كيف نشأ خط قوذشانوس لبطاركة بيت أبونا؟
على أثر تدهور
الأوضاع في بغداد ، ومحنة مسيحيي قلعة أربيل والمذابح التي رافقتها. كان البطريرك
مار يهبألاها الثالث(1)
قد نقل
كرسيه إلى مراغة. قضى البطريرك شتاء عام 1312 في الدير الذي كان قد بناه بالقرب من
مراغة، وعاش في هذا الدير إلى أن توفي ليلة الأحد 15 تشرين الثاني 1317 ودفن في
الدير ذاته.
دامت
رئاسته من (1282 1317) كان عدد المطارنة والأساقفة الذين رسمهم إلى ذلك الحين 75
شخصاً.
طيمثاوس الثاني(2)
خلف مار يهبألاها الثالث على كرسي بطريركية كنيسة المشرق مار طيمثاوس الثاني (1318
ـ 1332) كان مار طيمثاوس هذا مطراناً على أبرشية الموصل وكان أسمه يوسف، وعندما
توفي مار ابراهيم مطران أربيل، نقل يوسف إلى هذه الابرشية في عام 1310 وذلك قبيل
الأحداث المأساوية التي حدثت في قلعتها حيث قتل العديد من المسيحيين. وقد يكون
يوسف هذا هو المطران الذي بذل قصارى جهده لدى السلطات المغولية لتجنب هذه المجزرة
الرهيبة، وللذود عن البطريرك مار يهبألاها الثالث، وعن المؤمنين القاطنين في تلك
المنطقة. وإذا كانت تلك الجهود الجبارة لم تسفر عن نتيجة فإن الأساقفة لم ينسوا هذا
الفضل الكبير. فما أن توفي البطريرك في نهاية عام 1317، حتى توجهت أنظار الناخبين
إلى يوسف واتفقت الآراء على إقامته جاثليقاً على كنيسة المشرق وذلك بالنظر إلى
نشاطه وشخصيته وإلى علمه الغزير ومعرفته للغات وحكمته في الإدارة. فسمي طيمثاوس،
وهو الثاني بهذا الاسم بين جثالقة كنيسة المشرق.
خلف البطريرك مار
طيمثاوس الثاني، البطريرك مار دنخا الثاني، الذي دامت رئاسته من سنة (1332 1380)
وقد نقل كرسيه من أربيل إلى كرمليس، خلفه إيليا الرابع (1380 1430) الذي نقل مقره
إلى الموصل. ثم شغر الكرسي البطريركي سبع سنوات وتسعة أشهر. وخلفه شمعون الثاني
(1437 1471) وكان مقره في الموصل أيضاً. خلفه شمعون الثالث (1480 1502) خلفه
إيليا الخامس (1502 1505).
شمعون الرابع
المسمى الباصيدي (1505 - 1538) أصله من قرية بيث صيدا القريبة من أربيل. في عهده
انضم نساطرة قبرص إلى الوحدة مع روما. وفي عهده أصبحت البطريركية وراثية رسمياً في
البيت الأبوي تنحدر من البطريرك إلى ابن الأخ الأكبر.
شمعون الباصيدي
الخامس (1538 - 1551) وهو الذي سعى إلى شراء أراض وبيوت وطواحين ودكاكين وغيرها من
الأملاك الكثيرة وأوقفها للطائفة والأديرة. وأراد أم تكون تحت إدارة البطريرك
وخلفائه من العائلة الأبوية. واستحصل على الصكوك الشرعية لإثبات هذه الأملاك من
دولة الآق قوينلو السائدة آنذاك على هذه البلاد قبل الدولة الصفوية والعثمانية.
وكانت اكثر هذه الأوقاف أي أرض الموصل ونوهدرا والقوش والجزيرة العمرية واربيل
وعقرة.
توفي البطريرك
شمعون الخامس سنة 1551 وخلفه شمعون السادس (1551 1558) استمر خط بطاركة المشرق من
البيت الأبوي حسب النظام الوراثي في القوش وعلى العقيدة الشرقية النسطورية، حيث
انتقلت البطريركية إلى إيليا السادس (1558 1591) خلفه إيليا السابع (1591 1617)
ثم إيليا الثامن (1617 1660) وهنا حدث انشقاق في البيت الأبوي حيث انقسمت العائلة
إلى شعبتين، شعبة بطاركة القوش (إيليائيين) وشعبة بطاركة قوذشانوس (الشمعونيين).
ويروي قصة هذا الانشقاق الأسقف مار إيليا بيت أبونا(3) في كتابه
غير المنشور (تاريخ بيت أبونا). وقعت جريمة قتل في بيت أبونا وكان سببها أنه في عهد
مار إيليا الثامن (1617 1160) كان قبل نذر إثنان لولاية العهد البطريركي بموجب
التقليد القديم الأول إيشوعياب بن دنخا والثاني حنانيشوع بن ابراهيم، وكان كل من
دنخا وابراهيم اخوين للبطريرك مار إيليا الثامن. ولكون ايشوعياب بن دنخا هو ابن
الأخ الأكبر لذا كانت الخلافة البطريركية من حقه. إلا أنه لم يكن متعلماً بما فيه
الكفاية مثل حنانيشوع بن ابراهيم والجماعة كلها رشحت حنانيشوع للبطريركية ورفضت
ايشوعياب رغم أحقيته فغضب والده دنخا لدى رفض ابنه ايشوعياب وفي أحد الأيام عمد
إلى قتل حنانيشوع ابن أخيه أثناء الصلاة في الكنيسة وهرب مع عائلته إلى اورميا في
بلاد العجم. وهناك اتصل بالمرسلين الدومنيكان الكاثوليك ورسموا ولده ايشوعياب
بطريركاً باسم مار شمعون دنخا ومن هناك نزح مع عائلته إلى منطقة حكاري والتجأ إلى
العشائر الآشورية. إلا أن أمير جولميرك الكردي الذي كان يحكم المنطقة آنذاك منعه من
السكن بين العشائر الآشورية كي لا يؤثر على أفكارهم إذ انهم لا يفهمون غير لغة
السيف وباسم الأمير. لذا سكن قرية قوذشانوس بعيداً عن العشائر الآشورية وحمل لقب
مار شمعون، وكانت العائلة الشمعونية النازحة من القوش تضم ثلاثة اخوة بنيامين واسحق
وناثان وكان اتفاقهم ان تتناوب البطريركية بينهم. إلا أن خلافات عميقة نشبت بينهم
أدت إلى حدوث اغتيالات أخرى سوف نأتي إليها لاحقاً.
هكذا نشأ خط
البطاركة الشمعونيين من بيت أبونا في قوذشانوس بالبطريرك شمعون دنخا (1662 1700)
خلفه شمعون سليمان (1700 1740) شمعون مختاص (1740 1780) شمعون يونان (1780
1820) شمعون ابراهام (1820 1860) شمعون روئيل (1860 1903) شمعون بنيامين (1903
1918) شمعون بولس (1918 1920) شمعون إيشاي (1920 1975). انتهى خط قوذشانوس
عندما قام أحد اتباع مار أيشاي شمعون باغتياله في الولايات المتحدة الاميركية.
وتأسست على أنقاضه الكنيسة الآشورية في لندن عام 1976. وتجدر الإشارة هنا أنه في
عهد شمعون سليمان، عاد البطريرك إلى العقيدة الشرقية النسطورية وقطع كل العلاقات مع
المرسلين الدومنيكان ومع روما وذلك تحت ضغط العشائر الآشورية المستقلة في حكاري.
بينما استمر خط
البطاركة الإيليائيين في القوش حيث خلف إيليا الثامن في شعبة القوش إيليا التاسع
(1660 1700) إيليا العاشر (1700 1722) إيليا الحادي عشر (1722 1778) إيليا
ايشوعياب الثاني عشر (1778 1803) ثم يوحنا هرمز (1804 1838).
انتهى خط بطاركة
بيت أبونا في القوش بارتداد مار يوحنا هرمز بيت أبونا إلى العقيدة الكاثوليكية
واتحاده مع روما. وتأسست على أنقاضه كنيسة الكلدان الكاثوليكية. والمخطط المرفق
لشجرة البطاركة من بيت أبونا الذي رسمه الأسقف مار إيليا بيت أبونا يوضح بشكل لا
لبس فيه أنه كان هناك بطريركيتين نسطوريتين من بيت أبونا في آن واحد إحداهما في
القوش باسم الإيليائيين والأخرى في قوذشانوس باسم الشمعونيين. هكذا نرى أن العائلة
الأبوية حافظت على الباطريركية الوراثية من 1318- 1975 أي لمدة 658 عاماً. لقد قامت
العديد من المحاولات للتخلص من البطريركية الوراثية، سوف نأتي عليها في الحلقات
القادمة.
المراجع:
1 . تاريخ
الكنيسة السريانية ، الأب البير أبونا ، ج3 دار المشرق بيروت 1993 .
2 . حقيقة
الأحداث الآثورية المعاصرة ، يوسف مالك خوشابا ، الأديب البغدادية 2001.
3 . صفحات مطوية
من تاريخ الكنيسة الكلدانية ، هرمز أبونا ، 2004 .
4 .
The History of the
Assyrian Church of the East in Twentieth Century by Mar Aprem Kerala India 2003.
5
. تاريخ بيت أبونا ، الأسقف مار إيليا بيت أبونا (مخطوطة)
الاركدياقون د . خوشابا كوركيس
(1) كان رجل مؤمن من خان باليق (بكين) اسمه شيبان وهو
زائر كنسي أي
(ܦܪܝܕܘܛܐ)
وامرأته كانت تسمى قيامتا. وظل الزوجان دون ولد زماناً طويلاً. وأخيراً من
الله بطفل اسمياه "صوما". أحسنا شيبان وقيامت تربية ولدهما الوحيد صوما،
إلى أن تقبل الاسكيم الرهباني على يد المطران كوركيس، وانزوى في دير قريب
من بلدته. سافر نحو الشرق بهدف زيارة الأراضي المقدسة. وصادف أثناء وجوده
في بغداد أن توفي البطريرك دنخا الأول. فتمت رسامة الراهب "صوما" بطريركاً
باسم مار يهبألاها الثالث.
(2) تجدر الاشارة هنا أن الجالسين على سدة بطريركية
المشرق منذ طيمثاوس الثاني (1318 1332) كانوا من البيت الأبوي (بيت
أبونا) عرضاً. حتى مجيء شمعون الباصيدي الذي سن قانون الوراثة من أخ للإبن
أخيه الأكبر.
(3) هو القس كوركيس بيت أبونا قصد قوذشانوس مع مجموعة من
رفاقه الالقوشيين سنة 1903 ، اقتبل الرسامة الأسقفية على يد البطريرك مار
بنيامين في كنيسة مار شليطا ، بينما رسم عدد من رفاقه كهنة وعادوا إلى
القوش ومارس أعماله كأسقف للكنيسة الشرقية النسطورية في القوش ، شارك في
مراسيم جنازة مار بنيامين في اورميا 1918. اعتنق المذهب الكاثوليكي عام
1921 ، وتوفي في القوش سنة 1955 ودفن في مقبرة الغرباء.
شجرة البطاركة كتبها مار إيليا بيت أبونا في القوش عام 1944 والذي كان حينئذ يشغل
كرسي ميطرافوليط آثور كما يظهر في الوثيقة |