سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

اليوم التاسع والثلاثون للصوم الكبير

رغبة


للإطلاع على الكلمات السابقة

7 6 5 4 3 2 1
14 13 12 11 10 9 8
21 20 19 18 17 16 15
28 27 26 25 24 23 22
35 34 33 32 31 30 29
42 41 40 39 38 37 36
49 48 47 46 45 44 43

   

 

مقدمة
إن قمة الكمال في البوذية هي أن "تقتل الرغبة". وكم تبدو شخصيات الكتاب المقدس، حتى أقربها إلى الله، بعيدة عن هذا الحلم. فالكتاب المقدس، بعكس ذلك، مليء بالصخب والتنازع بين كل أنواع الرغبات. وهو بالطبع لا يقرها كلها، فالرغبات الأكثر نقاوة ينبغي أن يجري تطهيرها جذرياً، وهي بذلك تستمد كل قوتها وتجعل لوجود الإنسان كل قيمته.
أولاً: الرغبة في الحياة
في أساس كل رغبات الإنسان يقوم فقره الأساسي واحتياجه الجذري لتكون له الحياة في الكمال وازدهار كيانه. هذه المعطيات الطبيعية تعتبر من مكونات النظام المقرر، والله يقدسها. فإن شعار ابن سيراخ: "لا تخسر يوماً صالحاً ولا يفتك حظ خير شهيّ" (سيراخ 14: 14)، لا يعبرعن الحكمة الكتابية العليا، ولكنه إن كان لم يقنن بمثابة مثل أعلى، إلا أن يسوع المسيح يفترض ذلك أساساً على الأقل، كرد فعل طبيعي لأنه إذ ضحى بحياته، فإنما "لتحيا الخراف وتفبض فيها الحياة" (يوحنا 10: 10). إن لغة الكتاب المقدس تؤكد هذا الوجود الطبيعي وهذه القيمة الإيجابية للرغبة. فإن الكثير من المقارنات تحرّك أحر الرغبات، "كما يشتاق الأيل إلى مجاري المياه" (مزمور 42: 2)،"وكما أن عني الأمة إلى يد سيدتها" (مزمور 123: 2)، أشد من انتظار الرقباء للصبح" (130: 6)، "تسمعني سروراً وفرحاً" (51: 10). وفي أكثر من مرة في الأنبياء وصاحب سفر التثنية ينسون وعيدهم أو وعودهم على الأماني الثابتة للإنسان: أن يزرع وأن يبني وأن يتزوج (تثنية 28: 30، 20: 5- 7، عاموس 5: 11، 9: 14، إشعيا 65: 21)، حتى الشيخ الذي "أراه الله مضايق كثيرة وشديدة"، ينبغي ألا يصرف النظر عن ترقبه مجيء الله أيضاً "ليزيد في قدره ويرجع فيعزّيه" (مزمور 71: 20- 21).
ثانياً: انحرافات الرغبة
ولأن الرغبة شيء أساسي لا يمكن اقتلاع جذوره، فقد تكون بالنسبة للإنسان محنة مستمرة ومحفوفة بالخطر. وإن كانت حواء قد خطئت فلأنها استسلمت لإغراء الثمرة المحرمة، التي "كانت طيبة المأكل، وشهية للعيون، ومنية للعقل" (تكوين 3: 6). ولأنها هكذا رضخت لرغبتها، ستكون المرأة من ثم ضحية هذه الرغبة التي تدفعها نحو زوجها، وستخضع لناموس البعل (3: 16). ففي الإنسانية تكون الخطيئة بمثابة رغبة متوحّشة رابضة للانقضاض، فينبغي أن يحكم ضبطها بكل قوة (4: 7). إن هذه الرغبة الهائجة هي الجشع أو الشهرة، "شهوة الجسد، وشهوة العين، وكبرياء الغنى" (1 يوحنا 2: 16، راجع يعقوب 1: 14- 15)، وسيادتها على الإنسانية، أنها هي العالم، ملكوت الشيطان. ولأن الكتاب المقدس يعرض تاريخ الإنسان، فهو مليء بالرغبات العارمة التي تعصف بالخاطئ. وباعتباره كلمة الله، يورد في فصوله وصف عواقب الرغبات الوخيمة. ففي البريّة، نجد شعب إسرائيل يتألم من الجوع، وبدلاً من أن يتغذى بالإيمان في كلمة الله (تثنية 8: 1- 5)، فهو لا يفكر إلا في البكاء والنحيب على لحوم مصر، ويوجه اهتمامه إلى السمان. وهكذا يهلك الآثمون، ويذهبون ضحية مطامعهم (عدد 11: 4-34). ويخضع داود لشهوته ويأخذ بتشاج امرأةً له (2 صموئيل 11: 42)، وبذلك تدلى سلسلة من الخطايا وصنوف الدمار. ونجد آحاب يقضي بإعدام نسله لأنه رضخ إلى نصيحة ايزابل ونهب كرم نابوت (1 ملوك 21). والشيخان يرغبان في سوسنة حتى إنهما يفقدان العقل (دانيال 13: 8 و 20)، ويدفعان ثمن هذه الخطيئة بحياتهما. وبشكل قاطع إذ تخاطب الشريعة القلب، مصدر الخطيئة، تحظّر الرغبة الآثمة: "لا تشته بيت... امرأة... قريبك... " (خروج 20: 17). وسيعود المسيح فيكشف مرمى هذا المطلب الضروري، ولكنه لا يخلقه (متى 5: 28).
ثالثاً: تحوّل الرغبة
إن التجديد الذي حققه الإنجيل هو أولاً في محاولة استخلاص ماكان مغلّفاً في العهد القدبم، واخراجه بوضوح كلي: "ان ما ينبعث من القلب هوما ينجس الإنسان " (متى 15: 18). ثم يعلن الإنجيل خاصة كأمر أكيد، التحرر من الشهوات التي كانت تكبل الإنسان بالسلاسل. فهذه الأطماع، "هذا الجسد ينزع إلى الموتِّ " (رومة 8: 6). ولكن المسيحي الذي يفوز بروح الله يستطيع أن يسلك " سبيل رغبة الروح "، وأن "يصلب جسده وما في فيه من أهواء وشهوات" (غلاطية: 24، را جع رومة 6: 12، 13: 14، أفسس4: 22) بحيث ينقاد "سالكا سبيل الروح (غلاطية 5: 16). إن "رغبة الروح" وقد حررها المسيح. كانت قائمة من وقتها في الشريعة التي هي "روحية" بطبيعتها (رومة 7: 14). و إن كل تحرّك العهد القديم هو رغبة عميقة عند الله وخلال الرغبة في اكتساب الحكمة (أمثال 5: 19. سيراخ 1: 20) والحنين إلى أورشليم (مزمور 137: 5). و بدافع الرغبة في الصعود إلى المدينة المقدسة (128: 5) وإلى الهيكل (121: 1)، والرغبة في معرفة كلمة الله خلال كل صورها (119: 20 و131 و 174) " إنما تجري في العمق رغبة تستقطب كل الطاقات وتمكن من كشف النقاب عن الأوهام والتقليدات المزيفة (راجع عاموس 5: 18. إشعيا 58: 2)، ومن التغلب على كل الخداعات، وهي الرغبة الوحيدة في الله: "من لي في السماء غيرك؟ وعلى الأرض لم أبغِ معك أحداً، قد فني جسدي وقلبي، الله هو صخرة قلبي وحظي إلى الإبد " (مزمور 73: 25 -26 راجع 42: 2، 63: 2).
رابعاً: رغبة في الإتحاد
وإذا كان في مقدورنا أن نرغب في الله أكثر منا في كل شيء في العالم، فإنما ذلك يكون بالإتحاد برغبة يسوع المسيح فالمسيح يتملكه شوق ملتهب وقلق لن يهدأ إلا في عماده وآلامه (لوقا 12: 49-50)، أي رغبته في أن يرفع المجد إلى الآب (يوحنا 17: 4)، وأن يظهر للعالم إلى أي حد يستطيع أن يحبه (14: 30- 31). ولكن رغبة الابن هذه الهادفة نحو الآب، لا يمكن فصلها عن الرغبة التي تدفعه نحو أخصّائه وذويه، وتجعله وهو يقبل على آلام الفداء، يقول: "اشتهيت أن أتناول عشاء هذا الفصح قبل أن أتالم" (لوقا 22: 15). إن هذه الرغبة الإلهية في الإتحاد مع البشر، "أنا على قرب منه وهوعلى قرب مني " (رؤيا 3: 20)، تشير في العهد الجديد صدى عميقاً. فان الرسائل البولسية بوجه خاص، مليئة برغبة الرسول نحو" الأخوة الذين يحبهم ويودهم " (فيلبي 4: 11)، وهو "شديد الحنان عليهم جميعاً في قلب يسوع المسيح " (1: 8) وهي رغبة مليئة بفرح بولس عندما يشعر. خلال شهادة تيطس، " بالشوق والحمية" نحوه من جانب أهل كورنتس (2 كونتس 7: 7)، مما هو الثمرة الأكيدة لعمل الله (7: 11). إن هذه الرغبة هي وحدها كفيلة بأن توازن رغبة بولس الجوهرية؟ الرغبة في المسيح، وبدقة أكثررغبة الأتحاد به، "الرغبة في الذهاب ليكون مع المسيح" (فيلبي 1: 23). فى أن "يقيم في جوار الرب" (2 كورنتس5: 8). إن صرخةَ " إنسان الرغبة"، ونداء الروح والعروس هيا تعال " (رؤيا 22: 17). ذلك أن رغبة الإنسان الجديد، المعمد في موت وقيامة المسيح، تجد كل غزدهلرها في رجاء الإتحاد بالله. الذي يتخلل كل فصول الكتاب المقدس .

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English