SV الرئيسية تاريــخ لاهــوت   نشاطات أخبار سؤال وجواب  

تعازي وأحزان

شارك الآخرين أفراحك

إن الديانة النصرانية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

إقرأ المزيد عن الكنيسة

إنجيل الاسبوع

 

سؤال الشهر

 

مــيــديا

 

تـــقـــويــم

 

مــشــاركات

 

أرشيف

 

تـــحــميل

 

روابــــط

 

إتصل بـــنـــا

 

وصية

 جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا. كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.

 

 

 

 

حلقة (6)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في مطلع  عام 1964 قام البابا يوحنا 23 بدعوة الكنائس المسيحية غير الكاثوليكية لإرسال مراقبين للمشاركة في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، فأرسل مار إيشاي شمعون كل من القس اسحق ريحانا والعلامة الآشوري جورج ماميشو لامسا لتمثيل الكنيسة الشرقية  في هذا المجمع. كانت هذه المرة الأولى بالنسبة لكنيسة المشرق أن تشترك في مجمع كنسي غربي منذ مجمع أفسس المنعقد سنة 431 م  [1] وبعد عودة المبعوثين، أخذ البطريرك يفكر جدياً بإجراء تغييرات جذرية في الكنيسة الشرقية، لكن تغربه عن شعبه وكنيسته لمدة تزيد عن ثلاثين عاماً وعدم معرفته بتفاصيل الأمور في العراق جعلته يتردد في اتخاذ القرار.

كان أحد أثرياء بغداد المدعو ليرا إيشو (من عشيرة جيلو الآشورية) قد قام ببناء كنيسة ضخمة ومن الطراز المعماري الحديث في بغداد باسم كاتدرائية مار زيا [2]، بعد تكريس الكنيسة سنة 1959، سافر السيد ليرا إيشو إلى الولايات المتحدة الأمريكية لكي يلتقي البطريرك ويخبره بهذا العمل الصالح الذي قام به متوقعاً منه على الأقل الثناء والتقدير والتشجيع وبعض الصلوات والبركات، لكن عند وصول ليرا إلى شيكاغو وجد أن مار إيشاي شمعون على خلاف شديد مع والده وإخوانه وحتى سكرتيره الخاص القس زادوق بيت مار شمعون، وقد قام بشراء فيلا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية وانتقل للعيش فيها وحيداً على شاطيء المحيط الهاديء. التقى السيد ليرا بالبطريرك واطلعه على عمله الخير، لكن مار إيشاي شمعون بدل أن يكرمه ويبارك عمله هذا أبدى امتعاضه ونهره على عمله، عاد ليرا إلى العراق بخفي حنين وأخذ ينشر الخبر تدريجياً بين أصدقاءه بأن المار شمعون ليس على ما يرام مع عائلته وسكرتيره وقد ترك شيكاغو وهو يعيش وحيداً على ساحل المحيط الهاديء في فيلا اشتراها لنفسه [3]. قام المطران مار يوسف خنانيشو بزيارة إلى لندن بحجة مداواة عيونه ومنها سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء ابن أخته البطريرك.

أخبر البطريرك مار يوسف خنانيشو بما هو مزمع القيام به من تغيير التقويم إلى التقويم الغريغوري  وتغيير الصلوات وجعل الصوم الكبير ثلاثة بدلاً من سبعة  أسابيع ورفع موانع عقد الزواج في الصوم الكبير،  لكنه كان يخشى عاقبة الأمور. لكن المطران يوسف خنانيشو شجعه وتكفل بأنه سوف يقوم بكل ما يمكن أن يطبق القرار في العراق حتى لو تطلب الأمر استخدام العنف. يقول السيد حزقيا في كتابه المذكر أعلاه: كان مار إيشو سركيس أسقف جيلو (توفي يوم  19 كانون الأول 1966)  وقبله عمه مار زيا سركيس (توفي يوم 12 أيار 1951) على خلاف مع البطريرك وخاله منذ أحداث 1920 و 1933 لذلك كان مار إيشو سركيس العقبة الأخرى في طريق التغيير، لكن مار يوسف خنانيشو اقترح خطة للمصالحة مع مار إيشو سركيس، مفادها أن يقوم البطريرك بدعوة السيد ليرا إيشو مرة أخرى إلى الولايات المتحدة ويقوم بتكريمه على بنائه كنيسة مار زيا في بغداد ويقلده شارة الصليب المقدس. ويضيف السيد حزقيا: بأن ليرا إيشو تكفل بتغيير موقف مار إيشو سركيس ويجعله يقف موقف المؤيد للبطريرك وخاله، وفعلاً تم تطبيق الخطة بنجاح.

أما الأسقف الآخر، مار اندراوس يهبألاها [4] أسقف برواري بالا فكان في حينه بعيداً عن الأمور الكنسية وقد التحق بالثورة الكردية وكان مقرباً إلى الملا مصطفى البرزاني فلا يخشى معارضته لأي تغيير.

ماذا حدث في كاتدرائية مار زيا الطوباوي في بغداد يوم عيد السعانين 1964:

 بناءً على ما تقدم من الضمانات التي قدمها مار يوسف خنانيشو قام البطريرك بإصدار قراره الفردي الجائر بإجراء تغيير تقويم الكنيسة الشرقية النسطورية من التقويم الشرقي (اليولياني) إلى التقويم الغربي (الغريغوري) وذلك يوم  28 آذار (غربي) 1964. تم إرسال نسخة من هذا القرار إلى جميع الكنائس على أن يقرأ في يوم عيد السعانين 1964. كان المثلث الرحمات مار إيشو سركيس في كاتدرائية مار زيا الطوباوي في بغداد يتهيأ في بيث كزا لارتداء ملابسه الرسمية للقيام بخدمة القربان والمقدس وكان معه في بيث كزا الشماس بولس شموئيل والشماس كانتي زادوق وكلاهما من قرية مار زيا (جيلو) وكان الأسقف متذمراً ويتكلم مع نفسه وقال ما تعريبه "الله يخرب بيت الكنيسة التي يكون مار إيشاي شمعون بطريركها ومار يوسف خنانيشو مطرانها" ارتبك الشماسان وظنا أن هناك شيئاً خطيراً قد حدث لكنهما حافظا على الهدوء واستمرا بواجب خدمة القربان المقدس مع الأسقف. كان حاضراً في ذلك اليوم في كاتدرائية مار زيا ما يقارب الألفي شخص، وعند الانتهاء من خدمة القربان المقدس قام الأسقف مار إيشو سركيس بقراءة رسالة المار إيشاي شمعون المؤرخة 28 آذار (غربي) 1964 والقاضية بإجراء تغيرات جوهرية في الكنيسة منها التقويم والصوم الكبير والصلوات، اندهش جمهور المصلين وأصبحوا مندهشين غير مصدقين ما تسمعه آذانهم. وكان ضمن الحاضرين السيد حزقيا رئيس كبرئيل بيت مالك بابانا. ويقول السيد حزقيا في كتابه المذكور أعلاه أنه بعد الانتهاء من تناول القربان قامت الجموع ومن كافة العشائر الآشورية بالتوافد على الأسقف مار إيشو سركيس في داره طالبين منه التراجع عن تغيير الكنيسة إلى النظام الغربي. طلب الأسقف من الحاضرين كتابة رسالة بهذا الصدد يوقع عليها 500 رجل ويقوم هو بدوره بالتوقيع عليها وختمها وإرسالها إلى البطريرك. بعد كتابة الرسالة وتوقيعها من قبل أكثر من 500 رجل ولكن مار إيشو سركيس رفض إرسالها إلى البطريرك قائلاً بأنه قد أعطى موافقته للبطريرك بالتغيير والآن لا يستطيع أن يتراجع.

وبعد أسبوع اجتمع في بيت السيد حزقيا مرة أخرى أكثر من عشرون رجلاً من عشيرة الجيلو وقرروا الذهاب إلى بيت مار سركيس ومحاولة إقناعه مرة أخرى ليتراجع عن قرار تغيير الكنيسة. وبعد مناقشة طويلة لم يرد الأسقف على طلب الحاضرين بل اكتفي بحركة دراماتيكية برجليه حيث رفع قدمه اليمنى ووضعها إلى اليسار ورفع اليسرى ووضعها إلى اليمين قائلاً كانت هكذا وجعلناها هكذا. مشيراً بذلك إلى رقصة الشيخاني الآشورية الفولكلورية والتي يمكن أن ترقص إلى اليمين أو إلى اليسار، وفهم الحاضرون بأنه قد أعطى كلمته للبطريرك وتحت تأثير وضغط من السيد ليرا إيشو ولا يستطيع التراجع.

لم يكن البطريرك ولا المطران يوسف خنانيشو يتوقع أن يلقى قرار تغيير التقويم هذه المقاومة والمعارضة الواسعة والشديدة، إذ ازداد عدد معارضو التغيير يوماً بعد يوم مثلما تكبر كرة الثلج وخاصة مع اقتراب عيد الميلاد لسنة 1965 حيث تم غلق كافة الكنائس يوم العيد المصادف 7 كانون الثاني أمام الكهنة والجماهير الذين قرروا الاحتفال بالعيد حسب التقويم الشرقي القديم (اليولياني) للكنيسة الشرقية القديمة. وحصلت أعمال عنف في مناطق الدورة وكمب الكيلاني ذات الأكثرية الآشورية وكذلك في كركوك ومحافظات أخرى، وقد توفي شاب في كمب الكيلاني متأثراً بجراح أصيب بها أثناء المصادمة بين الطرفين، جماعة مار يوسف خنانيشو وأتباع الكنيسة الشرقية القديمة، وتم اعتقال العديد من الكهنة الذين رفضوا التغيير وزج بهم في السجون وفي مراكز الشرطة. على اثر هذه التطورات قام ملك يوسف ملك خوشابا يرافقه القس اسحق انويا الآشوتي والسيد اسحق أنويا الزاويتي والسيد درياوش الشماس إسرائيل الزاويتي وغيرهم من وجهاء عشيرة تياري يوم 12 كانون الثاني 1965 بالذهاب إلى بيت السيد حزقيا رئيس كبرئيل بابانا في منطقة كمب السكك في بغداد والتقوا هناك بعدد من وجهاء عشيرة جيلو وقرروا كتابة رسالة إلى المطران مار يوسف خنانيشو ومار إيشو يطلبون فيها بفتح الكنائس أمام الكهنة والجماهير التي ترغب بإقامة المراسيم والأعياد حسب التقويم القديم وهذا نص الرسالة [5]:- [نيافة مار يوسف خنانيشو، نيافة مار سركيس أسقف جيلو وباز وريكان للكنيسة الشرقية القديمة، آباءنا الأفاضل يشرفنا نحن الموقعين أدناه، أن نتقدم لكما برسالتنا هذه ونطالب بفتح الكنائس التي أغلقت يوم عيد الميلاد الماضي الذي صادف 25 كانون الأول (شرقي) أي 7 كانون الثاني 1965 (غربي)، أمام الكهنة والمؤمنين الذين يرغبون الاحتفال بكافة المناسبات الدينية وصلوات الآحاد حسب طقوس الكنيسة الشرقية القديمة التقويم الشرقي لأن هذه الكنائس قد أسست بأموال كافة المؤمنين قبل التغيير لذلك نرى أن لدينا كل الحق في استخدام الكنائس للمناسبات الدينية. وإذا كنتم لا ترغبون أن تقدموا الخدمات الروحية لأتباع التقويم القديم، نحن لدينا كهنتنا نرجو السماح لهم بتقديم خدماتهم لنا حسب التقويم القديم، وإلا سوف نكون مضطرين لتقديم مطالبنا هذه أمام محاكم المدنية العراقة وسوف نرضى بكل ما تقرره المحكم المدنية، سنبقى أبناء الكنيسة الأوفياء، نرجو الإجابة على رسالتنا هذه خلال ثلاثة أيام . كتبت بتاريخ 12 كانون الثاني 1965].

الموقعون: ملك يوسف ملك خوشابا، القس اسحق انويا الآشوتي، والسيد اسحق انويا الزاويتي ودرياوش الشماس إسرائيل الزاويتي، بيلاطوس شموئيل، بول يوئيل، الشماس كانتي زادوق، وليم ديقو، يوناتان برجم.

 لما وصلت هذه الرسالة ليد مار يوسف خنانيشو ومار إيشو سركيس في كنيسة مار زيا الطوباوي كانت هناك أيضاً اللجنة الإدارية لكنيسة الدورة واللجنة الإدارية لكنيسة مار زيا. قال مار يوسف خنانيشو إذا فتحنا الكنائس لأتباع الكنيسة الشرقية القديمة حسب التقويم القديم سوف يتبعهم كل الشعب، وإذا سمحنا لكهنتهم بالخدمات الروحية حسب التقويم القديم سوف يتبعهم كل الشعب، لذلك قررنا عدم فتح الكنائس وعدم السماح للكهنة بتقديم الخدمات الروحية حسب التقويم القديم، وعدم الإجابة على الرسالة. بالإضافة إلى ذلك قام الشماس شليمون أخو يوسف خنانيشو بتوجيه كلام بذيء لكاتبي الرسالة. وتم توقيف الكهنة عن الخدمة الروحية لأتباع الكنيسة الشرقية القديمة حسب التقويم القديم. وننشر مع هذه الحلقة [[صورة كتاب توقيف القس اسحق انويا الآشوتي]] والكتاب موقع ومختوم من قبل مار يوسف خنانيشو ومار إيشو سركيس بتاريخ 13 نيسان 1965. لاحظ عزيزي القاريء بأن اسم الكنيسة في هذه الرسالة كان الكنيسة الشرقية القديمة حسب ما ورد في أعلى الورقة الرسمية لكاتدرائية مار زيا الطوباوي في بغداد وباللغات الثلاثة السريانية والعربية والانكليزية،  وفي متن الرسالة أيضاً، لأن الكنيسة الآشورية لم تكن قد تأسست بعد.

6 . عودة مار توما درمو إلى بغداد:

في خضم هذه الفوضى العارمة التي عمت الكنيسة في العراق وبدأت تنتقل تدريجياً إلى البلدان الأخرى مثل سورية، بدأ الأكليروس والعلمانيون التفكير معاً في إيجاد منفذ ملائم لهذه الحالة الشاذة  وخاصة القس اسحق انويا الآشوتي والقس خوشابا هرمز بني ماثا والقس كورئيل البيلاتي والقس شيبا بريخا التخومي (سورية) والسادة ملك يوسف ملك خوشابا وملك كوركيس ملك زيا البيلاتي وشليمون بكو أوشانا وبداوي ملك لوكو (سورية) وغيرهم من وجهاء الآشوريين في العراق وسورية. واستقر الرأي بأن يقومون باستقدام مار توما درمو مطران الهند إلى العراق للخروج من هذا المأزق الذي وضعت فيه الكنيسة من قبل البطريرك وخاله المطران يوسف خنانيشو.

كان مار توما درمو قد أصبح بلا مواطنة (Stateless) منذ 23 تشرين الأول 1963 عندما قبلت الحكومة السورية طلبه بإسقاط جنسيته السورية حيث تقدم بطلب الحصول على الجنسية الهندية والتي لم تتم الموافقة على منحه إياها. كان هذا الوضع معوقاً أمام سفر نيافته إلى العراق أو أي بلد آخر. لقد حاول العديد من أصدقائه الآشوريون من العراق وسورية والولايات المتحدة الأمريكية التوسط لدى الحكومة الهندية لمنح الجنسية لنيافة مار توما درمو. وتجدر الإشارة هنا إلى الجهود التي بذلها ملك يوسف ملك خوشابا، والقس زادوق بيت مار شمعون من الولايات المتحدة حيث قام بكتابة رسالة إلى رئيسة الوزراء الهندية السيدة أنديرا غاندي طالباً منها منح الجنسية الهندية للمطران مار توما درمو. وأخيراً قامت دائرة جوازات مدراس بمنح بطاقة سفر المرقمة (001306) بتاريخ 28 حزيران 1968 للمطران مار توما درمو. والتي يمكن أن تقوم مقام جواز السفر. جاء في الصفحة الأولى من بطاقة سفر نيافته أنه بدون مواطنة (Stateless)، وكانت نافذة للسفر إلى السعودية واليمن والعراق وإيران. ولكنه من بين هذه الدول الأربعة قام بزيارة العراق فقط. وكانت نافذة لمدة ستة أشهر. كانت مغادرة المطران لأبرشية الهند مؤلمة جداً، قام بالاستعداد للسفر بسرعة لأن وثيقة السفر منحت له بتاريخ 28 حزيران كما أسلفنا لكن السفارة العراقية في نيو دلهي لم تصدر له التأشيرة إلا في 23 تموز، عقد اجتماعه الأخير لأبرشية تريشور في شهر أيلول وغادر مطار كوجين يوم 5 أيلول 1968 مودعاً من قبل الأكليروس والعلمانيين بقلوب يعصرها ألم فراق الأب الروحاني لأولاده. قضى يومين في مدينة بومباي ومن هناك رافقه القس كونيكارا بول والشماس جوزيف أقلعت الطائرة متوجهة إلى بغداد يوم 7 أيلول 1968 مودعاً البلد الذي تبناه واحضنه لمدة ستة عشرة سنة. قبل إقلاع الطائرة بدقائق قامت مجموعة من أتباع مار شمعون بإرسال تلغراف مزور طالبين إليه تأجيل رحلته إلى بغداد بسبب وجود مشاكل في العراق، لكن مار توما درمو كان رجلاً معروفاً بالشجاعة والإقدام لم يعر أي أهمية لهذا التلغراف. ما هي إلا ساعات معدودة وحطت الطائرة في مطار بغداد الدولي وكانت هناك جماهير غفيرة من الآشوريين تحت قيادة ملك يوسف ملك خوشابا والقس اسحق انويا في انتظار بشوق وتلهف كبيرين لاستقبال الرجل الذي طالما صلوا من أجله لينقذ هذه الكنيسة العريقة من البطريركية الوراثية. إن الأسى والحزن الذين ودع بهما في الهند، قابلته البهجة والفرح في بغداد. رحبت الجماهير الآشورية بالمطران مار توما درمو وكأنه النبي موسى الثاني أرسله الله ليخلص الآشوريين من اضطهاد نظام البطريركية الوراثية. أصدرت الحكومة العراقية في نفس اليوم 7 أيلول 1968 مرسوماً  نشر في وسائل الإعلام يقضي بإقصاء البطريرك مار شمعون الذي كان يعيش في المنفى من منصبه كبطريرك للكنيسة الشرقية النسطورية، وتثبيت مار توما درمو كرئيس أعلى للأمة الآشورية في العراق وفي نفس اليوم تم تسليم الكنائس التسع التي كانت تحت سيطرة مار يوسف خنانيشو ممثل البطريرك المنفي، إلى المطران مار توما درمو وأتباعه من الكنيسة الشرقية القديمة (التقويم اليولياني).

بما أنه لم تكن هناك أي دور للكنيسة في العراق لسكن الأساقفة وكان أساقفة العراق يعيشون في دور عوائلهم وأقربائهم تم إسكان مار توما درمو والكهنة المرافقين له في أحد أجنحة فندق أوبرا في بغداد حيث كان في ذلك الجناح غرف للنوم وغرف للزوار وغرفة للصلاة.

في يوم الجمعة المصادف 13 أيلول 1968 قام مار توما درمو أثناء خدمة القربان المقدس برسامة ثلاث كهنة إلى درجة اركيذياقون وهم القس كونيكارا بول (الهند) والقس اسحق انويا (العراق) والقس شيبا بريخا (سورية)، وتم في نفس اليوم رفع الأركيذياقون كونيكارا بول إلى الدرجة الأسقفية باسم مار بولس بولس (توفي يوم 14 آذار 1998).

وفي يوم الأحد 15 أيلول 1968 قام الأسقف مار بولس بولس برسامة عدد من الكهنة والشمامسة كان من بينهم القس شليمون كوركيس (البطريرك الحالي) والقس إرميا كوركيس (حالياً مار توما إرميا مطران نينوى).

وتجدر الإشارة هنا بأن مار توما درمو كان رجلاً نظامياً ويحترم القانون، حيث كان قد تعهد في المحكمة العليا في الهند بأن لا يقوم برسامة أي شخص إلى الدرجات الكهنوتية الأربعة الأولى لذلك احترم هذا التعهد حتى في العراق ولم يرسم أي شخص إلى درجة الشماس أو  القس. حيث كان آخر كاهن رسمه مار توما درمو هو القس جورج موكين (حالياً ما أبرم مطران الهند) وذلك في الهند يوم 13 حزيران 1965. وصل القس جورج موكين من الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يكمل دراسته العليا في اللاهوت إلى بغداد يوم 15 أيلول 1968 وفرح مار توما درمو كثيراً برؤية أبنه الروحي الذي كان قد ودعه في الهند في آب 1966، مرة أخرى في بغداد.

وفي عيد ميلاده الرابع والستون والذي صادف يوم السبت 21 أيلول 1968 والذي كان أيضاً عيد ميلاد العذراء مريم، قام مار توما درمو أثناء خدمة القداس برفع كاهنين إلى درجة أركيذياقون وهما القس جورج موكين (الهند) والقس شليمون كوركيس (العراق). وفي نفس اليوم رفع الأركيذياقون جورج موكين إلى الدرجة الأسقفية باسم مار أبرم.

وفي يوم الأحد المصادف 22 أيلول 1968 تم رسم الأركيذياقون شليمون كوركيس إلى درجة أسقف وميطرافوليط  باسم مار أداي (ميطرافوليط بغداد) من قبل مار توما درمو يعاونه الأسقفان مار بولس بولس ومار أبرم.

وفي يوم الأحد 29 أيلول قام مار توما درمو يعاونه مار أداي ميطرافوليط بغداد برفع الأسقف مار أبرم إلى درجة الميطرافوليط، وتجدر الإشارة هنا أن مار أبرم كان آخر قس يرسمه مار توما درمو في الهند وكان آخر ميطرافوليط يرسمه في بغداد. وفي نفس اليوم قام مار أبرم برسامة بعض الكهنة والشمامسة لكنيستي العراق وسورية كان بينهم القس توما سورو (حالياً مار نرساي مطران كركوك).

خلال مكوث مار توما درمو في بغداد زار السفارة الهندية واستقبله السفير وكرمه ورحب به، ورد له الزيارة في جناح إقامته في فندف أوبرا. وكذلك قام بزيارة رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر. ووزير الداخلية، وبينما كان مار توما درمو يروم الدخول إلى ديوان وزارة الداخلية، التقى هناك مار بولس شيخو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، رحب به مار توما درمو وصافحه مع الوفد المرافق له. كان مار بولس شيخو خارجاً من ديوان وزارة الداخلية وقد أتى للتوسط لجماعة مار يوسف خنانيشو لدى وزير الداخلية.

في بداية تشرين الأول اجتمع ممثلي الأمة من العلمانيين والأكليروس في بغداد وقام في هذا الاجتماع مار أداي ميطرافوليط بغداد بترشيح مار توما درمو ليتقبل الرسامة إلى الدرجة البطريركية، وافقت الأغلبية على هذا الترشيح، وفي يوم الأحد 11 تشرين الأول 1968 تمت رسامة مار توما درمو إلى درجة بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة، في كاتدرائية مار زيا الطوباوي في بغداد. ترأس الرسامة مار أداي ميطرافوليط بغداد يعاونه مار أبريم ميطرافوليط الهند ومار بولس بولس وعدد من الكهنة والشمامسة. وقد حضر الرسامة أيضاً ممثلي الحكومة العراقية وملك يوسف ملك خوشابا وجمهور غفير من مؤمني بغداد والمحافظات الأخرى. وقد ألقى مار أداي كلمة بليغة في هذه المناسبة معلناً عن بدء عصر جديد في تاريخ كنيسة المشرق ووضع نهاية للبطريركية الوراثية المقيتة، معلناً مار توما درمو كأول بطريرك منتخب للكنيسة بعد 658 سنة من البطريركية الوراثية غير الشرعية في الكنيسة وتعرض الكنيسة إلى الكثير من الأزمات والكوارث بسبب هذه البطريركية غير الشرعية.

وفي نفس اليوم 11 تشرين الأول 1968 غادر مار توما درمو فندق أبرا، ليسكن قلايته البطريركية في بناية مؤجرة لهذا الغرض. وأخذ قرار للمباشرة ببناء بطريركية جديدة في بغداد مع إنشاء دار للطباعة ومدرسة كهنوتية. وكتابة دستور جديد لكنيسة العراق. وبدأت الاستعدادات لزيارته إلى سورية وكانت الكنيسة الشرقية في سورية قد أكملت كل متطلبات الزيارة بحلول شهر آب 1969، لكن البطريرك مار توما درمو أدخل إلى مستشفى القديس روفائيل في بغداد لأجراء عملية جراحية.

 

 

 

 

كتاب إيقاف القس اسحق انويا الآشوتي عن الخدمة الكهنوتية.

 

صورة القس أسحق أنويا الآشوتي والقس كورئيل البيلاتي ومار نرساي توما (مطران كركوك حالياً)

صورة مار توما درمو مع ملك يوسف ملك خوشابا وملك كوركيس ملك زيا البيلاتي في مطار بغداد الدولي في 7 / 9 / 1968  يوم وصوله قادماً من الهند .

 

صورة القس أويقيم مربينا كلو والقس كونيكارا بول اللذان قدما من الهند مع مار توما درمو في مطار بغداد الدولي يوم 7 / 9 / 1968.

  

المصادر :-

1 . "إظهار الحقيقة في تاريخ الآشوريين" للسيد حزقيا ريئس كورئيل بيت بابانا (جيلو)

2 . A Biography of Mar Thoma Darmo , Cochin, India 1975

3 . Mesopotamia Light, By Mar Aprem , Kerala, India 1993

 

 

 

 

 

[1] See The Church of the East By Christoph Baumer P. 270

[2] قام النظام البعثي الفاشي بهدم هذه الكنيسة لاحقاً وتسويتها بالأرض وذلك بحجة قربها من أحد قصور الطاغية .

[3] اقرأ المزيد عن لقاء السيد ليرا إيشو مع البطريرك في كتاب "إظهار الحقيقة في تاريخ الآشوريين" تأليف السيد حزقيا رئيس كبرئيل بيت مالك بابانا (جيلو)/مطبعة مار نرساي في تريشور/الهند، 1975. ص 116 وما بعدها.

[4] أعلنت الهدنة بين الحكومة العراقية والثورة الكردية يوم 11 آذار 1970، سافر الأسقف مار اندراوس يهبألاها إلى بغداد في أيار 1973 وهو في طريقه إلى بغداد توقف ليلة في الموصل، قام وفد من الطلبة الآشوريين في جامعة الموصل بضمنهم كاتب هذه السطور بلقاء نيافته ونصحوه بعدم الذهاب إلى بغداد. في نفس الليلة قتل سهواً أحد البيشمركة المرافقين للأسقف، لكنه أصر على الذهاب وهناك في بغداد، حيث قامت مخابرات النظام الفاشي بدس السم في طعامه. توفي الأسقف مار اندريوس يهبألاها يوم 17 حزيران 1973 ونقل جثمانه إلى قرية دوري ودفن في مغارة كنيسة مار قيوما إلى جانب أسلافه مار يلدا بهبألاها المتوفي يوم 18 تشرين الثاني 1950 ومار إيشوعياب يهبألاها المتوفي سنة 1903 وغيرهم.

[5] اقرأ نص الرسالة باللغة السريانية في كتاب "إظهار الحق في تاريخ الآشوريين" للسيد حزقيا بيت رئيس كبرئيل بابانا/مطبعة مار نرساي تريشور، الهند 1975. ص 109.

 

 

 

 

 

                     للإطلاع على الحلقة السابقة إنقر هنا 1، 2، 3، 4، 5

   Copyright ® 2007 www.karozota.com

             Österns Gamla Kyrka