اشجار الزيتون
أ: شجرة الزيتون
البري: وهي شجرة زيتون تنبت في البراري يمكن استخلاص الزيت منها لكنه أردأ بكثير من
الزيت المستخلص من شجرة الزيتون. وهي تكثر في المناطق الواقعة قرب حبرون والسامرة
وتابور ورد ذكر هذه الشجرة في سفر اشعياء النبي حيث يقول" اجعل في البرية الارز
والسنط والاس وشجر الزيت واجعل في الصحراء السرو والسنديان والشربين جميعاً " (
اشعياء 41: 19 ).
ب: شجرة الزيتون:
يؤكد العلماء المتخصصون بأن
سوريا هي موطن شجرة الزّّيتون، وأكد الباحثين
والعلماء أن الحضارات السورية القديمة مثل
مملكة ايبلا شمال
سوريا أكدت وثائقها وآثارها على أنها أول وأقدم
من زرع شجرة الزيتون واستخرج منها الزيت ويعود تاريخ شجرة الزيتون في
سوريا إلى
الألف الثالث ق. م. ويؤكد الكتاب المقدس بأن شجرة
الزيتون كانت معروفة منذ القدم في فلسطين فقد ورد ذكرها في سفر الخروج عندما امر
الرب شعبه بترك ارضه دون حراثة وحمل غلتها لتكون للفقراء والمساكين " وفي السنة
السابعة أرحها ( ارح ارضك ) واتركها ليأكلها مساكين شعبك. وبقيتهم يأكله دواب البر.
وكذلك فافعل بكرمك وزيتونك" ( الخروج 23: 11 ) كما ورد ذكرها في سفر التثنية عندما
يصف موسى الارض التي وعد الرب باعطائها لشعبه قائلاً" وكروماً وزيتوناً لم تغرسها
انت" ( تثنية 6: 11 ). كما ورد ذكرها في حديث يشوع عندما ذكر الاحسانات التي احسن
بها الله الى بني اسرائيل قائلاً مما قاله الرب" واعطيتكم ارضاً لم تتعبوا فيها
ومدناً لم تبنوها لتسكنوها. وكروماً وزيتوناً لم تغرسوها لنأكلوها" ( يشوع 24: 13 )
، كما وكانت هذه الشجرة معروفة في بلاد اشور حيث ورد ذكرها في حديث ربشاقا قائد جيش
ملك اشور عندما ارسله الى حزقيا ملك اليهود حيث قال من فم الملك الاشوري" حتى آتيكم
وآخذكم الى ارض تشابه ارضكم. ارض كثيرة الحنطة وكثيرة الخمر. ارض الخبز والكروم.
ارض الزيتون والعسل" ( 2 ملوك 18: 32 ).
ويعتبر
القدماء أن غصن الزيتون رمز للقوة الأبدية، وكان يقدم كهدايا ثمينة من ملوك
ايبلا
السورية إلى ملوك وحكام الحضارات المعاصره لهم،
وكان
الإغريق يجدلون غصون الزيتون الغضة كأكاليل توضع
فوق الرؤوس.
استعمالات الزيت في الكتاب المقدس
ورد في الكتاب
المقدس عدة استعمالات للزيت منها:
1. استعمل للاضاءة
بوضعه في السرج: " ودهن للسرج...." ( خروج 25: 6 ) ، " أما الجاهلات فاخذن مصابيحهن
ولم يأخذن معهن زيتاً" (ومتي 25: 3 ).
2. للاضاءة
المستمرة في القدس: كان الزيت النقي المرضوض يجهز بطريقة خاصة للاضاءة المستمرة في
القدس. " وأنت فقل لبني اسرائيل فيأتوك بذهن زيت عصير خالص لتضيء المصابيح دائمة" (
خروج 27: 20 ).
3. استعمل الزيت
في الطعام: " وايضاً القريبون منهم حتى أل يسّاخر وآل زبولون وال نفتالي كانوا
يحيئونهم بالخبز على الحمير والجمال والبغال والبقر وبالطعام من الدقيق والتين
والزبيب والخمر والزيت والبقر والغنم شيئاً كثيراً" ( الاخبار الاولى 12: 40 ) ، "
وأكلتِ سميداً وعسلاً وزيتاً وصرت جميلة كثيراً جداً" ( وحزقيال 16: 13 ).
4. في صنع الخبز:
" ليس عندي خبز إلا قدر ملء كف من الدقيق في الجرة وقليل زيت في القلة وهوذا اجمع
عودي حطب واذهب واصنعه لي ولإبني فنأكله ونموت" ( ملوك الاول 17: 12 ).
5. في رش التقدمات
بالزيت قبل استعمالها. كانت تقدمات كثيرة تخلط وترش بالزيت قبل استعمالها " وأي
انسان فرّب قرباناً للرب فليكن قربانه سميذاً يصب عليه زيتاً ويجعل عليه لباناً" ،
" وإن فرّبت قربان تقدمة مخبوزاً في تنور فليكن جرادق من سميذ فطير ملتوتة بزيت
ورقاق فطير ممسوحة بزيت. وإن كان قربانك تقدمة على طاجن فليكن فطيراً من سميذ
ملتوتاً بزيت. وفُتّه فتاتاً وصب عليه زيتاً انه تقدمة. وإن كان قربانك تقدمة من
الشراء فاعمله سميذاً بزيت" ( لاويين 2: 1 ــ 7 ).
6. في معالجة
الجروح: " من اخمص القدم الى الرأس لا صحة فيه بل جراح وقروح وضربات طرية لم تعصر
ولم تعصب ولم اليّن بالزيت" ( اشعياء 1: 6 ) ، " واخرجوا شياطين كثيرة ودهنوا
بالزيت مرضى كثيرين فشفوهم" ( مرقس 6: 13 ) ، " فدنا منه وضمّد جراحاته وصبّ عليها
زيتاً وخمراً " ( لوقا 10: 34 ).
7. يستخدم في
حالات الفرح والسرور: استخدم الزيت في دهن الاجسام والرؤوس بعد تعطيره بالعطور
الشرقية لا سيما في المواسم والاحتفالات وكان استخدامه بهذه الصورة دليلاً على
الفرح والسرور. " تهيء امامي مائدة تجاه مضايقي وقد مسحت رأسي بالدهن ( الزيت )
وكأسي مروية" ( مزمور 23: 5 )
8. ويستخدم في
حالات الحزن: وعند عدم استخدامه مع العطور كان دليلاً للحزن. " وأما انت فاذا صمت
فادهن رأسك واغسل وجهك" ( متي 6: 17 ).
9. استخدامه في
مسح الملوك: " فاخذ صموئيل وعاء الدهن وصبه على رأسه وقبله وقال: هوذا قد مسحك الرب
على وراثته لتكون رئيساً وتنجي شعبه من ايدي اعدائه الذين حوله. وهذه علامة لك ان
الله مسحك رئيساً" ( صموئيل الاولى 10: 1 ) ، " ثم قال الرب لصموئيل: حتى متى انت
حزين على شاول. وانا قد رفضته عن ان يملك على اسرائيل. فاملأ قرنك دهناً وتعال
وابعثك الى يسي الذي من بيت لحم فاني قد رأيت لي في بنيه ملكاً" ( 16: 1 ) ، "
فاخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه ( مسح داود ) بين اخوته واستوت روح الرب على داود من
ذلك اليوم فصاعداً" ( 16: 13 ) ، " واخذ صادوق الحبر قرن الدهن من القبة ومسح
سليمان " ( ملوك الاول 1: 39 ) ، " وخذ وعاء الدهن وصبه على رأسه ( رأس ياهو بن
يهوشافاط بن نمشي ) وقل: هكذا يقول الرب: مسحتك لتصير ملكاً على اسرائيل" ( ملوك
الثاني 9: 3 ) ، " فقام ودخل البيت الداخلي وصبّ الدهن على رأسه وقال له: هكذا يقول
الرب اله اسرائيل: مسحتك ملكاً على شعب الرب اسرائيل" (ملوك الثاني 9: 6 ).
10. استخدم كعطر
يطيب به الجسم: " وتشربون كؤوس الخمر وتدهنون بطيب فائق ولا تهتمون بشيء في انسحاق
يوسف" ( عاموس 6: 6 ) ، " وكانت اذا بلغت نوبة كل جارية ان تدخل على الملك احشوروش
وذلك بعد مضيء اثني عشر شهراً عليها بحسب سنة النساء ، لأنها هكذا كانت تتم ايام
تطهرهن ستة اشهر بزيت المرو وستة اشهر بأطياب وادهان تطهير النساء" ( استير 2: 12
).
11. يقوي الاعضاء:
" فغسلتكِ بالماء ونّقيتكِ من دمكِ ثم مسحتكِ بالدهن" ( حزقيال 16 : 9 ).
12. استخدامه لصنع
الاثاث: استعمل خشب الزيتون لصنع الاثاث كما في هيكل سليمان. حيث ان الكاروبين
كان مصنوعاً من خشب الزيتون. " وصنع في بيت المقدس كاروبين من خشب الزيتون...." (
ملوك الاول 6: 23 ).
13. استخدم في مسح
الكهنة ورؤوساء الكهنة وفي مسح خيمة الاجتماع والتابوت والمائدة والمنارة والمرحضة
وقاعدتها والمذبحين. " وكلم الرب موسى وقال له: خذ لك طيباً فاخراً من مر قاطر
خمسمائة مثقال . ومن قرفة عطرة نصف ذلك مائتين وخمسين مثقالاً. ومن قصب ذريرة كذلك
مائتين وخمسين مثقالاً. ومن السليخة خمسمائة مثقال بمثقال القدس وهيناً من دهن
الزيت فاصنعه للمسحة دهناً مقدساً عطراً مطيباً صنعة العطار ، يكون دهناً مقدساً
للمسحة. وامسح به قبة الميعاد وتابوت الشهادة والمائدة وكل انيتها والمنارة وانيتها
ومذبح البخور ومذبح الوقود وجميع اميته والمخضب وقاعدته وتقدسها فتكون قدس الاقداس
وكل من يمسها يكون مقدساً وامسح هارون وبنيه وطهرهم ليكونوا لي احباراً" ( خروج 30:
22 ــ 33 ).
رموز شجرة الزيتون في الكتاب المقدس.
هناك العديد من
الرموز والتشبيهات لشجرة الزيتون وزيبتها في الكتاب المقدس منها
1. ان شجرة
الزيتون تشير الى النجاح والبركة الالهية. " ويحبك ( الرب) ويباركك ويكثرك ويبارك
ثمرة بطنك وثمرة ارضك وحنطتك وخمرك وزيتك ونتاج بقرك واناث غنمك..." ( تثنية 7: 13
ــ 14 ) ، " زيتونة خضراء حسنة مثمرة جميلة سمّى الرب اسمك. ( ارميا 11: 16 ) ، "
ويأتون ويترنمون في جبل صهيون ويجتمعون الى خيرات الرب على الحنطة والخمر والزيت
ونتاج الغنم والبقر وتكون نفوسهم مثل جنة ريّا ولا يعودون يضوون ايضاً" ( 31: 12 )
، " وتمتد اغصانه ويكون بهاؤه كالزيتونة وله رائحة كلبنان" ( هوشع 14: 6 ).
2. كما وان خضارها
رمزاً للصالح المبارك من قبل الله. " وانا مثل الزيتونة النضيرة في بيت الله ،
توكلت على نعمة الله الى الابد والى ابد الابدين" ( مزمور 52: 10 ) ، " امرأتك مثل
كرمة مثمرة في جوانب بيتك. بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك" ( مزمور 128: 3 ).
3. كما وتشير الى
الحكمة الالهية التي تكشف في الناموس طريق البر والسعادة: " الحكمة تمدح
نفسها:....مثل الزيتون النضير في البقاع وكالدلب ارتفعتُ على مجاري المياه في
الشوارع ( يشوع بن سيراخ 24: 19).
4. ترمز الى الحب:
" اسمك دهن مهراق ، لهذا احبتك العذارى" ( نشيد 1: 3 ).
5. رمزاً للصداقة:
" الدهن والبخور يفرحان القلب وبمشورة الصديق تلتذ النفس" ( امثال 27: 9 ).
6. رمزاً لسعادة
العلاقة الاخوية: " ما أطيب وما ألذّ ان يسكن الاخوة معاً ، مثل الدهن على الرأس
النازل على اللحية.... ( مزمور 133: 2 ) .
7. رمزاً للسلام:
وتعتبر الزيتون رمزاً للسلام حيث ان اول ما حملته الحمامة الى نوح بعد الطوفان كان
ورقة شجرة الزيتون. " فأتت اليه الحمامة وقت المساء. واذا ورقة زيتون خضراء في
فمها" ( تكوين 8: 11 ).
8. رمزاً للخلاص:
ان وفرة الزيتون تشير الى علامة خلاصية. " فاجاب الرب وقال لشعبه: هأنذا ارسل اليكم
حنطة وخمراً وزيتاً فتشبعون منهن...." ( يوئيل 2: 19 ).
9. رمز للنعيم في
اخر الازمنة: " والارض تستجيب للحنطة والخمر والزيت وهنّ يستجبن ليزراعيل" ( هوشع
2: 22 ).
10. يرمز الى
حرمان الله عقاباً من يخون الوفاء: " انت تزرع ولا تحصد انت تدوس زيتاً ولا تدهن
بالزيت وسلافة ولا تشرب خمراً" ( ميخا 6: 15 ) ، " فان التين لا يزهر ولا يكون في
الكروم حمل. كاذب عمل الزيتون. والمزارع لا تأتي بالطعام...." ( حبقوق 3: 17 ).
11. رمزاً لتكريم
الضيوف: " انت لم تدهن رأسي بزيت وهذه دهنت بالطيب قدمي" ( لوقا 7: 46 ).
12. شبه سفر
الامثال المنافق والكاذب بالزيتون الذي ينثر زهره. كما وشبه حديث المرأة الاجنبية
اللطيف بالزيت " لأن شفتي المرأة الاجنبية تقطران عسلاً وحنجرتها ألطف من الزيت
ولكن عاقبتها مرة كالعلقم ومرهفة كسيف ذو حدين". ( امثال 5: 3 ــ 4 ).
استخدام
الزيت في الكنيسة
تحتفظ وتستعمل
كنيسة المشرق في طقوسها زيت الزيتون في ثلاثة اشكال وهي:
1: الزيت المقدس:
وهو عبارة عن زيت الزيتون النقي الخالص ويعود تاريخه الى ايام الرسل ويسمى ايضاً
زيت المسحة حيث به يمسح المعمد ويثبت في الايمان. كما ويمسح به من يجحد ايمانه
بإرادته ويعود تائباً . كما ويسمى زيت القرن لأنه رمز المسيح قرن خلاصنا.
2: الزيت المحفوظ:
وهو زيت زيتون نقي يستعمل في العديد من الطقوس الكنسية منها:
أ: يستعمل كأحد
العناصر الاساسية الاربعة للكون ( التراب والماء والنار والهواء )في صنع عجينة خبز
القربان حيث يمثل الزيت الهواء او الروح. كما ويستعمل اثناء طهي خبز القربان بعض
اضافة اليه الخميرة المقدسة ليمنح القدسية لخبز القربان قبل رفعه للمذبح وتقديسه
بسر الذبيحة الالهية.
ب. يستعمل كأحد
العناصر الاساسية للكون مع الماء والقمح والملح في عمل الخميرة المقدسة يوم خميس
الفصح.
ت. يستعمل كزيت
اضافي مع الزيت المقدس ( زيت المسحة المقدسة ) أثناء العماد والتثبيت.
ث. يستعمل في
تكريس المذابح والطبليث بعد تقديسه من قبل الاسقف.
ج. يستعمل في صنع
الحنان الذي هو تراب يجلب من امكان استشهاد القديسين ليوضع في كأس اكليل الزوجين
كشهادة القديسين لذلك الزواج.
ح. في اضاءة
المشاعل والقناديل في المذبح المقدس. ( وقد بطلت هذه المشاعل لتبديلها بأنوار
كهربائية ) .
3: زيت مسحة
المرضى: ان هذا الزيت لا يعتبر كأحد الاسرار السبعة في كنيستنا كما هو في باقي
الكنائس الرسولية بل هو عبارة عن زيت زيتون نقي يكرسه الاسقف بصلاة خاصة يرشم به
المرضى لينالوا الشفاء. كما ورد في رسالة القديس يعقوب ( 5: 15 ). وكما ورد في
انجيل مرقس بأن التلاميذ كانوا يمسحون بالزيت مرضى كثيرين وكانوا يشفونهم بطريقة
اعجازية ( مرقس 6: 13 ).
انتهى ولله المجد.
يعقوب دانيل
مطران استراليا ونيوزيلند
للكنيسة
الشرقية القديمة |