العـرّاب
العرّاب ليس فقط ذلك الانسان الذي يحمل الطفل في المعمودية ليقدمه الى الكاهن، وانما عليه ان يكون بالنسبة للطفل المعتمد مرشداً الى الايمان ومسؤولاً عن حياة الطفل الروحية وعن نموه في الروح. ويكون كالاب الروحي للطفل حتى ان البطريرك مار طيماثيوس الكبير يمنع زواج الرجل من بنات عرابه ومن بنات بنيه وبنات بناته، وهكذا البنت. لأن العراب يصبح قريباً بالروح من الرجل. وفي طقوس العماد للكنيسة الشرقية يصف العراب بالاب الروحي للطفل.
ان فكرة العراب قديمة حيث في العصورالاولى للمسيحية عندما كان الناس يعودون من الظلال الى معرفة الحق فكانوا يأتون من خلال مؤمنين كانوا قد بشروهم بالايمان. فعندما كان الوافد يرغب بالانتماء الى المسيحية كان المبشر يجلبه الى الكنيسة حسب ما يرويه كتاب التقليد الرسولي. وعلى مبشره الذي أتى به ان يؤدي شهادة له كي تعرف الكنيسة هل هو قادر على قبول الايمان ام لا.
فوائد المعمودية
ان المعمودية ليست مجرد طقوس ومراسيم بها يتحول الانسان الى رجل مؤمن بالمسيح بل لها فوائد اخرى منها.
1. بالعمودية يتم خلاص الإنسان. فالرب يسوع المسيح يقول: “من آمن واعتمد خلص” (مرقس 16: 16).
-
بالعمودية نولد ثانية من الماء والروح. حسب قول الرب لنيقاديموس “إن كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله” (يوحنا 3: 5(. وبولس الرسول يقول “بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني” (طيطس 3: 5). ومار افرام الكبير يقول “تبارك من كثّر محاسنكم من مياه المعمودية. صارت المعمودية أماً تلد كل يوم روحانيين وتقيم اولاداً جدداً لله بقداسة. تبارك من ولدنا ثانية في حضن العماد”. ويقول ايضاً “ان مياه المعمودية هي بمثابة رحم يلد بقوة الروح القدس انساناً جديداً مقدساً”. ففي المعمودية تصبح المياه حشا للذي يولد لأن نعمة الروح القدس تجبل المعتمد لميلاد ثان وتجعل منه شخصاً اخر من طبع مائت الى غير مائت ومن فاسد الى عديم الفساد ومن متبدل الى ثابت.
-
بالمعمودية نغتسل من الخطايا. كما قال حنانيا لشاول الطرسوسي (بولس بعد ذلك) “قم اعتمد واغسل خطاياك” (اعمال 22: 16).
-
بالمعمودية ننال غفران الخطايا. كما قال بطرس الرسول لليهود الذين امنوا يوم العنصرة “توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا” (اعمال 2: 38). وكما جاء في كتاب الراعي لهرماس الذي كتب بين 140 ــ 155 حيث يقول “المعمودية تغفر الخطايا، ننحدر امواتاً الى الماء ونصعد احياء”
-
المعمودية هي موت مع المسيح وقيامة معه. كما يؤكد بولس الرسول في رسالته الى رومية “ام تجهلون اننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت” (6: 3 ــ 4). وعن القيامة مع المسيح يقول “فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن اننا سنحيا معه” (رومية 6: 3 ــ 8). ويقول ثيودورس المصيصي “ان الانسان المولود بالمعمودية قد ولد من جديد لأنه مات اولاً في الماء وخرج قائماً من الموت بقدرة الله… غطس في الماء كما في القبر ولما خرج من الماء بعد كل دعاء الروح كان له ذلك بمثابة قيامة بقدرة الروح”.
-
بالمعمودية تتجدد طبيعـتنا. كما يقول بولس الرسول “فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح هكذا نسلك نحن ايضاً في حياة جديدة” (رومية 6: 4). ويقول اللاهوتي يوخنا بن زعبي “بعماده جدد طبيعتنا الفانية. وبعدها اقام لطبيعتنا بالسر”.
-
بالمعمودية نلبس المسيح. وهذه يؤكدها الرسول بولس اذ يقول “لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غلاطية 3: 27).
-
بالمعمودية نقتبل الروح القدس. يقول افراهاط الحكيم “في العماد نقتبل روح المسيح. ففي الساعة التي فيها يدعون الكهنة الروح تنفتح السموات وينحدر الروح ويرفرف على المياه، ويلبسه الذين يعتمدون. انه بعيد عن المولودين بحسب الجسد، لكنهم يقتبلون الروح القدس لما يولدون من الماء. في الميلاد الاول يولدون بنفس روحية خالدة تخلق فيهم مثل ادم. وفي الميلاد الثاني ــ المعمودية ــ يقتبلون الروح القدس.
-
بالمعمودية نصبح في عداد شعب الله. فكما كان المختون في العهد القديم بختانه يصبح عضواً في شعب الله (تكوين 7: 17). هكذا المعتمد بعماده يصبح عضواً في الكنيسة التي هي شعب الله. “فأما كل الذين قبلوه فاعطى لهم سلطاناً ان يكونوا ابناء الله للذين يؤمنون باسمه” (يوحنا 1: 12).
-
بالمعمودية ننجو من الغضب الاتي. فافراهاط الحكيم يقول “لنحملن وسمه في اجسادنا لننجو من الغضب الاتي”.
-
بالمعمودية ننال الخيرات العتيدة: كما يؤكد ذلك ثيودورس المصيصي “المعمودية كالافخارستيا ذكر موت المسيح وقيامته. وهي (اي المعمودية) رمز موتنا ودفننا وقيامتنا وولادتنا ومشاركتنا في الخيرات العتيدة”. وجاء في رسالة برنابا التي كتبت 130 م “المعمودية تغفر الحطايا وتجعلنا ابناء الله وتطبع فينا صورته وتحولنا في الوقت ذاته الى هياكل مقدسة له”.
معمودية الأطفال
-
تعميد الاطفال والكتاب المقدس
صحيح ان الكتاب المقدس لا توجد فيه اية آية تنص على معمودية الاطفال، ولكنه ايضاً لا يحتوي على اية اية تنص بعدم تعميد الاطفال، ولكننا نعمدهم حرصاً منا على ابدية هؤلاء الاطفال، لأن الرب يقول “إن كان احد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر ان يدخل ملكوت الله” (يوحنا 3: 5) فكيف يمكن ان نمنعهم من العماد ونعرضهم لهذا الحكم الالهي الذي لم يستثني منه احداً لا الكبار ولا الصغار. ثم أن في الكتاب ما يؤيد ضمناً الى عماد الاطفال.
أ: عماد اهل البيت
ذكر في العهد الجديد عن عماد العديد من العوائل باكملها او كل اهل البيت، منها:
-
عماد سجان فيلبي. يؤكـد الكتاب المقدس بأنه (اي السجان) اعتمد في الحال هو والذين له اجمعـون وتهلل مع جميع بيته (اعمال 16: 32 ــ 34).
-
عماد ليديا بائعة الارجوان. قيل انها “اعتمدت هي واهل بيتها” (اعمال 16: 15).
-
بيت اسطيفانوس. يقول بولس الرسول “وعمدت ايضاً بيت اسطفانوس” (كورنثس الاولى 1: 16). فهل يعقل ان كل هؤلاء البيوت لم يكن فيها أطفال؟
ب: معمودية اطفال المنتمين الى المسيحية.
بالنسبة لمعمودية الاطفال في الكنيسة الاولى فان كل الدلائل تشير الى انه في حالة انتماء الامميين الى المسيحية فان الاطفال من كل الاعمار كانوا يعمدون، كما يؤكد بولس الرسول في رسالته الى اهل كولسي اذ يقول “به ايضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد. بخلع جرم خطايا الجسد بختان المسيح” (كولسي 2: 11). فبولس هنا يسـمي المعموديـة بـ “الختانة المسـيحـيـة” ويصفها بانها السر المسيحي الذي يحل محل الختانة اليهودية. وفي قوله “وهو قد ختمنا ايضاً وجعل عربون الروح في قلوبنا” (كورنثس الثانية 1: 22). فانه ينقل صفة الختانة كختم الى معمودية “وقد اخذ علامة الختان ختماً لبر الايمان الذي هو في الغرلة ليكون اباً لجميع الذين يؤمنون وهم في الغرلة لكي يحسب لهم ايضاً البر” (رومية 4: 11). وبما ان الختانة كانت تتم لكل الاطفال في عمر الثمانية ايام الذين هم اعضاء في البيت الوثني الذي كان يدخل الى اليهودية فان وصف المعمودية على انها “الختانة المسيحية” يدل على ان الاسلوب المتبع في المعمودية هو نفسه المتبع في الختانة. اي ان الاطفال كانوا يعمدون عندما كان والديهم يقبلون الايمان المسيحي.
ج: معمودية اطفال المسيحين.
ماذا فعلت الكنيسة الاولى عند ولادة طفل لوالدين مسيحيين؟
يرد في اعمال الرسل “وقد بلغهم عنك انك تعلم جميع اليهود الذين هم بين الامم الارتداد عـن موسى، اذ تقـول ان لا يختـنـوا اولادهـم ولا يسـلـكـون حسب العوائد” (اعمال 21: 21). من هذه الاية يتبين ان الرضع الذكور المولودين في كنيسة اورشليم والمناطق اليهودية يختنون. وبالوقت نفسه يتبين انه في مناطق بشارة بولس فان جميع الوالدين لم يختنوا اولادهم في اليوم الثامن. وبما ان بولس قد بدل الختانة الى المعمودية كما في قولسي “مدفونين معه في المعمودية التي فيها ايضاً أقمتم معه بايمانكم بعمل الله الذي أقامه من بين الاموات” (2: 11) فهذا واضح ان هؤلاء الاطفال كانوا يعمدون.
د: ايمان الوالدين.
ولو قيل ان الاطفال ليس لهم ايمان والكتاب يؤكد على الايمان قبل العماد، فنحن نعمدهم على ايمان والديهم وهذا له عدة رموز في الكتاب المقدس نذكر منها:
-
الختان. كان المختون ينضم بعد ختنه الى عضوية شعب الله حسب العهد الذي ابرمه الله مع ابراهيم (تكوين 17: 11) والمعروف ان الختان كان يتم في اليوم الثامن بعد الولادة حسب امر الرب (تكوين 17: 12). فماذا كان يعرف الطفـل في يومه الثامن من هذا العهد؟ وعن عضوية شـعـب الله؟ لكنه كان يختتن بايمان والديه، وبهذا العهد يصير عضواً في شعب الله ومستحقاً للوعود التي منحها الرب لابراهيم.
-
دم الفصح. عندما امر الرب لموسى في مصر ان يرش دم خروف الفصح على عتبات البيوت وقوائمها ليرى الرب الدم ويعبر عنهم وينجون من سيف الهلاك (الخروج 12: 21 ــ 24). ماذا كان ايمان هؤلاء الاطفال الذين خلصوا بدم خروف الفصح؟ هل كانوا يعرفون شيئاً عن دم الفصح حتى نجوا من سيف الرب المهلك؟ وما الذي يعرفونه عن العهد بين الله وموسى حول الفصح والنجاة بدمه من الهلاك؟ انهم خلصوا بايمان ابائهم. الاباء الذين امنوا بالدم وفاعليته واهميته.
-
عبور البحر. ان الرسول بولس يؤكد ان عبور البحر كان يرمز الى المعمودية حيث يقول في رسالته الاولى الى كورنثس “وانصبغوا جميعاً على يدي موسى في الغمام وفي البحر” (كورنثس الاولى 10: 2). وكان يمثل الخلاص من عبودية فرعون والذي يرمز الى الخلاص من عبودية الخطيئة والشيطان والموت. فالجميع نالول الخلاص بعبورهم البحر (اي بالمعمودية) حتى الاطفال الذين كانوا معهم قد عبروا (اي تعمدوا) ونالوا الخلاص رغم انهم ما كانوا يدرون شيئاً عن هذه الامور على ايمان الوالدين.
-
شفاء المرضى والمجانين واقامة الاموات. يذكر العهد الجديد العديد من الايات الشفائية واقامة الاموات. فان العمر في هذه الحوادث لم يكن حاجزاً او مانعاً لقبول نعمة المسيح، كما ولم يكن لهم اي دور في قبول نعمة المسيح، ولم يوجد وعي ليقرر فيما اذا كانوا سيقبلون نعمة المسيح ام لا. ولكن الرب يسوع شفاهم بناءً على طلب احد افراد عائلتهم والذي ابدى ايماناً بالرب يسوع وبقدرته على الشفاء.
-
أقوال الاباء في تعميد الاطفال
ان الكنيسة مارست تعميد الاطفال منذ ايام الرسل، فأوريجانوس اللاهوتي (185 ــ 253) يقول “لقد استلمت الكنيسة ممارسة تعميد الاطفال من الرسل الذين اعطي لهم معرفة اسرار الله لأنهم كانوا عارفين حقاً بأن الجميع يحملون دنس الخطيئة الاصلية وعليهم غسلها بالماء والروح. وهناك العديد من الاباء الاوائل يؤكدون هذا التقليد. فالقديس بوليكربوس لدى استشهاده سنة 155 قال “انه خدم المسيح منذ اربع وثمانين سنة”. وهذا يعني انه تعمد طفلاً. وايريناوس يؤكد “ان يسوع جاء ليخلص بنفسه كل الناس: كل الذين به ولدوا من جديد: أطفالاً واولاداً صغاراً وشباناً واناساً بالغين”. كما وان كتاب الديداكي الذي يعود الى حوالي 215 م يقول في منح العماد للاطفال “ويعمد الاطفال اولاً. واذا استطاع هؤلاء ان يجيبوا على انفسهم فليجيبوا، وإلا فليجب عنهم ذووهم او احد من افراد اسرتهم”. ومار ثيودورس يوضح السبب في تعميد الاطفال إذ يقول “إن كانت مفاعيل المعمودية تقتصر فقط على مغفرة الخطايا فلماذا نعمد الاطفال الذين لم يعرفوا بعد الخطيئة؟ لكن هذا السر هو موعد مواهب اعظم واكمل: انه يمنح باكورة الخيرات المستقبلة، انه مثال القيامة الاتية واشتراك في الام المسيح وقيامته. انه رداء خلاص وفرح وثوب نور بل هو النور عينه”. والذهبي الفم يقول “لهذا السبب نعمد حتى الاطفال الصغار وإن كانوا بلا خطايا وذلك لتمنح لهم القداسة والبر والبنوة والميراث والاخوة ويصيروا اعضاء للمسيح ومسكناً للروح القدس”.
مصير الطفل الذي يموت قبل العماد
بما ان داود النبي يقول “ها انذا بالاثام حبل بي، وبالخطايا ولدتني امي” (مزمور 51: 5). لذا فكل انسان هـو مولود في الخطيئة لأنه ابن ادم القديم. لهذا وان كان الاطفال غير خاطئين بصورة شخصية لانهم غير مدركين للخطيئة فيهم إلا انهم يولدون في الخطيئة، ويحتاجون للمعمودية لينالوا القداسة والاستنارة والخلاص. وبما ان المعمودية هي الولادة الثانية، الروحية من ادم الثاني يسوع المسيح لهذا ففيها الخلاص والاستنارة والقداسة. لهذا فكل انسان غير معمد هو انسان غير مستنير كما يقول غريغوريوس اللاهوتي “الاطفال غير المعمدين لا يمجدون ولا يعذبون لانهم وان كانوا غير مستنيرين وغير مقدسين بالمعمودية الا انهم لم يرتكبوا خطيئة شخصية لذا فهم لا يستحقون كرامة ولا قصاصاً” واوغسطينوس يقول “ان مثل هؤلاء الاطفال يكونون في حالة من حرمان المجد والملكوت لكنهم ليسوا في حالة عذاب ومرارة. والقديس غريغوريوس النصيصي يرى انهم ينالون حالة من البركة في السماء يمكنهم ان ينعموا بها”.
لماذا يعتمد الطفل المولود من ابوين مسيحيين ؟
هناك من يدعي بأن ليس هناك حاجة لتعميد الاطفال المولودين من والدين مسيحيين لأن الرسول بولس يقول “إن كان الاصل مقدساً فكذلك الفروع” (رومية 11: 16).
ان الانسان المولود طفلاً لا يرث حكم الموت من الوالدين مباشرة حتى ينال الخلاص بمعموديتهما، انما ورثه من ادم وحواء مباشرة، لأننا كنا في صلب ادم حينما فسدت طبيعته وحكم عليه بالموت. لذا فقد صار مائتاً كل من في صلبه (صلب ادم)، وخرج تحت حكم الموت كما يقول الكتاب المقدس “كأنما بانسان واحد دخلت الخطيئة الى العالم، وبالخطيئة الموت. وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس إذ أخطأ الجميع” (رومية 5: 12). ويقول ايضاً “لأنه كما في ادم يموت الجميع، هكذا ايضاً في المسيح يحيا الجميع” (كورنثس الاولى 15: 22).
من هذا يتضح بأن الموت كان حكماً على كل البشرية لأنها ذرية ادم. والخلاص من الموت هو خلاص شخصي اي كل انسان على حدة ولا يتعلق بوالديه ان كانا قد نالا الخلاص ام لا. وهذا الخلاص يحتاج الى التوبة والايمان بدم المسيح والمعمودية وباقي وسائط النعمة الاخرى.
كيفية التعميد
لقد تسلمت الكنيسة منذ العهد الرسولي ان المعمودية تكون بالتغطيس لا بالرش، ويكون التغطيس ثلاث مرات باسم الاب والابن والروح القدس. وهذا يظهر جلياً في الكتاب المقدس حيث ان السيد المسيح اعتمد من يوحنا في نهر الاردن بالتغطيس ولذلك يقول الانجيل “فلما اعتمد يسوع صعد من الماء” (متى 3: 16). وكذلك في قصة الخصي الحبشي الذي عمده فيلبس، فالكتاب المقدس يؤكد نزول كليهما الى الماء “فعمده ولما صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس” (اعمال 8: 38 ــ 39). من هاتين الحادثتين يتأكد لنا بأن المعمودية كانت بالتغطيس فلو كانت بالرش لما كان يوخنا يعمد في النهر، ولكان فيلبس قد اكتفى برش الماء على الحبشي وهو في المركبة دون الحاجة الى نزولهما الى الماء.
كما وحيث ان المعمودية هي عملية موت ودفن مع المسيح كما يقول بولس الرسول “فدفنا معه بالمعمودية للموت” (رومية 6: 4). وعملية الدفن لا يمكن ان تتم الا بالتغطيس. ثم وان الخروج من جرن المعمودية يشير الى القيامة مع المسيح بعد الموت والدفـن معه. كما وان المعـمـودية تعتبر ولادة ثانية. والولادة هي خروج جسم من اخر، ويظهر في المعمودية واضحة بخروج جسم الانسان من جرن المعمودية. كما وان كلمة المعمودية ذاتها تعني التغطيس او الصبغ. لذا فالمعمودية لا تتم الا بالتغطيس في الماء.
وطقس العماد لكنيسة المشرق لا يسمح ابداً بسكب او رش الماء على المعتمد ابداً.
من الذي يعـمـد؟
ان الكتاب المقدس يرينا ان الرب يسوع المسيح لم يترك مسألة المعمودية لجميع الناس بل أوكلها لرسله، كما هو واضح في قوله لتلاميذه قبل صعوده “اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس” (متى 28: 19) وخلال مطالعتنا لسفر اعمال الرسل يتبين لنا بان التلاميذ الرسل هم من قاموا بعمل التعميد في كل انتشار الكنيسة الاولى، ثم تركوا العمل لتلاميذهم من الاساقفة ومنهم للكهنة.
وكنيسة المشرق لا تسمح باداء مراسيم التعميد إلا للكهنة الذين نالوا الرسامة الكهنوتية شرعاً إلا في حالات نادرة ولمقتصيات معينة، مثل تعميد النساء، حيث في هذه الحالة يرشم الاسقف امرأة طاهرة بلغت الستين من العمر تساعد الكاهن في تغطيس النساء في مكان معد خصيصاً لذلك في بيت العماد لأنه لا يليق بالكاهن رؤية نساء عاريات. ولكن الكاهن هو من يضع يده على رأسها ويغطسها من وراء الحجاب ثلاثاً باسم الاب والابن والروح القدس.
كما وفي حال وجود شخص او صبي وثني على وشك الموت ويرغب بالعماد، ولكن ليس هناك كاهن، فيحق للشماس ان يحضّر الماء ويرشمها بعلامة الصليب بالزيت المقدس ويعمدهم باسم الاب والابن والروح القدس.
المصادر
-
الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
-
المسيحيون الاولون. تعريب الاب البير ابونا.
-
اباؤنا في الايمان للاب (مطران حالياً) الدكتور لويس ساكو.
-
الكنيسة الاولى. للاب (مطران حالياً) الدكتور لويس ساكو.
-
كتاب المرجانة للعلامة مار عبديشوع الصوباوي.
-
اللاهوت المسيحي والانسان المعاصر ج3 للاب سليم بسترس.
-
خطيب الكنيسة الاعظم للاب الياس كويتر المخلصي.
-
طقس الكهنة لكنيسة المشرق للاب يوسف قليتا.
-
سألتني فأجبتك. تحرير الدكتور عدنان اديب طرابلسي.
-
معجم اللاهوت الكتابي
-
النسيج المنتظم. ليوحنا بن زعبي.
-
قاموس الكتاب المقدس
-
نرساي المعلم للدكتور بولس الفغالي.
-
ثيودورس اسقف مصيصة للدكتور بولس الفغالي.
-
افراهاط الحكيم الفارسي للدكتور بولس الفغالي
-
العظات التعليمية لثيودورس اسقف مصيصة عربها الخوري بولس الفغالي.
-
مجمل القوانين السنهادوسية للعلامة مار عبديشوع الصوباوي.
-
اللاهوت المقارن للبابا شنودة الثالث بطريرك الاقباط الارثوذكس.
-
كتاب الديداكي (تعليم الرسل) للاب شليمون ايشو خوشابا
-
معجم الايمان المسيحي للاب صبحي حموي اليشوعي.