مقتطفات من تاريخ كنيسة المشرق
من الصعب أن نختار بين النساء الشهيدات ممن يمكن وضعهن بين الآباء النساطرة. لهذا فان هذا الفصل سنكرسه لعدة أسماء لم تذكر سابقـًا. فلنطالع بعض أسماء الشهيدات من القرن الرابع.
بالرغم من كون النساء لعبن دورًا متميزًا في حياة يسوع المسيح ورسالته بمرافقته وكذلك تقربهن منه أثناء صلبه وقيامته، إلا أنهن لم يجدن مكانًا لهن في الرسامة الكهنوتية في الكنيسة. بالرغم من ذلك فقد عانت النساء من الاضطهاد بنفس القدر الذي عانى منه الرجال. فلنلقي نظرة على سيرة بعض النساء اللاتي واجهن الاضطهاد الرهيب في القرن الرابع باسمات بشوشات. وقد نلن إكليل الشهادة بابتهاج كبير بلا خوف ولا ندم.
في اضطهادات شابور الثاني السيء الصيت، حُبست عذراء متبتلة اسمها ورده مع كاهن اسمه دانيال. وقد عانوا من التعذيب لفترة ثلاثة أشهر حيث ثقبت أقدامهم بقضيب حديدي حاد. ثم وضعوا في ماء مثلج لمدة خمسة أيام لتقطع رؤوسهم بعد ذلك.
في نفس المقاطعة سجنت تسع راهبات عذارى مع اكثر من مئة كاهن وراهب في زنزانات قذرة في ساليق. في فترة الاضطهادات هذه اهتمت سيدة مسيحية نبيلة اسمها جردونوتا من سكان أربيل، اهتمت بشؤون هؤلاء المسيحيين. في صباح اليوم الذي استشهدوا فيه كرست وقتها للصلاة من أجلهم وقامت بترتيبات دفنهم.
في 346 ميلادية صدر فرمان ضد المسيحيين، وتبعه اضطهاد شنيع. الجلاد الوحشي نرسس تمسبور سجن سيدة اسمهما مريم وأخيها يعقوب، أجبرهم الجلاد على تناول وجبات طعام مكونة من الدم، رفضت مريم وكذلك أخيها ومدوا أعناقهم للجلاد ليقطعها، ومن المؤسف أن يقطع أعناقهم مرتد ثري اسمه مهدادس.
كاهن اسمع بولس كان مقيمًا في مدينة صغيرة اسمها كسشياز، عنده بعض الأملاك ويعتبر ثريًا. أراد الجلاد تمسبور أن يقتل الكاهن ويستولي على امواله. فبدأ يخطط لتوقيف الكاهن، في هذه الأثناء قامت الشرطة بتوقيف خمس عذارى بتولات من الدير، وهن ثكلا ومريم ومرثا ومريم وآنا. الفتيات البتولات لن يتنكرن لإيمانهن، إلا الكاهن فقد نكر دينه لينقذ أملاكه. تمسبور ظن أن الكاهن سيتراجع عن ردته عندما يعينه جلادًا للعذارى البتولات، لكن الكاهن فضل املاكه على إيمانه وضميره.
لم يمانع الكاهن في قتل العذارى اللاتي التزمن بالإيمان الذي بشر هو نفسه به. هذا اليهوذا الاسخريوطي أراد أن يحتفظ بالثلاثين قطعة من الفضة، فاصبح جلاد الفتيات البتولات المسيحيات المتمسكات بالإيمان من أجل أملاك دينونة بائدة. عندما سلموه العذارى ليذبحهن وان يجلدوا كل واحدة مئة جلدة، سألن العذارى أنفسهن: “هلى سنكون ضحايا بنفس الأيدي التي تناولنا منها الذبيحة المقدسة والكفارة (من أجل التكفير عن الخطايا) لكل العالم؟” لكن الكاهن لم يتراجع بل قطع رؤوس العذارى من أجل إنقاذ أملاكه. وفي نفس الليلة دخل حراس السجن بأمر من تمسبور وقتلوا الكاهن البائس الطماع.
لقد دفعت السيدات ثمن غالٍ لإيمانهم ليس في زمن اضطهادات شابور الثاني في القرن الرابع فقط لكن أيضًا في الاضطهادات اللاحقة في زمن بهرام الرابع (420)م، ويزدجرد الثاني (438)م. هناك حادثة معروفة وشائعة عن أم مسيحية اسمها شيرين شهدت نيل ولديها إكليل الشهادة لتقدم نفسها لاحقا لتنال الإكليل المجيد في زمن اضطهادات يزدجرد الثاني.
في النهاية يجب أن نعلم بأن السيدات تعذبن ونلن الشهادة بنفس القدر الذي حدث للرجال. لقد لعبت المرأة دورها في الإيمان المسيحي بشجاعة وعزم.
السيدات اللاتي شهدن صلب الرب عند اعتاب صليب الآلام كن مثالا للنساء المسيحيات للأجيال اللاحقة. الكثير من النساء أظهرن شجاعة فائقة في الثبات على الإيمان. أسماء الكثيرات منهن غير معروفة. هذا الفصل مكرس للذكرى الخالدة لعدد لا يحصى من النساء الشهيدات في كنيستنا.