القديس أفراهاط الحكيم الفارسي
خطايا الرؤساء!
قام الرؤساء في شعبنا، فتركوا الشريعة وافتخروا بالإثم.
اقتنوا خيرات، فغلبهم الطمع.
يقرضون بالربا ويأخذون الفائدة. ليس من يذكر ما قد كُتب: “لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة” (لا 25: 36). وقيل: “من أراد أن يسكن في خيمته الرب لا يعطي فضة بالربا” (راجع مز 15: 1، 5). كما قيل عنه لا يعمل النجاسات التي يعددها حزقيال فيرضي الرب عنه: “ولم يعط بالربا، ولم يأخذ مرابحة” (حز 18: 8).
يوجد في هذا الزمن أناس يتصرفون بعنفٍ ويعوجون الحكم، ويحابون الوجوه ويبرئون المذنب، ويُجَّرمون البريء؛ يحبون الأغنياء ويبغضون الفقراء، ويرعون أنفسهم ويبدون الخراف. أعماهم العالم، فأحبوا الرشوة، ورفضوا الحق.
الحب الصادق
إن التقى أخ بأخيه يميل بوجهه ويرفض أن يسلم عليه (ربما خشية أن يصيبه أذى أو يخسر مركزًا). وإن التقى بوثني شرير يقترب منه ويبادره السلام.
إن التقى بنا رجل إثم شرير وغني، ركعنا أمامه وبادرناه بالسلام. ولكن لا نسلم على إخوتنا وأعزائنا. فالشرير (إبليس) بحسده يمنعنا من ذلك. بينما يأمرنا ربنا: أحبوا بعضكم بعضًا. ويحثنا الرسول الطوباوي على الحب.
تحذير للكهنة والخدام!
أعزاؤنا، كان من الضروري لنا أن نكتب هذه الأشياء لنُذَكر أنفسنا ونُذَكركم أيضًا، لأننا أهملنا خدمة القدوس، فحصل لنا هذا كله في الزمن الحاضر. ولأننا لا نكرمه صرنا للهزء أمام أعدائنا، واُحتقرنا، وذلك كما كُتب: “الذين يحتقرونني يصغرون” (1 صم 2: 30).
خطورة الطمع في حياة الكهنة!
كل هذه الأرض وكل الفردوس لا يكفيان الطمع الذي دخل على آدم. كان يحترق بالشهوة فأخذ وأكل من الشجرة التي أُمر ألا يأكل منها…
رُجم عاخان من أجل شهوة الطمع؛ رُجم بالحجارة، وهلك من وسط شعبه.
والكاهنان الشريران ابنا عالي أفقدهما الطمع الحياة.
طمع الملك شاول ـ مختار الشعب ـ بما حرمه الرب عليه عند أبيمالك، فسقط من عظمته، ونُزعت عنه مملكته.
اشتهى آخاب بن عمري، ملك إسرائيل، كرم نابوت وأخذه، فسقط في الحرب في راموت جلعاد.
وجيحزي، تلميذ إليشع، ألبسه الطمع البرص.
قتل الطمع كثيرين وحرمهم الحياة.
لم يُشبع الطمع يهوذا الإسخريوطي، أحد الاثني عشر، فسرق، بل وبلغ به إلي أن يأخذ (ثمن) دم الكريم. بطمعه انفصل عن زملائه التلاميذ.
وقهر الطمع حنانيا، فظهرت الأعجوبة حين سقط عند أقدام الرسل (أع 5: 1-11).
الطمع لا يشبعه العالم كله.
فبالنسبة للملوك لا تشبعهم كلّ شعوبهم وألسنتهم، ولا يكتفي كل واحد منهم بمنطقته. إنهم يجمعون الجيوش يعلنون الحرب، ويدمرون المدن، ويسلبون المناطق الأخرى. يسبون السبايا ويمتلكون، ولا شيء يكفيهم. يتعبون ويشقون ليتعلموا الحروب. يقتلعون الحصون، ويقومون بتصيد الناس. يصعدون ويبلغون القمم، وينزلون إلي الوديان، ولا يشبع الطمع فيهم ولا يمتلئ.
حين يكثر الغنى يزداد الطمع، وحين تفيض الخيرات يتقوى الطمع.
المسكين يكتفي بالخبز اليومي، أما الغني فيهتم بالسنين التي لا يكون فيها على قيد الحياة.
يكفي المساكين لباس به رقع، بينما لباس من كلّ زهو ومن كل منطقة يجعل الطماع وكأنه عريان.
يُوضع فراش الفقير على الأرض، وهذا يكفيه. ومرقد الغني أسِرة زاهية وفرش من كل نوع، وهذا قليل من أجل الطمع.
شراب المسكين ماء فيرويه، ويشرب الغني النبيذ المُعتق ولا يزال ظمأنًا.
قنية الأغنياء الذهب والفضة، بهما يعثرون ولأجلهما يتقاتلون.
يهرب النُعاس من كل محبي الطمع، أما مرقد الفقير فهادئ مريح.
يفكر المسكين أن يكسر من خبزه للمحتاج، ويتطلع الغني كيف يضرب من هو أضعف منه.
طوبى لمن لا يخدم سيادة البطن. طوبى للرجل الذي لم يقهره الطمع. طوبى للإنسان الذي يتأمل في المعرفة التي بها تُقطع أصول الطمع.
أعزاؤنا، تعرفون مما كتبنا لكم، أنه بعلة الطمع ظهر البغض والحسد عند المتمسكين بالشريعة والمتسلطين في شعبنا.
مخلصنا رأس الرعاة!
يسوع مخلصنا هو رأس الرعاة. هو نور في الظلمة، وسراج على منارة، ينير العالم، ويطهر الخطايا.
هو اللؤلؤة الحسنة، ونحن التجار، نبيع ما لنا ونشتريها.
هو الكنز في حقل، حين نجده نفرح ونشتريه.
هو ينبوع الحياة، نحن العطاش نشرب منه.
هو المائدة المملوءة دسمًا وشبعًا، ونحن الجياع نأكل ونتلذذ.
هو باب الملكوت المفتوح أمام كل الداخلين.
هو الخمر المفرح التي يشرب منها الباكون فينسون أمراضهم.
وهو اللباس والثوب الممجد الذي يرتديه كل الغالبين.
هو البرج الذي عليه بُني الكثيرون. نحسب النفقة ونكمّل.
هو العريس، والرسل هم أصدقاؤه، ونحن عروسه. لنهيئ هدية العرس.
هو السلم التي تصعد إلي العلا، لنعمل ونجاهد بها نحو أبيه.
هو الطريق الصغير الضيق، لنسرع على خطاه ونبلغ الميناء.
هو الكاهن وخادم القدس، ونحن نعمل لنكون أبناء بيته.
هو الملك العظيم النبيل، الذي ذهب ليأخذ مُلكه (لو 19: 14).
لنكرم ضعفه ليشركنا في عظمته…
هو المحبة التي تعطي الثمار العديدة، حين زُرعت كانت صغيرة، وصارت شجرة قوية.
هو الابن البكر وابن مريم لنقبل ضعفه فيفرحنا بعظمته.
هو الذي تألم وعاد إلي الحياة وصعد إلي العلا. لنؤمن به حقَا، فنقبل مجيئه. هو ديان الأموات والأحياء الذي يجلس على عرش ويدين القبائل.
كرامة الكهنوت: الأقدمية أم مخافة الرب؟
لا نجد في زمننا مَن يسأل: من هو الذي يخاف الرب؟ بل: من هو الأقدم بوضع الأيدي؟
فإن قالوا: فلان أقدم، قالوا له: يليق بك أن تجلس على رأس المائدة. وليس من يتذكر كلام المخلص حين أعطى الويل للكتبة والفريسيين.
لا تنجينا الألقاب من الموت
يا إخوتنا، لا تُدخلنا الألقاب إلي الحياة، ولا تنجينا من الموت، كما لم تنجِّ ناداب وأبيهو (الكاهنين)…
فمع الألقاب تطلب الأعمال الصالحة، لأن الأعمال بدون ألقاب تنجي الذين يعملون بها. والألقاب بدون أعمال صالحة لا تفيد ولا تنفع شيئًا.
أيها الراعي، لا تتشامخ!
يا أيها الراعي الذي لا يعرف كرامته، من أنت حتى تدين عبدًا ليس لك؟ فإنه إن ثبت فلربه يثبت، وإن سقط فلربه يسقط، لكنه سيثبت ثباتًا. فإن كنت لا تقدر أن تبرر نفسك، فلماذا تخطئ باستمرار؟
إن كنت تتشامخ عليَّ بضميرك وتقول: “أنا معلم وملك عليك، فإن لم أقبل ذلك تضعني في القيود، كيف تعلمني التواضع، وأنت تتشامخ وتتباهي وتنتفخ؟
كيف تعلمني، قائلاً: “أحبوا بعضكم بعضًا، وأنت مملوء بغضًا وغضبًا؟
كيف تعلمني، قائلاً: “إن أخذ أحد مالك فلا تطالبه به”، وأنت تطلب ما هو لك وتأخذ فائدة؟
كيف تعلمني العفة، وأنت فاسد وثرثار ومتجَّبر؟
كيف تعلمني أن أترك هذا العالم، وأنت ساقط فيه ومختنق؟…
كيف تعلمني أن أغفر ما في قلبي، وأنت تحتفظ في داخلك بالخميرة العتيقة؟
كيف تعلمني أن أسالم أخي، وأنت تبلبل العالم المتسع؟