حسبوا اهلاً للمشاركة في الزمان الاتي والقيامة من بين الاموات، فلا يّزوجون ولا
يزوجون. 36 اذ لا يمكن أن يموتوا أيضًا بعد ذلك، لانهم يكونون مثل الملائكة وهم
ابناء الله لكونهم ابناء القيامة. 37 وأما أن الموتى يقومون فحتى مّوسىَ أشار الى
ذلك في الحديث عن العليقة، حيث يدعو الرب اله ابراهيم واله اسِحق واله يعقوب، 38
ولكن الله ليس اله أموات بل هو اله احياء، فأن الجميع يحيون لديه. 39 فقال بعض
الكتبة " يامعلم، أحسنت الكلام" 40 ولم يجرؤ أحد بعد ذلك أن يساله شيئاً.
الكثير من الناس يشعرون بإستياء وقلق حيال الموت. المرء يخاف من المجهول.
العديد ممن
واجهوا نوبة قلبية أو حادث مفاجئ يعانون من ألم نفساني على الأغلب بعدها، حتى وإن
كانوا قد تعافوا جسديًا بعد الحادث.
والحدث المفاجئ المهدد للحياة يترك من بعده القلق والخوف بينما يعيش الكثيرين غير
مبالين للغد في الوضوع الطبيعي محاولين ملئ وتحسين حياتهم بما هو جديد ومفرح كل يوم
من عمل ومعاشرة الاهل والاصدقاء. والتخطيط للاشياء المفرحة للمسقبل. والاغلبية
العظمى قلما يفكرون بالموت. فهذأ الطيش قد يتحول الى تصور غير واعي عن الخلود.
بينما مرض عرضي أو حادث مفاجئ قد يغير كل شيء ويذكرنا بأن الانسان معرض للموت في أي
وقت.
حيث
أن الضرر الجسدي يمكن علاجه ولكن القلق حيال المجهول، هو الذي يبقى. الحياة لا تعود
كالسابق ويزيد فيها الخوف المزعج من الموت. الإنسان يفزع من المجهول والذي يُدعم من
الضمير المتألم ويشعر الشخص بأنه عرضة لاستجواب امام الله.
يوجد الكثير الذين يشبهون الصدوقيون في النص الإنجيلي أعلاه. لوقا يعطينا وصف بسيط
عن الصدوقيون: كانوا ينكرون وجود القيامة ووجود الملائكة والارواح. كانوا يشبهون
الناس العصرين "المنوّرين". لم يؤمنوا بأشياء التي لم يروها بالعين ويفهموها
بالعقل. من المحتمل بأنه كان المذهب العقلي وسيلتهم بأن يصمّوا خوفهم وقلقهم من
المجهول. وهكذا يفعل الكثير من الناس اليوم. الحياة بعد الموت لايمكن اثباتها
باساليب المعرفة لذلك لا يؤمنوا بوجودها، يقصد المرء. والغريب بأن هذا الإنكار لا
يستطيع انتزاع الخوف من القلب. فعندما يطرأ تذكير شديد على الشخص بوجود الموت فأن
الخوف يأخذ مكانه بالقلب بالرغم من انه شخص عصري (منطقي).
الصدوقيون حاولوا أن يسخروا من تعاليم الرب عن قيامة الاجساد. حيث وجدوا في العهد
القديم قانون يُذكر فيه بأنه اذا توفي الاخ الاكبر ولم يقم له نسل سيكون للاخ
الاصغر سنًا الحق أن يتزوج من امرأته والولد الاول يكون ولدًا للاخ المتوفي وله
الحق في ميراثه. وهذا القانون أو العُرف وجد قبل موسى بوقت طويل، مسبقاً في عهد
الحياة القبلية. ولكن موسى غيّر القانون بحيث حافظ العرف على الزواج مقدسًا . ولسبب
وجود هذا القانون رتب الصدوقيون سؤالا لحالة غير ممكن حدوثها على الاطلاق فقط
ليسخروا من تعاليم الرب عن قيامة الموتى.
إدراك الانسان هو غير موضوعي أو مُنصف. علينا ان نتذكر بأن ادراك الوعي هو زائل.
وادراك الانسان الزائل هذا ينكر القيامة. كما يستخدم الانسان فهمه للافتراضات التي
تسخر من تعاليم الرب ويعطينا الجواب الخطأ للسؤال المطروح عن وجود الحياة بعد
الموت.
نحن
نطرح السؤال من جديد والآن الى يسوع المسيح. هل يوجد حياة بعد الموت؟ نعم،
يوجد حياة. فالمسيح يوضّح هذا الشيء من خلال وصف الحياة بعد الموت ويرد عليهم ويقول
"ابناء الزمان الحاضر يُزوجون ويزوجون. اما الذين حسبوا، اهلاً للمشاركة في الزمان
الاتي والقيامة من بين الاموات، فلا يزوجون ولايزوجون. إذ لا يمكن أن يموتوا ايضًا
بعد ذلك لانهم يكونون مثل الملائكة وهم ابناء الله.
يسوع يوضح الخطأ بشكل مباشر في نقاش الصدوقيون. الحياة بعد الموت سوف لن تكون
مشابهه للحياة الارضية. لذلك لا يمكن اعطاء الخلاصة النهاية للحياة بعد الموت
انطلاقاً من الانظمة الموجودة في هذا العالم. والناس الذين يعيشون هنا فقط يزوجون
وليس ابناء القيامة.
يسوع يعلمنا بأن الذين يؤمنون باسمه هم يعتبرون جديرين بالفوز بالعالم الثاني
والقيامة من الاموات. تعبير "القيامة من الاموات" يستخدم في الانجيل فقط للذين هم
مؤمنون. يسوع يعلمنا في انجيل يوحنا الاصحاح الخامس بانه سوف تأتي ساعة يسمع فيها
جميع من في القبور صوته فيخرجون منها، فالذين عملوا السيئات ايضًا يسمعون صوت الرب
ويخرجون من قبورهم ولكن للذهاب الى القيامة المؤدية للدينونة، حيث يذهبون من الموت
الجسدي والنفسي الى الموت الابدي. لذلك الانجيل لا يستخدم ابدًا تعبير "القيامة من
الموت" للغير مؤمنين. وانما فقط للذين هم مستحقون الفوز بالقيامة من الموت. ويسوع
يُعلمنا كما ذكرنا في انجيل يوحنا الاصحاح الخامس من هم هؤلاء الناس حيث يقول: "أن
من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني تكون له الحياة الابدية. "جميع الذين آمنوا بالرب
يسوع المسيح واعترفوا بانه المخلص تكون لهم الحياة الابدية والقيامة من بين الاموات
والفوز بالعالم الثاني. فقط الذين آمنوا بيسوع يكونوا "ابناء القيامة."
المؤمنون سوف يكونون كملائكة في الحياة بعد الموت. ولكن الملائكة هم مقدسين ولهم
ارواح نقية وليس لهم اجساد كاجسادنا فأين يكون وجه الشبه مع الملائكة؟ نعم، يسوع
اظهر قيامته بنفس الجسد الذي مات به ولكن صارا جسدًا ممجدًا بعد القيامة، ونستطيع
أن نقول كما قال ايوب: بلحمي سوف اشاهد الرب. بنفسي سوف اشاهده، بعيني سوف اراه،
وليس بعين غيري. نحن نؤمن بقيامة الجسد. والشبه مع الملائكة لا يعني وجود روح من
غير جسد، كلا. الرب يسوع يشرح من اي ناحية نحن نشبه الملائكمة. فهم لايموتون وفي
العالم الثاني نحن أيضًا غير اموات، ولا نستطيع عيش الحياة الزوجية كما في هذا
العالم وهنا أيضًا يكمل وجه الشبه مع الملائكة.
في
كتاب الرؤيا يرسم لنا يسوع المسيح الصورة عن الحياة الابدية. هذه الصورة توضح لنا
الحياة في الابدية مع يسوع والسعادة التامة التي تكون لنا معه. الله الاب بنفسه
سيكون معنا. وسوف يمسح كل الدموع من عيوننا. ولا موت، حزن، بكاء والم يكون له وجود.
فالذي وجد سابقاً هو بعيدًا الآن. ومن قصة الرجل الغني ولعازر نفهم بأنه يمكننا
التعرف ببعضنا البعض في الملكوت. ولكن في العالم الثاني لن تكون لنا نفس العلاقة
التي كانت تربطنا مع بعضنا في هذا العالم. في القيامة سوف لانعيش مثل الزوج أو
الزوجة، الوالد أو الوالدة والبعض قد ينتابه القلق من هذا الشيء. لان العيش ضمن
العائلة يعني الكثير لنا وبالعائلة يقصد كل من الحماية والمشاركة الحميمة وفقدان
الزوج أوالزوجة يعني الفراغ والوحدة. وهل لا تكون نهاية لهذه الوحدة والفراغ في
السماء؟
يسوع يشرح بأن الحياة في السماء لا تكون شبيه الحياة في هذا العالم. ونحن نفكر
بصورة خاطئة عن الحياة بعد الموت اذا أخذنا بنظر الاعتبار الترتيب في هذا العالم.
ونحن سوف نسمع للرب بالمقابل وننتبه الى ما يقوله يسوع، الذين يربحون العالم الثاني
مثل ابناء القيامة يكونوا شبيهن بالملائكة ويدعون ابناء الله. نحن مسبقا
ابناء الله بالايمان ومن خلال ايماننا بيسوع المسيح نحن اعضاء في ممللكة الآب
وننتمي الى عائلة الآب. وسوف نصبح جميعًا ابناء القيامة. والرباط العائلي الذي
نعيشه الان يصبح بلا معنى في المستقبل. لان جميع المسيحين ينتمون الى نفس العائلة
ومشاركين لعائلة الاب ابناء القيامة وهم يشبهون الملائكة والجميع هم ابناء الله.
علينا ان نثق بكلمة الرب ونرى السعادة الممجدة امامنا في السماء كل الدموع والوحدة
والفقدان سينتهي. كلمة الرب تثبتنا وتعطينا الامل بأنه لاغيوم تستطيع أن تحجب عنا
الشمس الممجدة. واعظم سعادة لأولاد الله هي بأننا سنعيش المشاركة مع يسوع المسيح،
مخلصنا. سوف نرى جميعنا قداسة وجهه واسمه يكون فوق جبيننا. والجميع معًا عائلة
واحدة مثل ابناء الله. واقفين امام ايمانه وخدمته.
عندما وصف يسوع الحياة بعد الممات اكد بعد ذلك التعليم عن قيامة الاموات من خبرة
الاسفار المقدسة. الصدوقيون وافقوا فقط على كتب موسى ولذلك استخدم الرب يسوع كتب
موسى ليصف التعليم عن القيامة. ففي وقت المسيح لم يكن الكتاب المقدس مقسم الى كتب
واصحاحات واعداد، لذلك كان من الصعب عمل مرجع للانجيل. ويسوع لم يرجع الى خروج
اصحاح (3 :6) بدلا من ذلك استند الرب الى مكان مذكور فيه عن العليقة وذكر "أما أن
الموتى يقومون، فحتى موسى أشار الى ذلك في الحديث عن العليقة. حيث يدعو الرب اله
ابراهيم واله إسحق واله يعقوب. ولكن الله ليس اله اموات بل هو اله احياء، فأن
الجميع يحيون لديه."
وكفاصل وبمساعدة الفقرة المأخوذة من الانجيل نستطيع أن نبطل كل النقد الموجه
للانجيل وفرضياته. حيث يقصد النقد الحديث للانجيل بأن موسى لم يكتب بنفسه الأسفار
الخمسة الاولى، وهذا الافتراض كان الاساس لكل نقد سلبي. ولكن يسوع يؤكد بأن موسى هو
كاتب الاسفار وبذلك يثبت بأن كل نقد سلبي للانجيل وجميع نتائج الابحاث هي بدون قيمة
وتفسيرها غير شرعي.
فأي
برهان هذا الذي يريد يسوع أن يظهره عن قيامة الاموات من خلال هذه الفقرة المأخوذة
من الانجيل. هل تعني فعلا قيامة الأجساد؟ أم التاكيد فقط على خلود الروح؟ كلا، ففي
هذه الفقرة يوجد التعليم الواضح لقيامة الجسد تمامًا كما قال الرب يسوع. لان الرب
يسوع هو من يعلم عن معاني الكتب.
في
كتاب التكوين يبدأ التوضيح بأن الرب خلق السماء والارض وكل شيء حيّ. حيث يشرح
بالتفصيل عن خلق الانسان: السيد الرب كوّن الانسان من تراب الارض ونفخ فيه نسمة
الحياة وهكذا اصبح الانسان كائن حي. وعندما وحد الرب الجسد مع الروح اصبح الانسان
كائن حي. بالرغم من أن الروح تعيش بعدما يموت الجسد ويدفن، فهكذا لم يكن ابدًا
القصد من حياة الانسان. أي أن الجسد والروح يكونان منفصلان.
الانسان خُلق ليكون كائن حي بالجسد والروح. وعندما وحد الاثنان أصبح كائن حي.
وعندما يكون انسان مؤمن ويموت يدفن الجسد والروح تنتقل الى السماء. بالضبط كما يوضح
في قصة الغني ولعازر عند موتهما. ولكن هذا الشيء لا يكون كحالة دائمية. لان الجسد
سوف يقام في يوم من الايام ويوحد بالروح. واذا بقى أبراهيم، اسحاق ويعقوب في قبورهم
لكان الآب إله اموات. وهذا غير ممكن لان الاب هو ليس إله اموات وأنما إله أحياء.
وفي كتاب التكوين نتعلم بكل تأكيد بأن الانسان كان منذ البدء كائن حي. وهذا يحدث
عندما يتحد الجسد بالروح. وانه بالتاكيد سوف يقام كل الموتى. ويتحد الجسد بالروح
ويعطي الحياة الابدية للذين يؤمنون بيسوع المسيح. وهذا ما تعلمنا الكتب المقدسة
إياه بشكل واضح وأكيد ولذلك نعترف ونؤمن بقيامة الجسد والحياة الابدية.
بالرغم من المرض أو الحادث
المفأجئ سوف يذكرنا باننا اموات في يوم من الايام الا أن هذا الشيء يجب أن لا
يفزعنا وخاصة الخوف من الحياة بعد الموت. لسنا بحاجة بأن نخاف من المجهول لانه
بايماننا بالحياة بعد الموت ليست مجهولة ولا أيضًا غير يقين ونستطيع بفرح في قلوبنا
أن نرى الحياة من بعد الموت لان ايماننا ليس مبنيًا على المضاربات الغير اكيدة أو
النتائج النهائية للادراك المنطقي دائمًا وانما مبني على اساس قوي من الكتب المقدسة
أمين. |