سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

اليوم الواحد والعشرون للصوم الكبير

زرع


للإطلاع على الكلمات السابقة

7 6 5 4 3 2 1
14 13 12 11 10 9 8
21 20 19 18 17 16 15
28 27 26 25 24 23 22
35 34 33 32 31 30 29
42 41 40 39 38 37 36
49 48 47 46 45 44 43

   

 

مقدمة

يسير تطوّر الطبيعة وتاريخ البشر، كما يسير عمل الخلق والفداء، على المنوال نفسه: بذر البذور والنموّ ثم إتيان الثمار، وأخيراً الحصاد. هناك تطابق كامل بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي لكلمة "يزرع".
أولاً: الزراعة الأرضية

1. عمل الله:
في يوم الخلق، أعطى الله الأرض أن تنتج نباتاً قادراً على التكاثر "لتنبت نباتاً" (تكوين 1: 11، 12، 29). وان الذي على الدوام "يرزق الزارع زرعاً ... سيرزقكم زرعكم" (2 كورنتس 9: 10)، فهو ينظّم زمن الزرع والحصاد (تكوين 8: 22)، ويبارك زرع البار فيطرح مائة ضعف (تكوين 26: 12)، أو بالعكس يخيّب رجاء الأشرار (إشعيا 5: 10، ميخا 6: 15)، فالذين "زرعوا حنطة" "يحصدون شوكاً" (إرميا 12: 13، راجع تكوين 3: 18). فاالانسان التائب، "سيصبّ الله المطر على زرعه الذي يزرع به الأرض" (إشعيا 30: 23)، فتصير صالحة للحرث والزرع (حزقياتل 36: 9). وبركة الله التي تتجلّى في ازدهار الزرع، ترتبط دائماً في الكتاب المقدس بأمانة الشعب على العهد.
2. دور الانسان:
حقاً يبارك الله الزرع، ولكن على الانسان أن يتولاّه.
أ) مسؤوليته:
فقد كلّف الله الانسان بأن يحافظ على كل أنواع النباتات، وأن ينقذها من الطوفان ( تكوين 7: 3). وينبغي له في حالة المجامعة أن يبحث عن البذر ( تكوين 47: 19)، وأن يحميه من أي تلامس نجس ( لاويين 11: 37- 38). "ازرع زرعك بالغداة، ولا تكفف يدك بالعشيّ" (جامعة 11: 6). وإلى الانسان أيضاً يؤول الحرث العسير الذي يتم عادة، بحسب العرف الجاري في فلسطين، بعد موعد بذر البذور. هذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه للحصول على الحكمة: "فإنك تتعب في حراثتها قليلاً، وتأكل من غلاتها سريعاً" (سيراخ 6: 19). وبالمعنى المجازي تمتدّ هذه المسؤولية إلى اختيار البذور والأرض، إذ "يحصد الانسان ما يزرع" (غلاطية 6: 7). وغرس الشتلة الغريبة (الأصنام) فقد يجعلنا نحصل على زهر سريعاً، ولكن دونما ثمر (إشعيا 17: 10- 11). من زرع الظلم أو الجور يحصد السوء سبعة أضعاف (امثال 22: 8، أيوب 4: 8، سيراخ 7: 3) "من يزرع الريح يحصد الزوبعة" (هوشع 8: 7). ولنستوعب دوماً دروس الخبرة: "من يزرع قليلاً يحصد قليلاً، ومن يزرع كثيراً يحصد كثيراً (2 كورنتس 9: 6). وبدلاً من أن نزرع في الجسد، ينبغي أن نزرع في الروح (غلاطية 6: 8)، لا بين الشوك (ارميا 4: 3)، وإنما بالسلامة (يعقوب 3: 18) والبرّ (هوشع 10: 12، أمثال 11: 18).
ب) رجاؤه:
إن كان من اللائق أن ينال الحارث نصيبه من الغلة ( 1كورنتس 9: 10)، وإن من المفروض أن يحصد الانسان ما يزرع، فهناك مثل كثيراً ما يتحقق: "إن واحداً يزرع زآخر يحصد" (يوحنا 4: 37). فعلى الزارع أن يضع ثقته في الأرض الخصبة، ورجاءه في الماء النازل من السماء، بدون أن يعتمد على إخضاع هذه العناصر. وليزرع إذاً دون رصد الربح (جامعة 11: 4)، وإلاّفإنه لن يفعل شيئاً. ويستطيع أصغر الحبوب أن يصبح شجرة كبيرة (مرقس 4: 31، 32)، كما أن الحبّ الخصب قد يعطي مائة ضعف (متى 13: 8)، وعلى الإنسان وهو العامل الإيجابي في إلقاء الحب ألا ينسى أن الحبّ، متى يبذر في الأرض "ينبت وينمو وحده " تلقائياً (automate) (مرقس 4: 27). والالتزام بالنسبة السبتية (السابعة) حيث ترتاح الأرض (لاويين 25: 4) كان يتطلّب ثقة مطلقة في الرب، الذي كان قد أنعم في العام السابق بحصاد مضاعف. وحتى يعلّم يسوع تلاميذه التسليم الكامل لعناية الآب السماوي، ضرب لهم مثلاً طير السماء "كيف لا تزرع ولا تحصد" (متى 6: 26). هذه الثقة تشجع الإنسان على غرس الحبّة في الأرض وتركها تموت حتى تخرج ثمراً (يوحنا 12: 24). إن الذي يحمل البذر "يذهب باكياً " لكنه يعم جيداً أنه " سيرجع مرنّماً حاملاً حُزَمَه " (مزمور 126: 5- 6). وتنطبق هذه الصورة على الخدمة لسد حاجات القديسين (غلاطية 6: 107، 2كورنتس 9: 6- 13)، والجهد الرسولي (يوحنا 4: 38، 1 كورنتس 3: 8، 2 كورنتس 9: 10- 12). وأخيراً، إذا كان لا بدّ للحب من أن يموت حتى يحيا ثانيةً (1 كورنتس 15: 36) " فهذه أيضا حال الإنسان الفاني ينبغي أن يقوم من بين الأموات. و"يكون زرع الجسم بفساد. والقيامة بغير فساد... يزرع جسم بشري فيقوم جسماً روحانياً " (15: 42-44)، إذ يوارى الجميع في الأرض، ويقوم في مجد المسيح.
ثانياً: الزراعة الإلهية
وإن كنا نستطيع أن نشبه عمل الخالق بعمل الزارع، فإن الكتاب المقدس لم يقدّمه لنا تحت سمات الزارع إلا في إطار الاسكاتولوجية. وإذ يعلم المسيحي أن الابن هو في الوقت نفسه كلمة الله و" النبت " الإلهي، فهو يستطيع أن يرى في الله الشخص الذي يزرع كلمته في قلب بني البشر والذي يغرس في الأرض "النبت " الذي هو نسله الحقيقي.
1. الزرع الإلهي:
بارك الله آدم إذ جعله خصباً. ويستعمل لفظ "زرع! (باليونانية sperma) للدلالة على الذرية والنسل والنسب والعِرق. فمنذ البداية نجد أن هناك تضاداً بين زرع الإنسان الذي ينتقل خلال الأجيال، والنسل الذي سينتصر على الحية (تكوين 3: 15). وسيتحقق هذا الانتصار بفضل يسوع، الفرع الناشئ عن التقاء السلالتين: ابن الله من ناحية، وابن آدم وإبراهيم وداود من ناحية أخرى. فمن جهة، البركة مكفولة لنسل نوح (تكوين 9: 9) وإبراهيم (تكوين 12: 7) وإسحاق (26: 4) و يعقوب (32: 13)، بحيث يصير كثيراً، كثرة تراب الأرض (13 :15-16) والرمل الذي على شاطئ البحر (22: 17)، وكنجوم السماء (15: 5، 26: 4). ومن جهة أخرى، هي مكفولة أيضاً لذرية داود الملكية (2 صموئيل 7: 12، 22: 51). وهذا ما يتم.كمقتضى عهد مبرم، لا مع السلف القديم فقط ولكن أيضاً مع "نسله". وسواء كان الأمر متعلقاً بذرية ابراهيم أو بنسل داود، فان عدم أمانة الشعب وملوكه تجبر الرَب الذي نزع بركته. فإن شجرة يسى يجب أن تقطع، ولكن ينبت من أصلها ساق تكون " زرعاً مقدساً" (إشعيا 6: 13)، إذ إن الرب سوف يعود بمثابة الزارع (هوشع 2: 25، إرميا 31: 27) الذي سوف يعمر مجدداً يهوذا، هذا الشعب المجرم (إشعيا 1: 4) الذي استنزفه العقاب. وبلفظ أدق، سوف يتركَز هذا الزرع في نبت. يصبح اسمه من أسماء المسيا "هوذا الرجل الذي اسمه النبت ، إنه ينبت من ذاته" ويبني هيكل الرب (1 زكريا 6 : 12- 13).
2. كلمة الله:
بتعبير مجازي صريح ترمز البذرة إلى كلمة الله. وقد سبق إشعيا في رسالة تعزية لإسرائيل، وأنبأ عن قوة كلمة الله الفعّالة، بتشبيهها بالمطر الذي يخصب الزرع (إشعيا 55: 10-11). وإذ يلقي يسوع.بمثل الزارع، يربط واجب إنتاج الثمر لا بالحصاد. وإنما بإلقاء البذور: وبذلك يرجع بنظره إلى بداية الأزمنة الأخيرة (راجع هوشع 2: 25) التي تنشأ فعلاً في الوقت الذي يتكلم فيه. هذا هو سرّ اللقاء الاسكاتولوجي بين الزرع الإلهي وشعب الله، فإن وجب أن نكون أرضاً جيّدة، فلأن البذرة قد ألقيت مع كلمة يسوع ذاتها، وهذا يحقق أروع النجاح. ومع ذلك، فبجوار النبت الصالح الذي زرعه ابن الإنسان، هناك أيضاً إلى الزؤأن الذي يزرعه الشرير (متى 13: 24 30 و 36- 43). هذه الكلمة هي المسيح شخصيا ً الذي أراد أن يموت في الأرض حتى يخرج ثمراً (يوحنا 12: 24 و 32). لقد تعرّفت الكنيسة على تاريخها الخاص خلال أمثال يسوع، وقوّت إيمانها بنظرها مسبقاً إلى المجد النهائي، خلال البداية المتواضعة لملكوت السماوات. فحبة الخردل تصبح شجرة كبيرة (متى 13: 31 - 32 راجع حزقيال 17: 23 دانيال 4: 7-19). طبقاً للوعد المعطى لابراهيم بنسل لا عدد له كنجوم السماء. وأخيراً، نرى الكنيسة، وهي " زرع " يسوع (رؤيا 12: 17)، تقاوم التنين وتنتصر عليه، لأن المسيح مقيم فيها (1 يوحنا 9:3).

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English